استبشر العمانيون خيراً بعد صدور المرسوم السامي رقم 26/2011، والذي يقضي بإنشاء "الهيئة العامة لحماية المستهلك"، والذي أتى كدليل أكيد على الاهتمام السامي بكل ما من شأنه توفير العيش الكريم لأبناء هذا البلد، وكذلك للحاجة الماسة والملحة لوجود مثل هذه الهيئة للقيام بأدوار توعوية ودفاعية، من خلال التوعية بثقافة الاستهلاك لدى المجتمع، ومواجهة العديد من القضايا المتعلقة بالغلاء المعيشي، ومحاربة الاحتكار والغش وغيرها.
وبما أن الهيئة مازالت في مراحل وضع لبناتها الأولى، فإنه من المهم طرح بعض التساؤلات المهمة المتعلقة بعملها في المرحلة القادمة، ومن بين هذه التساؤلات : ما الأهداف التي تسعى الهيئة إلى تحقيقها، وهل تقتصر تلك الأهداف على مراقبة أسعار السلع الاستهلاكية، والحد من ظاهرة الغلاء المعيشي فقط؟ أم ستتعداها لتحقيق أهداف أكثر شمولاً ؟ وما آلية العمل الذي ستقوم بها الهيئة نحو تحقيق أهدافها؟وما نوعية الموظفين الذين سيلتحقون بالعمل في الهيئة؟ وهل هم موظفين عاديين يتم اختيارهم بشكل روتيني من بين قوائم الباحثين عن عمل ، أم أن هناك مواصفات معينة مطلوبة ينبغي على الملتحق بالعمل في الهيئة أن يمتلكها؟ وهل ستوجد لدى الهيئة الصلاحيات الكافية التي ستمكنها من تحقيق أهدافها دون الاصطدام بمصالح البعض، ودون وجود خطوط حمراء تعيقها نحو التقدم لتحقيق تلك الأهداف؟ وهل ستكون هناك ازدواجية مع جهات حكومية أخرى في تنفيذ بعض الأعمال ؟ وهل سيكون للمواطن دور في عمل الهيئة بحكم أنه الأقرب للواقع، والأكثر حرصاً على التصدي لكل ما من شأنه أن يضر بحياته المعيشية، خاصة وأن كثير من جمعيات حماية المستهلك في العديد من الدول هي جمعيات أهلية تحظى بدعم حكومي، أثبت كثير منها نجاحات عديدة ساهمت في تحسين الوضع المعيشي للمستفيدين من تلك الجمعيات.
أو بالأحرى :ماذا ينتظر المجتمع من هيئة حماية المستهلك؟
برأيي أنه من المهم أن تقوم الهيئة في أقرب وقت بتنظيم برنامج إعلامي يشتمل على ندوات متنقلة، وموضوعات صحفية مسجلة، وحوارات تلفزيونية وإذاعية، وتدشين موقع إلكتروني للهيئة، وذلك للإجابة على التساؤلات السابقة، وعلى غيرها من التساؤلات التي تطرح في الشارع، كي يكون الكل على بينة من الأهداف التي ستسعى الهيئة إلى تحقيقها، و الخطوات التي ستتبعها لتحقيق هذه الأهداف، والدور الذي ينبغي على المواطن القيام به لمساعدة الهيئة في تحقيق هذه الأهداف.
وفي سبيل رغبتي في التعريف ببعض المهام التي ينبغي على هيئة حماية المستهلك القيام بها، فقد قمت بالاطلاع على عدد من اللوائح والقوانين المتعلقة بتنظيم أعمال هيئات وجمعيات حماية المستهلك في عدد من الدول المختلفة، ذلك أن الاطلاع على تجارب الآخرين من شأنه أن ينوع الخيارات، ويقدم خلاصات تجارب تلك الدول في هذا المجال، ومن بين الأهداف التي ينبغي على الهيئة أن تعمل على تحقيها ما يلي: المساهمة في نشر ثقافة الاستهلاك، ذلك أن جزء من المشكلة التي يعانيها المجتمع تتمثل في ضعف الثقافة الاستهلاكية لدى قطاع كبير من المجتمع، ويتجلى هذا الأمر في كثير من المظاهر الدخيلة على المجتمع في مجالات اللبس ونوعيات الأكل،وغيرها، وكذلك اللامبالاة من قبل البعض أما جهلاً أو تعمداً، عند قيامهم بشراء منتج معين، كعدم الاهتمام بقراءة بيانات المنتج ومدى صلاحيته، أو الاهتمام بفاتورة الأسعار المصاحبة، أو شراء بعض الأصناف بكميات مبالغ فيها، أو عدم الرغبة في الدخول في نقاش معين مع مقدمي بعض السلع والخدمات عند إحساس هذا المستهلك بوجود خطأ ما، أو محاولة تلاعب من قبل مقدم هذه الخدمات. وأيضاً عدم تناسب الظروف الاقتصادية أو الاجتماعية للبعض مع رغبتهم في امتلاك بعض الكماليات أو الضروريات، كبناء المنازل الفخمة ،أو اقتناء السيارات الفارهة، أو تغيير بعض الكماليات من وقت قصير لآخر، لمجرد التباهي ، أو بسبب الرضوخ لضغط مجتمعي معين، وهذا بالطبع يؤثر على الوضع المادي للفرد، ومن ثم يمتد تأثيره على الوضع الاقتصادي للبلد بشكل عام، لذا فإن التوعية السليمة من خلال عرض التجارب السلبية والايجابية لشرائح من المجتمع في هذا المجال،ونتائج التأثيرات السلبية لبعض العادات على الوضع الاقتصادي للمجتمع والدولة ككل، واستقراء بعض عادات المجتمع العماني الأصيلة في مجال التكافل الاجتماعي، وآلية توفير المئونة المنزلية الأساسية في البيت العماني سابقاً، من شأنه أن ينعكس إيجابا على ثقافة المستهلك العماني، وبالتالي الحد من كثير من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها المجتمع حالياً بسبب ضعف هذه الثقافة .
