الاثنين، 30 يناير 2012

عذراً..عبد الله خميس


جريدة الرؤية - الثلاثاء 31/1/2012م
عذراً صديقي عبد الله خميس.أعلم أنك تنتظر مني مقالاً يتناول قضية فكرية أو  اجتماعية أو اقتصادية محلية، أو تحليلاً لوضع سياسي راهن، ولكني سأخذلك هذه المرة،ولن أحقق لك ما تريد، برغم أني كنت قد شرعت بالفعل في الكتابة حول إحدى تلك القضايا، فالخبر الذي سمعته بالأمس أصابني  بحالة من الانفصام الفكري ،وحرمني  من الحصول على نوم هنيء، وجعل الكوابيس تعوي في داخلي طوال ساعات الليل الذي حسبته من فرط سواده أنه لن ينتهي.

الخبر يقول : قام عدد من (شبيحة) النظام بإحراق منزل  الطبيب السوري  (معد طايع ) المعتقل منذ شهور، واستشهد أطفاله الأربعة عز الدين (10) سنوات، وتقي (8) سنوات، وعيسى (4) سنوات، وحمزة البالغ من العمر ثمانية أشهر.

تسألني من هو معد طايع هذا؟ لا أعرفه يا صديقي، ولم أسمع عنه من قبل، ولا يهمني انتماؤه الفكري أو الديني أو السياسي، كل ما أعلمه أنه إنسان، من حقه أن يعبر عما يراه ، ومن حق الآخرين أن يوفروا له ما يمنحه حرية التعبير  دون أن يروا فيها انتقاصاً لحقوقهم، أو تقليلاً من مكانتهم.

تر ى أين هو الآن؟ في أي جحر تحت الأرض قد أخفوه؟ هل انتهوا من قلع كامل أظافره ؟ وهل تبقت شيئاً من أسنانه؟وهل أطفئوا أعقاب السجائر في عينيه؟  ولماذا تم اعتقاله وهو الذي لم يكن يوماً ما من المتاجرين في المخدرات، أو المتلاعبين في أسعار البورصة، أو الناهبين  لأراضي الدولة. كل جريرته فقط أنه  كان يجاهد كي يبحث لأطفاله عن وطن حر يعيشون فيه بحرية وكرامه. هل هذا يستوجب كل ما حدث له؟

هل تعتقد يا عزيزي  أنه تلقى خبر استشهاد أبناءه  أم لا؟ وماذا سيكون رد فعلك لو كنت مكانه وعلمت بما حدث؟ هل ستصرخ في وجه جلاديك متهماً إياهم بالقسوة والوحشية؟ أم ستحتسبهم عند الله وستعتبر ما حدث ضريبة دفعها قبلك كثير من الباحثين عن الحرية والكرامة والإنسانية؟

بل ماذا ستفعل لو حاصرتك ذكرياتك معهم. لو تذكرت ابتسامة (حمزة )البريئة وهو يلهو بجوارك أو يوقظك من نومك في براءة كي تلعب معه؟ وكيف ستقاوم صدى عبارة (عيسى) وهي ترن في أذنيك " بابا حبيبي"، وكيف ستتلاشى من أمامك دهشة (تقي) وأنت تشرح له معنى كلمة وطن، وكيف ستغيب أحلام (عز الدين) عن خاطرك وهو الذي كان يتمنى أن يصبح طبيباً مثل والده يخفف آلام المرضى، ويعالج أجسادهم المنهكة.

عزيزي عبد الله..ألم ترق قلوب أولئك المتوحشين وهم يسمعون صرخات الأطفال الأربعة وهي تتلاشى وسط النيران؟أم أنهم فعلوها خلسة ثم هربوا؟وهل استمتعوا بطعم الشاي أو (الزهورات) وهم يراجعون تفاصيل ما قاموا به من عمل بطولي يصب في مصلحة الوطن والحفاظ عليه من الخونة والإرهابيين؟ وهل ناموا ملء أجفانهم في تلك الليلة؟ ترى هل هم الضحية أم الجلاد؟

كعادتهم بعد كل جريمة، سيبحثون عن مبرر لما حدث، وقد يقولون إن  سبب الحريق هو ماس كهربائي حدث نتيجة خلل فني داخل جهاز التدفئة، ولكن لا تصدقهم يا صديقي، فقد مللنا مثل هذه المبررات التي تساق في مواقف كهذه.
أجبني يا عبد الله : لماذا تصل القسوة بالبعض إلى حد (إزهاق النفس التي حرم الله إلا بالحق)؟ أكل هذا من أجل كرسي دوار قد يذهب لغيرك الآن أو لاحقاً؟ملعون هذا الكرسي الذي يجعل البعض مستعداً لإزهاق أرواح ينبغي أن يكون مسئولاً عن الحفاظ عليها، وزائف هو الفكر المأجور الذي سيبرر له كل ما يفعله

لماذا يا صديقي يفعلون ذلك؟ لماذا يعذب الإنسان أخاه الإنسان؟  هل يفعل ذلك عن غل أ عدوانية أو رغبة في الإيذاء؟ أم أنه يفعل ذلك لأنه يراه أمراً طبيعياً فطر عليه ؟هل هؤلاء الناس بالفعل بشر عاديون مثلنا لكنهم بفعل الممارسة  وإطاعة الأوامر تم نزع الضمير منهم شيئاً فشيئاً حتى أصبحوا وحوشاً ضارية؟ وهل تجدي مناشدة هؤلاء الوحوش أم أنها تسعدهم أكثر باعتبارهم مرضى نفسيين؟

هل قرأت يا صديقي وأنت المهتم بقضايا المسرح عن مسرحية بعنوان "دماء على ملابس السهرة" للكاتب المكسيكي (انطونيو باييخو)، والتي تدور حول العذاب النفسي الذي يقاسيه أحد الجلادين المتقاعدين، وكيف استحالت حياته جحيماً بفعل استيقاظ كل الصور البشعة داخل نفسه واقتحامها صحوه ومنامه..صور الدماء والعظام المهشمة والجلود المسلوخة وارتجاف الضحايا وصرخاتهم.

ترى هل ستتشوه نفوسهم يوماً ما؟ وهل سينجون مما فعلوه؟وهل ستلتقط نفوسهم ما اقترفوه وتسجله عليهم وستطالبهم بتسديد الحساب مهما طال الزمن،  كما يعتقد الأديب المبدع (محمد المخزنجي ) في مقالته "أمة تمشي على أربع"؟

 وهل التقطت أذنك أبياتاً قالها المبدع صلاح جاهين يوماً ما:
"كل يوم أسمع فلان عذبوه..
أسرح في لبنان والجزاير وأتوه..
ماعجبش م اللي يطيق بجسمه العذاب..
وأعجب من اللي يطيق يعذب أخوه..
عجبي"

لماذا أصبحت أخبارنا لا تحمل سوى رائحة الدم؟ولماذا أصبح صوت البندقية أعلى دوياً من زقزقة العصافير ، ولماذا نحــينا مصطلحات كالحب والود والسلام والصفاء والتسامح والتعايش السلمي جانباً؟و غدا التلوث، والمجاعة، والتسلح النووي، والفقر، وغلاء المعيشة هي العناوين العريضة لعناويننا اليومية التي نصبح ونمسي عليها.لماذا كل ذلك؟ألم يأمرنا الله بأن نعمر الأرض؟ فلماذا نصر على تحويلها إلى ركام ؟

أنا متعب يا صديقي مما يحدث،وأفكاري تعبت معي كذلك..هل قالها قبلي نزار ؟ كان يتحدث عن قصائده ولكن أليست القصيدة هي في الأساس فكرة؟
عذراً صديقي.. عزائي أنك قد تجد لهلوستي ما يبررها، فأنا في حالة انفصام عن الواقع لا تسمح لي بمجرد التفكير في الكتابة، حتى أجد خبراً مفرحاً يعيد لي شيئاً من توازني، فهل أجد لديك طاقة فرح تبدد ما لدي من حزن؟

أرجوك يا عبد الله ، لا تقل لي إن خبراً  كهذا نسمعه كل يوم،واعتادت عليه عيوننا وآذاننا، فلماذا ترهق نفسك في التفكير فيه. ولا تنصحني بإغلاق التلفاز، والكف عن قراءة الصحف، والاستمتاع بفعاليات المهرجان المتنوعة، أو الذهاب إلى أقرب صالة عرض سينمائية لمشاهدة فيلم (أكشن)  وصل تواً، أو التفرغ للعب (الطاولة) أو (الدومينو) في أقرب مقهى، فأنا لست في النهاية سوى  كتلة مشاعر بشرية، ينبغي أن  تتأثر بما يحدث حولها، تفرح لفرح الآخرين وتحزن لحزنهم. 

سؤال أخير يا صديقي:هل تعتقد أساساً أن (معن طايع) ما زال حياً يرزق؟ شخصياً أشك في ذلك.
د.محمد بن حمد العريمي
Mh.oraimi@hotmail.com

الجمعة، 27 يناير 2012

مواقف حياتيــة (18)

جريدة عمان - الخميس 26/1/2012
هذه مواقف حياتية نصادفها يومياً.. نعرضها ليس من باب النقد، ولكن من أجل أن تكون الرؤية أكثر جمالاً ووضوحاً.
(1)
يعد مشروع "دار الحنان" والكائن خلف المستشفى السلطاني، أحد المشاريع الخيرية للجمعية الأهلية لمكافحة السرطان، ونموذجاً مشرفاً للعمل الاجتماعي التطوعي بالسلطنة.
خدمات عديدة يوفرها هذا المشروع الخيري الهام  للأسر المرافقة للمصابين بالسرطان في المستشفى السلطاني في ظل الحديث عن مركز واحد فقط لعلاج أورام السرطان في السلطنة، ومن بين هذه الخدمات توفير السكن والتغذية المناسبة ، والتأكد من إتباع المرضى لجدول العلاج الكيميائي والإشعاعي للمرضى غير المقيمين، وغيرها من الخدمات المادية والمعنوية التي يصعب حصرها هنا، ويمكن لكم أن تتخيلوا معاناة هؤلاء المرافقين عندما يأتون من أماكن بعيدة، ثم يضطرون إلى الاستئجار مرة، وإلى المبيت في بعض المساجد، أو على مداخل المستشفيات في أحيان كثيرة، ترغمهم ظروف علاج أبنائهم على ذلك.
كثير من المشاريع الخيرية المهمة بانتظار مبادرات تطوعية من لدن كثير من رجال الأعمال الذين أعطتهم هذا البلد الشيء الكثير، وحان الوقت لكي يردوا (شيئاً) من هذه العطاءات.
شكراً جزيلاً للجمعية الأهلية لمكافحة السرطان على هذا المشروع الخيري، وشكراً كذلك للصحفية النشيطة جميلة الجهورية التي أعجبت كثيراً بتغطيتها الرائعة لهذا المشروع.
(2)
أكثر من نصف ساعة قضيتها منتظراً دوري في الطابور الطويل كي أصل إلى (كاونتر) المحاسبة في أحد المجمعات التجارية الكبيرة، عشية ليلة نزول الراتب الشهري.
خلال وقت انتظاري جلست أتأمل العربات المتراصة جنبي، والمحملة بكل ألوان الطيف من مشتريات متنوعة، علني أجد مبرراً لهذا التهافت على الشراء، فهالني أن كثيراً من هذه المشتريات هي ليست بذات أهمية كبيرة، وبالإمكان الاستغناء عنها، كما أن بعضها كان بالإمكان شراءها بنظام المفرد دون الجملة، وتوصلت إلى قناعة مفادها أننا يمكن أن نوفر مبالغ لا بأس بها كل شهر لو قمنا بمراجعة سياستنا الاستهلاكية المتبعة، وتحديد مسبق لما نحتاجه من بنود صرف مختلفة.
(3)
ليلة البارحة صادف "كلاسيكو" العالم بين فريقي ريال مدريد وبرشلونة، وصادف  كذلك ذكرى سقوط مملكة غرناطة آخر معقل للمسلمين في الأندلس في أيدي النصارى القشتاليين عام 1492م.
ترى أي الحدثين كان أقرب إلى ذاكرة شبابنا بالأمس؟؟ وهل سمعوا أصلاً بالأندلس المفقود وغرناطة وقصر الحمراء وبقايا مجد عتيق للمسلمين هناك، وهل بكوا تأثراً بما حدث للمسلمين هناك من (محاكم تفتيش) رهيبة، كبكائهم على هزيمة فريقهم المفضل أمام منافسة، أو كتأثرهم بضياع فرصة خطيرة لنجمهم المحبوب؟ وماذا تعني لهم أسماء كعبد الرحمن الداخل والناصر وزرياب وابن رشد وابن حزم وابن زهر وابن جبير وابن عباد وابن زيدون، في مقابل أسماء كميسي وجوارديولا وتشافي وانيستا وكاسياس  ومورينهو وغيرهم؟
 (4)
برنامج (هذا الصباح )هو أحد البرامج الجماهيرية المباشرة المهمة التي تقدمها إذاعة سلطنة عمان، وهو  يعُنى بما تقوم به المؤسسات الحكومية من خدمات وما تبذله من جهود لخدمة الوطن والمواطن وبالتواصل مع المستمعين وعرض آرائهم ومطالباتهم الخدمية والتنموية وردود المسئولين عليها، كما يتابع البرنامج الفعاليات والأنشطة التنموية والثقافية.
في ظل الحديث عن أهمية هذا البرنامج، ودوره في طرح العديد من القضايا المجتمعية المهمة، أتساءل : لماذا الإصرار على بثه عبر برنامج الشباب، وليس على إذاعة البرنامج العام، في ظل عدم وصول تغطية برنامج الشباب إلى كافة الولايات في السلطنة، وتشويشها في بعض الولايات الأخرى؟
(5)
احتفل المصريون بالأمس بالذكرى السنوية الأولى لثورة (25) يناير، وقبلها بيوم تم افتتاح أول برلمان بعد الثورة ،والذي شهد مشاركة واسعة من قبل أطياف الشعب المصري المختلفة ، وضم كل القوى السياسية بكل ألوان الطيف.
مصر (الحبيبة) تستحق أخيراً أن تنعم بالاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، فهذا البلد كان (معطاءاً) على مر العصور، وتدفق الخير من أيادي أهلها كتدفق النيل في أراضيها.
لن ينس العرب والمسلمون لمصر تصديها لخطر المغول في عين جالوت، ولا كسوة الكعبة التي كان تجوب المدن والقرى والنجوع المصرية ، يشارك فيها الفقير قبل الغني، و لن ننس البعثات التعليمية التي جابت المدن والقرى العربية تنشر نور العلم، في ظروف اجتماعية واقتصادية كان (ابن البلد) نفسه  لا يستطيع تحملها، ولا آلاف المنح التعليمية التي قدمتها مصر لأبناء العروبة والإسلام للالتحاق بمدارسها وجامعاتها ومعاهدها، تحفهم الرعاية والاهتمام حالهم كحال أبناء البلد أنفسهم دون تفرقة، ولن تنس مجاهل أفريقيا وأدغال آسيا بعثات الأزهر التنويرية، تحاول نشر الإسلام الصحيح، وتغيير بعض المفاهيم الخاطئة التي التصقت بالإسلام نتيجة الفقر والجهل والاستعمار ، ولا يمكن  كذلك تجاهل  كثيراً من المواقف السياسية المهمة التي اتخذتها القيادات المصرية في القضايا السياسية المفصلية التي تهم المنطقة، أو دعمها لحركات التحرر من الاستعمار في دول العالم المختلفة.
لكم أيها (المصريون ) كل الود، فطيبة قلوبكم، وخفة دمكم، وتسامحكم مع ضيوفكم، كلها عوامل تضاف إلى ما سبق كي تعزز من مكانتكم في قلوبنا، فمن منا لم تؤثر مصر فيه؟