ومن الضروري وجود مكاتب قانونية في فروع الهيئة التي ستغطي محافظات ومناطق السلطنة، ذلك أن وجود قانونيين متخصصين من شأنه أن يقدم للمستهلك النصائح الصحيحة التي تمكنه من التعامل مع بعض الجهات التي تستغل جهل هذا المستهلك، وتعرفه كذلك على آلية الشراء، والتعامل مع المنتجات المختلفة، كما يمكن لهذه المكاتب أن تتلقى شكاوى المستهلكين المتعلقة بالاحتيال والغش والتلاعب في السلع أو الخدمات والمغالاة في أسعارهما ، ومتابعتها، للحفاظ على مصالحهم، وبالتنسيق مع الجهات الرسمية، ويمكن للهيئة أن تمثل المستهلكين في بعض القضايا المرفوعة تجاه أية جهة ما شعر المستهلك بأنها قد قدمت له خدمة ساهمت في إلحاق الضرر به.
كما أن على الهيئة مكافحة تضليل المستهلك عبر الإعلانات التي تقدمها بعض المؤسسات والشركات التجارية والمالية في وسائل الإعلام المختلفة ،والتي تقدم معلومات غير حقيقية عن منتجات معينة، كإعلانات البنوك، أو وكالات السيارات،والعقارات بأنواعها أو تؤثر على صحتهم، كالإعلانات المروجة لفعالية بعض الأدوية، و السجائر، والأغذية السريعة المشبعة بالدهون، والمشروبات الغازية، وغيرها، ويمكن للهيئة هنا أن تطالب من الجهات المختصة منع ظهور بعض الإعلانات في الوسائل الإعلامية التي تخاطب شرائح بعينها كالأطفال مثلاً، أو في بعض أوقات البث الإعلامي المرئي أو المسموع، خاصة إذا ما علمنا التأثير الكبير الذي تمارسه الإعلانات على ثقافة المستهلك، وبالتالي ظهور كثير من الأضرار التي ينتقل أثرها إلى المجتمع بشكل عام.
كما أن من الأعمال المهمة التي ينبغي على الهيئة القيام بها،عمل مسح ومقارنة لأسعار المنتجات المختلفة، والقيام بعرض أسعار هذه المنتجات بشكل يومي أو دوري، من خلال موقع الهيئة الإلكتروني، ووسائل الإعلام المختلفة، كي يكون المستهلك على بينة بها، وكذلك التأكد من صحة البيانات الخاصة بها، والتي تحدد محتواها، بحيث تكون هذه المنتجات مطابقة للمواصفات القياسية والمتطلبات الصحية والبيئية والسلامة والأمان الخاصة بها. وللهيئة إصدار القرارات أو تقديم التوصيات بحظر استيراد أو تصدير أو بيع أو عرض بعض المنتجات التي قد تشكل خطورة على سلامة المستهلك، ومن الضروري أن تتوافر لديها الإجراءات القانونية التي تمكنها من اتخاذ الإجراءات الوقائية للحد من مخاطر هذه السلع وبما يتفق مع الاتفاقيات الدولية للسلامة المهنية .
كما أنه من المهم وجود فريق فني متخصص يقوم بإعداد الدراسات والبحوث ، وعقد المؤتمرات والندوات والدورات ، وإقامة المعارض ذات العلاقة بنشاط حماية المستهلك ، ونشر نتائج تلك الدراسات والبحوث أولاً بأول ، وكذلك تقديمها للجهات الحكومية كل حسب اختصاصه، وذلك للوقوف على المشاكل التي تتعلق بحقوق ومصالح المستهلكين، وتقديم المقترحات لعلاجها.