(6)
مما قاله الشاعر حافظ إبراهيم في وصف مصر:                                  
وَقَفَ الخَلقُ يَنظُرونَ جَميعاً 
                  
كَيفَ أَبني قَواعِدَ المَجدِ وَحدي
وَبُناةُ الأَهرامِ في سالِفِ الدَهر 
                  
 كَفَوني الكَلامَ عِندَ التَحَدّي
أَنا تاجُ العَلاءِ في مَفرِقِ الشَرق
                  
وَدُرّاتُهُ فَرائِدُ عِقدي
أَيُّ شَيءٍ في الغَربِ قَد بَهَرَ الناسَ
                  
جَمالاً وَلَم يَكُن مِنهُ عِندي
فَتُرابي تِبرٌ وَنَهري فُراتٌ 
                  
وَسَمائي مَصقولَةٌ كَالفِرِندِ




د.محمد بن حمد العريمي
Mh.oraimi@hotmail.com





الأربعاء، 25 يناير 2012

برلمان الثورة ..الواقع والتحديات


جريدة الرؤية - الأربعاء 25/1/2012م

أكتب مقالي هذا قبل ساعات على بدء أعمال أولى جلسات أول برلمان بعد الثورة المصرية، والذي شهد مشاركة واسعة من قبل أطياف الشعب المصري المختلفة، وأسفرت نتائج انتخاباته عن فوز كاسح للقوى الإسلامية المتمثلة في حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، وحزب النور السلفي،إضافة إلى الفائزين من أحزاب "الوسط"، و"الفضيلة"، و"البناء والتنمية"، والتي تمكنت من الاستحواذ على ثلاثة أرباع البرلمان، وهي تيارات كانت إما محظورة أو  مسجونة خلال الفترة السابقة ،  فيما يشكل الليبراليون والقوميون والمستقلون والفلول الربع الباقي.

مما سيميز هذا البرلمان أنه"سيكون أول برلمان في تاريخ مصر يضم ممثلي 19 حزبًا مصريًا، وهو أول مجلس يضم كل القوى السياسية بكل ألوان الطيف، من أقصى اليسار (الشيوعي) إلى أقصى اليمين (السلفي)، وهو أول مجلس في تاريخ مصر يكون رئيسه من الإخوان المسلمين بعد 62 عامًا من الحظر والحل والتجريم والمطاردة والاعتقال" كما يرى ذلك  الخبير السياسي الدكتور أحمد مطر رئيس المركز العربي للبحوث السياسية والاقتصادية.

ولكن هناك تحديات كبيرة سيواجهها هذا البرلمان خلال المرحلة القادمة، لعل من أبرزها  مدى الصلاحيات  التي سيتمتع بها خلال المرحلة القادمة، فبرغم أن المادة (33) في الإعلان الدستوري تعطي البرلمان حقه في التشريع وإقرار السياسة العامة للدولة، وكذلك الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، إلا أن الرؤية غير واضحة حول آلية تنفيذ تلك الصلاحيات وحدودها، مما جعل الباب مفتوحاً للكثير من التأويلات والرؤى المختلفة التي نسمعها كل يوم من قبل فقهاء دستوريين وشيوخ قضاء وغيرهم،كما أن هناك  تصريحات معاكسة تخرج من حين لآخر تشكك في تلك الصلاحيات،  كتصريحات اللواء ممدوح شاهين عضو المجلس العسكري الذي أكد"إن البرلمان القادم لن يكون له حق اختيار أو إقالة الحكومة أو سحب الثقة منها"، وهذا يتناقض مع تصريحات سابقة له بأن جميع الصلاحيات التشريعية ستنتقل إلى البرلمان تلقائيا فور انتخابه، كذلك فهل يستمر المجلس في عمله بعد الانتهاء من صياغة الدستور، أم سيكون هناك انتخابات جديدة، أو توضع ملاحق تضمن استمرار المجلس؟

كما أن هناك تحديات اقتصادية كبيرة ستواجه البرلمان ، خاصة وأن الكثير من المصريين ينظرون للمجلس الجديد على أنه يمكن أن يلعب دور المخلص من كثير من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي عانوا منها طوال الحقبة السياسية السابقة كالفقر والبطالة والعشوائيات والفساد والبيروقراطية  وانهيار الطبقة الوسطى،وغيرها، والتي كانت أحد الأسباب المهمة للقيام بالثورة ، في ظل الحديث عن أعضاء يراهم كثير من أفراد هذا الشعب أنهم  أكثر عفة ونزاهة، وأن اتجاهاتهم الإسلامية قد تصب في جانب تحقيق العدل الاجتماعي، والمساواة، والإحساس بمعاناة المواطنين، ومحاربة الفساد والاحتكار وسطوة فئة بعينها على مناحي الاقتصاد، ومع توالي التصريحات من قبل مسئولي حزب الحرية والعدالة بأن المشروع الاقتصادي القادم سيكون أكثر ( نجاعة )من التجربة التركية والماليزية. وهذه الرؤية تختلف مع ما يشير إليه الدكتور عمار على حسن الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، الذي  يرى أن البرلمان الحالي " لا يمثل الشريحة الفقيرة من المصريين إلا نادراً، لأن أغلب الذين فازوا ينتمون إلى تيار الفكر الاقتصادي الرأسمالي،  وبذلك لا يوجد فرق بين (الحرية والعدالة) و(المصريين الأحرار)، فكلاهما ينتصر للخصخصة ويأبى فكرة إعادة توزيع الثروة، والعدالة الاجتماعية لا تأخذ حيزاً كبيراً من اهتماماتهما".

كما أن  الأحزاب الإسلامية المسيطرة على مقاعد البرلمان، والتي عانت كثيراً من ممارسات البطش والتنكيل تجاهها طوال سنوات طويلة ماضية، و نجحت بامتياز في مجال الخدمات الدعوية والاجتماعية، وتمكنت في كثير من الأحيان من لعب دور ( حكومة الظل ) من خلال هذه الخدمات، مما أكسبها تعاطف الشارع، وبالتالي حصدها لأصوات الناخبين،  سيكون أمامها تحدياً مهماً في إثبات جدارتها السياسية، واستحقاقها للنسبة التي حصلت عليها، وهذا سيأتي بوجود وضوح في الرؤية السياسية القادمة لها، مع الابتعاد عن المناوشات التي لا تتطلبها المرحلة الحالية كقضية تطبيق الشريعة، أو فرض الحجاب، أو أسلمة السياحة، وغيرها من القضايا الجانبية التي ستستنزف كثيراً من الجهد والوقت، وستحيلهم إلى معارك هامشية، سيكون الجانب الليبرالي واليساري أكثر المستفيدين منها، في ظل اتهامات  من قبل هذا الطرف بأن الإسلاميين يلعبون بورقة الدين ، وسيعيدون تجربة الترابي في السودان، أو الخميني في إيران، أو طالبان في أفغانستان. ولعل تجربة أحزاب  ( العدالة والتنمية) في تركيا والمغرب، و(النهضة) في تونس، وهي أحزاب ذات مرجعية إسلامية قريبة ستكون ماثلة أمام مسئولي تلك الأحزاب الإسلامية.

ونفس الأمر ينطبق على الأحزاب الليبرالية واليسارية التي كان ينظر إليها على أنها أحزاب ورقية من صنيعة النظام السابق الذي نجح في اختراقها بإجادة، مما جعلهم يتفرغون للتنظير على وسائل الإعلام المختلفة، وكيل التهم لبعضهم البعض، وانتقاد الأحزاب ذات المرجعية الدينية على طول الخط، مع ابتعاد واضح  عن الاحتكاك بالشعب وتبني مطالبه الحقيقية، الأمر الذي أفقدهم تعاطف الشارع، وبالتالي تحقيق نتائج هزيلة في انتخابات البرلمان، لذا فإن تحديهم الحقيقي هو إثبات نفسهم كمعارضة قوية وجادة، وهذا يستلزم منهم التوقف عن التصريحات الكلامية، ومحاولة إيجاد تكتل قوي منظم يلعب دوراً مؤثراً في رسم سياسات البرلمان.

ومن التحديات كذلك شكل التحالفات القادمة في البرلمان والتي يلخصها سامح راشد الخبير والمحلل السياسي في مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية في " أنها ستخضع لمعايير السياسة وليس الفكر أو العقيدة ، لذا فهو لا يتوقع قيام تحالفات دائمة ثابتة، ولكنها ستكون صفقات مرحلية حسب كل قضية أو استحقاق".

ويبقى تحدي صياغة الدستور هو أحد التحديات المهمة التي ستواجه البرلمان كما يراها الباحث والمحلل السياسي محمد أمين، فعلى أساس هذا الدستور سيتم انتخاب رئيس الجمهورية، وسيحدد على أساسه كذلك آلية ممارسة الحياة الديمقراطية والعمل السياسي في الفترة القادمة، لذا "فإن حسن اختيار لجنة صياغة الدستور سيكون مؤشراً حقيقياً على نجاح أو فشل التجربة البرلمانية الأولى في مصر بعد الثورة، في ظل الحديث عن رقابة شعبية قاسية، ومليونيات مستعدة للخروج في أي وقت".

في ظل مشاركة شعبية واسعة أملاً بتحقيق مطالبهم التي عجزت المجالس السابقة عن تحقيقها، وفي ظل علاقة توجس أقرب إلى النفور بين عدد كبير من شباب الثورة والأحزاب الإسلامية المسيطرة على البرلمان، والذي يرى الشباب أنها خذلتهم خلال الوقفات الاحتجاجية التي تلت الثورة، وفي ظل تمثيل متواضع للشباب والأقباط والمرأة، وفي ظل وجود مجلس عسكري حاكم يقبض على مجريات الأمور، وفي ظل عدم وجود نظام سياسي واضح (رئاسي / برلماني / رئاسي برلماني)، وفي ظل أوضاع اقتصادية متأزمة، وتحديات اجتماعية وفكرية كبيرة، ترى كيف سيكون حال المجلس، وهل سيحقق شيئاً من مطالب الشعب؟ ربما ستتضح الرؤية في الفترة القادمة.فلننتظر ما تسفر عنه الأحداث.