ومن الضروري لعمل الهيئة أن يكون لها خطة عمل مشتركة مع عدد من المؤسسات الحكومية الأخرى، كالتربية والتعليم في مجال توعية النشء بالمبادئ الأساسية لثقافة المستهلك، من خلال عدد من الأنشطة والبرامج والمسابقات، أو تضمين بعض الدروس والأنشطة في المنهاج، وكذلك مع وزارة الإعلام من خلال إيجاد مساحات إعلامية كافية للقيام بالتوعية الاستهلاكية، ومع وزارة التنمية الاجتماعية من خلال حصر الفئات ذات الدخول المتدنية، أو بعض الفئات الأخرى كالأيتام والأرامل والمعوقين، لإيجاد آلية لمساعدتهم على مواجهة كثير من القضايا المتعلقة بالغلاء المعيشي من خلال وسائل عدة، كتوفير بطاقات تموين محددة لهم، يتم من خلالها حصول هذه الفئات على السلع الأساسية بأسعار مخفضة، والتنسيق مع عدد من المؤسسات والشركات التجارية الأخرى لتقديم خدمات خاصة لها، أو اقتراح إنشاء محلات تجارية حكومية تقوم بتوفير السلع الاستهلاكية الأساسية بأسعار مناسبة، كما هو الحال في بعض الدول.
كما أنه من المهم وجود فريق فني متخصص يقوم بإعداد الدراسات والبحوث ، وعقد المؤتمرات والندوات والدورات ، وإقامة المعارض ذات العلاقة بنشاط حماية المستهلك ، ونشر نتائج تلك الدراسات والبحوث أولاً بأول ، وكذلك تقديمها للجهات الحكومية كل حسب اختصاصه، وذلك للوقوف على المشاكل التي تتعلق بحقوق ومصالح المستهلكين، وتقديم المقترحات لعلاجها.
ومن الضروري لعمل الهيئة أن يكون لها خطة عمل مشتركة مع عدد من المؤسسات الحكومية الأخرى، كالتربية والتعليم في مجال توعية النشء بالمبادئ الأساسية لثقافة المستهلك، من خلال عدد من الأنشطة والبرامج والمسابقات، أو تضمين بعض الدروس والأنشطة في المنهاج، وكذلك مع وزارة الإعلام من خلال إيجاد مساحات إعلامية كافية للقيام بالتوعية الاستهلاكية، ومع وزارة التنمية الاجتماعية من خلال حصر الفئات ذات الدخول المتدنية، أو بعض الفئات الأخرى كالأيتام والأرامل والمعوقين، لإيجاد آلية لمساعدتهم على مواجهة كثير من القضايا المتعلقة بالغلاء المعيشي من خلال وسائل عدة، كتوفير بطاقات تموين محددة لهم، يتم من خلالها حصول هذه الفئات على السلع الأساسية بأسعار مخفضة، والتنسيق مع عدد من المؤسسات والشركات التجارية الأخرى لتقديم خدمات خاصة لها، أو اقتراح إنشاء محلات تجارية حكومية تقوم بتوفير السلع الاستهلاكية الأساسية بأسعار مناسبة، كما هو الحال في بعض الدول.
كما أن على الهيئة التعاون مع الهيئات واللجان الدولية ذات العلاقة بحماية المستهلك ،وذلك للوقوف على الأنشطة والبرامج التي تقوم بها تلك الهيئات واللجان، ومعرفة الجديد الذي تقوم به في مجال حماية المستهلك.
وعلى الهيئة ألا تغفل الدور الذي ينبغي على المواطن تقديمه من أجل مساعدتها على القيام بأعمالها، وبالتالي تحقيق أهدافها، ذلك أن المواطن هو المستهدف من هذه الخدمات، وهو الأقرب للحكم على مدى نجاح وفاعلية الأدوار التي تقوم بها الهيئة، لذا فمن المهم إيجاد التواصل معه من خلال موقع الهيئة الالكتروني، أو من خلال المساحات الإعلامية الأخرى المقروءة والمسموعة والمرئية، والاهتمام بملاحظاته المختلفة، والأخذ بمقترحاته، وكذلك الأخذ برأيه في بعض السياسات أو الدراسات، والتوصل إلى آلية عمل مشتركة بين الطرفين نحو الإبلاغ والتصدي لبعض مظاهر الاحتيال أو الغش أو الاحتكار التي قد يقوم بها بعض مقدمي السلع والخدمات.
ختاماً.. يمكن للهيئة العامة لحماية المستهلك أن تقوم بأدوار ايجابية من شأنها أن تغير من كثير من جوانب الثقافة الاستهلاكية السلبية لدى بعض شرائح المجتمع، وأن تسهم في تحقيق شيء من الاستقرار الاقتصادي للمجتمع، متى ما اتضحت الأهداف الفعلية التي تسعى الهيئة لتحقيقها، ومتى ما توافرت الإمكانات المالية والضمانات التشريعية التي تمكنها من تحقيق أهدافها، ومتى ما تم اختيار العناصر الوظيفية المناسبة التي تعي أهمية الدور المنوط بالهيئة، والتي لديها من الخبرات القانونية أو الإعلامية، أو في مجال العمل المجتمعي، ما يساعد الهيئة على القيام بدورها على أكمل وجه، ومتى ما أتيح للمواطن أن يسهم بفعالية في هذا المجال، ويطلع بواقعية على أعمال الهيئة وانجازاتها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.