د.محمد بن حمد العريمي
Mh.oraimi@hotmail.com

الجمعة، 20 يناير 2012

مواقف حياتيــة (17)


جريدة عمان - الخميس 19/1/2012
هذه مواقف حياتية نصادفها يومياً.. نعرضها ليس من باب النقد، ولكن من أجل أن تكون الرؤية أكثر جمالاً ووضوحاً.
(1)
(الامتحان مريح..والإجابات صحيحة..وطالباتنا متفوقات) شعار قرأته على لوحة كبيرة في مدخل إحدى مدارس الإناث بمحافظة مسقط.
جميل أن تفكر بعض إدارات المدارس بمثل هذه الطرق التي تسهم في تخفيف الضغط النفسي، وتقلل التوتر العصبي من نفوس طلابها.
تحية تقدير لإدارة مدرسة حيل العوامر للتعليم ما بعد الأساسي.
(2)
( أيادي الخير) هو اسم فريق العمل  التطوعي الذي قام مجموعة من شباب ولاية جعلان بني بو علي بتأسيسه تحت مظلة نادي الوحدة بالولاية.
يهدف هذا الفريق إلى  نشر ثقافة العمل التطوعي، ويسعى إلى نقل مطالب أبناء الولاية المختلفة إلى الجهات الرسمية، وقد قام الفريق بكثير من الجهود الأهلية في مجال العمل التطوعي الاجتماعي كحملات التنظيف، وإنشاء مراكز إيواء للمتأثرين بالأنواء المناخية الأخيرة ، ومشروع إفطار صائم، وإفطار الأسر المحتاجة، وشارك بايجابية في حملة دعم شعب الصومال الشقيق، كما يقوم أعضاء الفريق بالتواصل المستمر مع المسئولين في الجهات الخدمية المختلفة بالولاية لاطلاعهم على بعض الملاحظات المتعلقة بجودة الخدمات المختلفة، أو لمناقشتهم في بعض المقترحات الخاصة بآلية تطوير مستوى تلك الخدمات، وتفعيل جهود الشراكة المجتمعية بين الطرفين.
عزز الفريق هذه الجهود المبذولة بإنشاء صفحة خاصة على موقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك) للتعريف  بالفريق وبأنشطته المختلفة، وللإعلام عن المستجدات والتطورات في مجال العمل المستقبلي.
باقة شكر إلى كل عمل تطوعي من شأنه أن يسهم في خدمة المجتمع، ويستغل الطاقات الشبابية المتنوعة،ويبدد الصورة السلبية المرسومة تجاه دور الشباب في مجال العمل التطوعي.
 (3)
اندهش صديقي عندما أخبره المحاسب بأن الشطيرة وعلبة المياه الغازية التي اشتراها من أحد المطاعم بمسقط تتجاوز قيمتها مبلغ الريال، علماً بأنه مطعم عادي لا يحمل تصنيفاً سياحياً معيناً، و لا يختلف كثيراً عن آلاف المطاعم المنتشرة في ربوع السلطنة.
هل اعتقاد (بعض) الوافدين الذين يديرون أو يملكون (من الباطن) هذه المطاعم أننا ساذجون أو لا مبالون هو السبب الذي يجعلهم  يفرضون أسعاراً مبالغ فيها لكثير من الوجبات العادية ؟
(4)
لماذا يلجأ بعض صغارنا وشبابنا إلى ارتداء الملابس الغير عمانية سواء أكانت ملابس غربية الطراز، أم ملابس ترتبط بدول خليجية مجاورة؟وهل لذلك علاقة بمدى فهم هذه الفئات لمسائل الانتماء والمواطنة؟ أم أنهم يعتقدون أن ما يفعلونه هو أمر طبيعي وحرية شخصية  لا علاقة لها بكل ذلك؟
 ألم يستطع البيت والمدرسة والمسجد ومؤسسات المجتمع المختلفة أن تغير من هذا السلوك؟ وهل لدينا مشكلة في مدى تكاملية الأدوار الخاصة بهذه المؤسسات في مجال التنشئة؟ربما.
(5)
هل يمكن أن نرى الحمامات العمومية في المدن والقرى المختلفة؟ الفكرة بسيطة وغير مكلفة، ويمكن أن تطبق برسوم زهيدة كما هو الحال في كثير من الدول.
لو تفرغ بعض المسئولين عن العمل البلدي للاطلاع على بعض تجارب الدول المختلفة لوجدوا كثيرا من الأفكار الجديدة والمهمة القابلة للتنفيذ بدلاً من العيش في (جلباب) من سبقهم.
(6)
شاء القدر أن نلتقي  في ورشة تدريبية بجامعة السلطان قابوس. كنا مجموعة من زملاء الدراسة في مرحلتي البكالوريوس والماجستير، وربما لم يلتق بعضنا ببعض منذ حوالي عشر سنوات أو أقل بقليل.بعضنا أصبح أستاذاً بالجامعة، والآخر مسئولاً (مهماً) بالوزارة، والثالث موظفاً عادياً.
تجولنا في أروقة الجامعة المختلفة، وتذكرنا كثيراً من المواقف الحياتية التي عشناها معاً، ووقفنا على أماكن كانت لنا فيها ذكريات جميلة، وتناولنا الطعام في مطاعم طالما شهدت على (عزومات) متكررة  كنا نقيمها احتفاء ببعضنا البعض في وقت لم نكن نمتلك من المال سوى أقله.
برغم كل شيء لم تعد الحميمية كما كانت، ولم يكن للقاء تلك اللهفة ، وكان الفتور والبرود له نصيب من ذلك اللقاء. باختصار لم نعد نحن كما كنا، برغم محاولاتنا (المفضوحة) لإظهار عكس ذلك.
افترقنا بعد انتهاء الورشة، وربما (تناسى) بعضنا أن يأخذ أرقام هواتف الآخرين، وكأننا نقول لبعضنا أنه كان زمناً جميلاً وذهب إلى حال سبيله.
ترى هل الزمن هو الذي تغير.أم نفوسنا نحن بني البشر؟
(7)
من جميل ما قاله المتنبي:
وَشِــبْهُ الشَّــيءِ منْجَــذِبٌ إلَيْــهِ
                                       وأشْــــبَهُنا بِدُنْيانـــا الطَّغـــامُ
ولـــو لَــمْ يَعْــلُ إلاَّ ذو مَحَــلٍّ
                                       تَعــالى الجَــيْشُ وانْحَــطَّ القَتــامُ
ومَــنْ خَــبَرَ الغَــواني فـالغَواني
                                       ضِيـــاءٌ فــي بَواطِنِــهِ ظَــلامُ
ومـــا كُـــلّ بمَعْــذورٍ ببُخْــلٍ
                                       ولا كُـــلّ عــلى بُخْــلٍ يُــلامُ
تَلَــذُّ لَــهُ المُــروءةُ وَهْـيَ تُـؤْذي
                                    ومَــنْ يَعْشَــقْ يَلَــذُّ لَــهُ الغَـرامُ

د.محمد بن حمد العريمي
Mh.oraimi@hotmail.com



الثلاثاء، 17 يناير 2012

قراءة خطاب الأسد (2-2)

جريدة الرؤية- الاربعاء 18/1/2012

أشار الرئيس في خطابه إلى " أن الدستور الجديد سيركز على أن الشعب هو مصدر السلطات وخاصة من خلال الانتخابات وتكريس دور المؤسسات وحريات المواطن وغيرها من الأمور والمبادئ الأساسية"،وهو كلام جميل من حيث المبدأ، ولكنه واقعياً يبقى مجرد شعارات رنانة، فالانتخابات تتطلب تعددية حزبية (حقيقية) قائمة على مبدأ إتاحة الفرصة للشعب للتعبير عن فكره السياسي مهما اختلف مع توجهات الحاكم وحزبه، لا مجرد أحزاب ورقية عبارة عن (ديكور)لاستكمال منظومة الديمقراطية (المزيفة)، وحريات المواطن تتناقض وسياسة الأجهزة الأمنية (التعسفية) المتبعة تجاههم، وتكريس دور المؤسسات يتطلب استقلاليتها وعدم ربطها بالمحاذير الأمنية، ثم إن من يريد القيام بكل ذلك، عليه أن يثبت ذلك على أرض الواقع، لا أن ينتظر  انتهاء (ترزية) القوانين من وضع الدستور الذي سيتم تفصيله حسب ما يريده النظام.


ووصف الرئيس الدولة " بالأم التي تفتح المجال دائماً لأبنائها لكي يكونوا في كل يوم أفضل حفاظا على الاستقرار وحقنا للدماء لذلك في هذا الإطار كنا نصدر من وقت لآخر العفو تلو الآخر"، ونحن نتساءل هنا: من يملك حق العفو؟ الرئيس أم الأطفال والشيوخ الذي يقتلون كل يوم بدم بارد؟وإذا كان هؤلاء إرهابيون وقطاع طرق وعصابات مسلحة فلماذا يتم العفو عنهم؟ وإذا لم تتلطخ أيادي هؤلاء بدم الشعب السوري كما يزعم الإعلام الحكومي كل يوم، فلم تم اعتقالهم من الأساس؟أسئلة قد لا نجد إجابة لها.


قال الرئيس كذلك "لقد قمنا بالحوار مع كل القوى ما عدا المجرم الذي يرتكب الخطأ"، والسؤال هنا:من هم هؤلاء الذي حاورهم الرئيس، وهو يتهم كافة القوى المعارضة بالعصابات المسلحة؟ هل هي المعارضة الورقية التي اخترعتها أجهزته، أم الضحايا الذين يجبرون  أمام وسائل الإعلام على الاعتراف بجرائم مختلقة؟


كما أكد الرئيس في خطابه على اتجاه سوريا نحو الشرق، تاركة الغرب الاستعماري، متناسياً أن الصين وروسيا الحليفتان اللتان يعتمد عليهما، ويستمد منهما قوته لديهما علاقات اقتصادية واستثمارات ضخمة في أمريكا والدول الغربية، برغم اختلاف الإيديولوجية، وذلك لأن المصالح لا تتجزأ في عرف علم العلاقات الدولية.


وفي وصف الثورة قال: " إن هذه ليست ثورة .. لو كان لدينا فعلا ثوار حقيقيون بالصورة التي نعرفها لكنت أنا وأنتم وكل الشعب الآن نسير معهم وهذه حقيقة"، ونحن هنا نطلب من (فخامته) أن يشرح لنا معنى الثورة التي يريدها إذا لم تكن ثورة ضد الظلم والعدوان والاستبداد والقهر.


وتحدث الرئيس السوري عن زهده في الحكم، وأن بقاءه في السلطة هو بناء على رغبة الشعب، وهو نفس الكلام الذي قاله من سبقه من الحكام العرب المخلوعين، ولعل السؤال المهم هنا: كيف أتى الرئيس السوري إلى سدة الحكم؟ وأي شعب انتخبه؟ هل هو الشعب السوري بمختلف مكوناته وطوائفه، ووفق انتخابات برلمانية نزيهة، أم هم شبيحة النظام وأتباعه، والمواطنون الذين يساقون قسراً لكي يقولوا (نعم) في الاستفتاء الخاص بالرئيس؟ وإذا كان الشعب قد أجمع على اختيار الرئيس (الزاهد في المنصب) بنسبة 99.99%، فمن أين أتى ملايين المحتجين في أنحاء المدن السورية؟ هل هبطوا فجأة من كواكب أخرى؟


ولن أنسى المشهد الأخير في الخطاب، عندما حاول كثير من الحضور الاقتراب (بلهفة) من الرئيس لتحيته، وهو مشهد يجسد كثيراً من الواقع السياسي في سوريا، فمنظر الشخصيات (المحترمة) وهي تتدافع لتقبيل يد ووجنة الرئيس، ومحاولة التمسح به والحصول على بركاته، هو تجسيد لما يحدث في هذا البلد العربي  من سلطة لا حدود لها للرئيس، ومن تنفذ كبير للأجهزة الأمنية، ومن غياب واضح لدور البرلمان وأجهزة الإعلام في انتقاد أية تصرفات  سياسية خاطئة، أو أية أوضاع محلية تمس بسلطة الرئيس والحزب.


كان يمكن للرئيس أن يختصر خطابه في دقائق معدودة، يفتح فيها صفحة جديدة مع شعبه، و يعترف فيها بأخطاء حقيقية حدثت على مدى سنوات حكمه، ويعتذر لهم عن كثير من الممارسات التي وقعت ضدهم، ويصارحهم بأنه كان مجرد أداة في (لوبي) يدير دفة الحكم في البلد، ويستخدمه كواجهة، ويبشرهم باتخاذ إجراءات (حقيقية) يشعرون من خلالها بصدق نيته تجاه شعب يعلم النظام يقيناً أنه لم يخرج سوى لطلب شيء من حقوقه، بعد أن مل الصمت،وتساوت لديه مفاهيم الموت والحياة، وبعد أن شعر بالغيرة من شعوب أخرى ناضلت كي تسترد حقوقها.


قد يقول البعض إن سوريا دولة مواجهة،وإنها شوكة في حلق المخطط الصهيوني، وأنها قدمت العون لكثير من فصائل المقاومة العربية والإسلامية المختلفة، ولكن ذلك كله لا يبرر للنظام السوري القيام بكل ما يفعله تجاه شعبه، ولا أن  يتحكم في مجريات الأمور  بيد من حديد تحت دعوى المقاومة والمواجهة ، ولقد تحمل الشعب السوري هذا العذر طويلا، وهذا الشعب لا يهمه أمريكا أو إسرائيل بقدر ما يتمنى أن يجد بلداً يستطيع أن يعيش فيه بحرية وكرامه، كما أن على هؤلاء أن (يعوا) أنه لا يوجد شعب يتحول بين عشية وضحاها إلى عصابات مسلحة يتجاوز أعدادها الملايين،فأين هي تلك الأجهزة الأمنية التي لم يكن من عمل لها سوى عد أنفاس المواطنين، وهي التي يتجاوز عددها أصابع اليدين، وإذا تحجج (بعض) هؤلاء بالأعداد الغفيرة التي تساند الرئيس، فهذا المشهد تكرر مراراً في دول أخرى ما لبثت أنظمتها المستبدة  أن سقطت، ثم إن من يسلب الحرية من شعبه، لا يستطع أن يمنحها للآخرين.


لا أجد ختاماً لهذا المقال أفضل من تعليق وجدته على إحدى صفحات التواصل الاجتماعي: "القذافي قال من أنتم، والأسد يقول خسئتم، المدرسة واحدة. ونحن نشهد الجزء الرابع من مسلسل بعنوان (المؤامرة مستمرة)".

د.محمد بن حمد العريمي

Mh.oraimi@hotmail.com




الاثنين، 16 يناير 2012

قراءة في خطاب الاسد (1-2)

جريدة الرؤية - الثلاثاء 17/1/2012
في هذا المقال سأحاول أن أحلل جانباً من النقاط التي تضمنها الخطاب (الطويل) الذي ألقاه الرئيس بشار الأسد مؤخرا، وهو  خطابه الرابع منذ بدء الحركة الاحتجاجية في البلاد قبل نحو 10 أشهر، والذي استغرق نحو (99) دقيقة، والذي استغرب البعض  فيه عدم وقوف الرئيس السوري دقيقة صمت على أرواح الشهداء الذين يسقطون يوميا في سوريا، حتى لو كان الحديث فقط عن شهداء الجيش والأجهزة الأمنية.


حاول الرئيس في خطابه أن يبدو واثقاً ومتماسكاً بعكس خطاباته السابقة التي غلب عليها الارتباك، كما حاول أن يبدو وكأنه مطلع وملم بالأوضاع الداخلية، فأرهقنا في كثير من التفاصيل التي لم يكن لها داع، وبدا (كمنظر) سياسي، فتحدث عن العروبة، والدستور، والانتخابات، والعمالة، والإصلاح، وتناول (الزيتون) ودوره الاقتصادي، وهو الأمر الذي جعله عرضة لاستهزاء البعض، بل إن بعض الناشطين قد أنشأ صفحات خاصة تتناول حديث الرئيس عن هذا المحصول المهم في الاقتصاد السوري.


كما أنه لم يخرج من إطار خطاباته السابقة، واتضح أنه يقدم خطابه لفئة واحدة هم أنصاره، دون الالتفات إلى فصيل آخر يفترض أنه مسئول عنهم، ومهتم بشأنهم، وكالعادة تكررت بعض المصطلحات التي سمعناها مراراً وتكراراً، كالمؤامرة الخارجية، والعصابات المسلحة، والضرب بيد من حديد، وجماعة (العربان)، والفضائيات المضللة، والممانعة، وكأنه هنا يؤكد صحة معالجة النظام للأزمة منذ اندلاعها، وبالتالي لا لزوم لسياسة جديدة.


ويبدو أن المعالجة من وجهة نظر الرئيس هي "استعادة الأمن الذي تميزنا به لعقود حتى على المستوى العالمي، وهذا لا يتحقق إلا بضرب الإرهابيين والقتلة، ومن يحمل السلاح الآثم بيد من حديد"، ومن جديد يؤكد الرئيس على أن المتظاهرين هم مجرد إرهابيين وقتلة، حتى لو كانوا صغاراً في سن حمزة الخطيب، أو نساء وشيوخاً، كما أن الرئيس تجاهل أن يوضح لنا أن هذا الأمن الذي تميزت به سوريا لم يكن نتيجة تحقيق عدالة اجتماعية، أو توزيع متساو للثروة، وإنما نتيجة بطش وقهر مارسته أجهزة الأمن المختلفة على مدى عقود أربعة هي مدة حكم النظام حتى الآن، كما أن الحديث عن (ضربة من حديد)، يجعل خطاب الرئيس يبدو وكأنه يتحدث عن صراع مع عدو محتل، وليس مع شعب أعزل كل همه بعض الإصلاحات التي تعيد له شيئاً من كرامته وإنسانيته.


هاجم الرئيس السوري الجامعة العربية في خطابه، ووصفها (بالمستعربة)، وأكد أن الجامعة هي الخاسرة بتجميد عضوية سوريا، فسوريا هي (قلب العروبة النابض)، ولا يمكن للجامعة أن تعيش بدون قلب، ويبدو أنه أهمل الإشارة إلى أن هذا (القلب) العربي، قد انحاز منذ عقود لنظام غير عربي، وسانده في كثير من المواقف ضد بعض القضايا العربية، والحديث هنا عن النظام الإيراني، ولعلي أتوجه بالسؤال هنا للرئيس السوري حول موقفه من قضية (الجزر الإماراتية)، أو الموقف السوري من حرب العراق وإيران على سبيل المثال، أو الموافقة السورية الفورية على المشاركة في الحرب ضد العراق عام 1990.


كما تفاخر الرئيس السوري في خطابه بأن برلمانه السوري قد أنشأ قبل أن يكون لبعض الدول العربية وجود، في إشارة إلى دول المجلس، وتناسى أن تاريخ الشعوب لا يقاس بالسنوات، وإنما بالانجازات، وأن هذه الشعوب بالرغم من حداثة التكوين السياسي لبعضها، إلا أنها قد سبقته في مجال الحريات، وأن برلماناتها المحلية (برغم كثير من الملاحظات) أكثر جدوى من برلمانه الذي يتكون غالبية أعضاؤه من حزب واحد، في دولة (جمهورية) الطابع السياسي، ينبغي على أعضاء برلمانها أن يكونوا مراقبين للحكومة، منتقدين لسياساتها، لا مطبلين لها، وهو ذات البرلمان الذي سمح بتعديل مواد الدستور في دقائق كي يأتي هو رئيساً مدى الحياة، بصلاحيات لا حدود لها، وكأن نساء سوريا قد عدمت إنجاب شخصيات تستطيع إدارة أمور البلاد.


وأسهب الرئيس كثيراً في الحديث عن الإصلاح، ولم يوضح لنا إن كان هذا الإصلاح سيؤدي مستقبلاً إلى ابتعاده عن سدة الحكم نتيجة انتهاء مدة رئاسته، أو أن هذا الإصلاح سيقوض قليلاً من سلطاته (الإلهية) الواسعة، أو أنه سيقلل بعض الشيء من تحكم واستفراد نظام سياسي واحد (حزب البعث) بكافة مفاصل الدولة، أو أن هذا الإصلاح (المزعوم) سيؤدي إلى محاسبة ومساءلة كثير ممن تسببوا في إفساد الحياة السياسية في سوريا التي اعتبروها مملكة خاصة بهم يتحكمون فيها كما يشاءون، والقائمة طويلة ابتداء بالرئيس نفسه وعائلته وحاشيته، ورامي مخلوف وإخوانه، والمتنفذين في الأجهزة الأمنية، وأعضاء الأمانات المحلية والقطرية والقومية...الخ لحزب البعث، وعدد من رجال الأعمال المقربين، ورجال الإعلام المطبلين، وغيرهم.


قال الرئيس السوري في خطابه "لا نريد معارضة تجلس في السفارات أو معارضة تأخذ المؤشرات من الخارج"، واتهمهم بالخيانة، ورفض الحوار، أو المشاركة في حكومة وحدة وطنية، دون أن يبرر أسباب رفضهم لذلك، وفي هذا القول تجن كبير، فمن المعلوم أن النظام البعثي في سوريا لا يسمح بوجود أي نوع من المعارضة، وهناك عشرات المعتقلات التي شهدت على مدى تعامل أجهزة الأمن (كثيرة العدد والعدة) تجاه هذه المعارضة، فكان من الطبيعي أن تحاول هذه المعارضة الخروج من سوريا، والبحث عن ملاجئ سياسية آمنة تمكنهم من تنظيم صفوفهم، ومواجهة النظام، فكيف يأتي بعدها لاتهام هذه المعارضة بالعمالة والاتصال بالخارج؟؟ هو يذكرني هنا بقصة الذئب الذي استغرب عدم اقتراب الحمل منه لشرب الماء عند ضفة النهر.


وبدلاً من أن يحاول الرئيس (المثقف) الاعتذار عما فعله والده في  أحداث (حماة) الدامية عام 1982، والتي راح ضحيتها عشرات الألوف من المواطنين السوريين دون ذنب يذكر سوى أنهم كان لهم فكر سياسي مغاير لفكر نظامه السياسي البعثي، فإنه وصف الإخوان المسلمين بأنهم إخوان (الشياطين)، علماً بأنه كان قد أوضح في فقرة سابقة من خطابه أنه مستعد للحوار معهم وإشراكهم في حكومة وطنية، وعلماً بأنه حليف قوي  لجماعات إسلامية يقترب فكرها من فكر الإخوان المسلمين وتتبنى الفكر الجهادي، كحماس، وحزب الله، ونظام الملالي في إيران، فما هذا التناقض (الفج) الذي أتى به خطاب سيادة الرئيس؟

الجمعة، 13 يناير 2012

مواقف حياتيــة (16)


جريدة عمان - الخميس 12/1/2012م

هذه مواقف حياتية نصادفها يومياً.. نعرضها ليس من باب النقد، ولكن من أجل أن تكون الرؤية أكثر جمالاً ووضوحاً.
 (1)
احتفلت شرطة عمان السلطانية قبل أيام قليلة بيومها السنوي الذي يصادف الخامس من يناير من كل عام.
جهود كبيرة وجبارة يبذلها هذا الجهاز المهم في سبيل تحقيق الأمن والاستقرار، والتصدي لكل ما من شأنه تكدير صفو الأمن في بلد السلام والأمان والتسامح.
 مهما كتبت فلن أستطع أن أحصي الجهود والانجازات التي يقوم  بها هذا الجهاز. يكفي فقط أن أشير إلى أن تعاملهم الإنساني الراقي في كثير من المواقف، واحترامهم لإنسانية الفرد، هي من الأمور التي تفتقدها كثير من الدول، حتى المتقدمة منها.
كل التحية إلى الأعين الساهرة في كل بقعة من أرجاء الوطن.
(2)
(48)ساعة أمضاها (30) متطوعاً في حلقة تأهيلية لصقل قدراتهم في مجال العمل التطوعي ، والتي نظمتها دائرة التنمية الاجتماعية في ولاية بدية، وتهدف إلى تأهيل مجموعة دعم العمل الاجتماعي ، والمساهمة في وضع برامج التكافل الاجتماعي، وإجراء التصورات والمقترحات في تحسين المستوى الثقافي والاجتماعي للأسرة، وإيجاد خطط علاجية لمختلف المشاكل الأسرية، وإيجاد حلقة تواصل بين المؤسسات الخدمية ، وتشجيع النشاط التطوعي.
مبادرات تثلج الصدر، وتجعل باب التفاؤل مفتوحاً في ظل الحديث عن الخلل في منظومة العمل الاجتماعي، وتصدع أركان العلاقات المجتمعية، تحت دعوى تسارع نمط الحياة، والمدنية، وغيرها من الحجج الواهية.
(3)
"قانونية مجلس الدولة" تقترح إنشاء محكمة دستورية.
خبر مهم وإضافة جديدة لكثير من الجهود المبذولة  في مجال  ترسيخ "دولة المؤسسات".
اقتراح اليوم قد يصبح حقيقة في الغد.
(4)
في ظل انشغال (بعض ) الوزراء بالشو الإعلامي، بحيث لا يمر يوم دون أن نرى صورهم تتصدر وسائل الإعلام المختلفة، يبدو أننا بحاجة لوزيرين في بعض الوزارات. أحدهما للتفكير والتخطيط واستقبال شكاوى ومقترحات المراجعين، والآخر لحضور الاحتفالات، ورعاية الندوات والفعاليات، واستقبال الضيوف، والقيام بالزيارات الخارجية.
 (5)
أليس هناك من حل لظاهرة انتشار (العزب) والاستراحات التي بدأت في الانتشار  في كثير من المواقع البيئية بالسلطنة؟
تبدأ هذه العزب ببناء بسيط من المواد غير الثابتة، ثم يتم عمل سور يحيط بها،وبعدها يضاف إليها غرفة أو اثنتان بمواد ثابتة، ثم المطالبة بتملكها القانوني تحت عدة دعاوي مختلفة، وكل المراحل السابقة تحدث في غفلة أو تجاهل أو لامبالاة من المسئولين.
وفضلاً عن إنها تعتبر تحايلاً على القانون، فإنها قد تسهم في تشويه المنظر العام، واختلال البيئة الفطرية، وقد تؤثر على منظومة التخطيط السكاني مستقبلاً.
(6)
طريق وادي سال – رأس الحد، والذي يبلغ طوله ( 35 ) كيلو متر، يربط بين الكثير من القرى السياحية كقرية أبو مدرة، وأبو فشيغة، ووادي الشكلة، وهي قرى يعرفها جيداً محبي التخييم والرحلات، وتشتهر كذلك بثروتها الحيوانية،  ويخدم عدة مؤسسات حكومية حيوية كمطار رأس الحد وعدد من المدارس والمراكز الصحية المتناثرة في المنطقة المحيطة.
وبالرغم من أن الطريق يعد من أقدم الطرق في المنطقة، إلا أنه ما زال ينتظر قرار رصفه وسفلتته، أسوة بكثير من الطرق التي أتت بعده، في ظل الحديث عن معاناة السكان هناك ، ولجوء بعضهم إلى ترك المنطقة والاستقرار في المراكز الحضرية القريبة طلباً للخدمات المختلفة التي تحول وعورة الشارع دون وصولهم إليها بيسر.
توصيل الخدمات إلى مثل هذه المناطق من شأنه أن يمنع الهجرة إلى المدن، وبالتالي يقلل من الازدحام السكاني فيها، والضغط على الخدمات، وفي نفس الوقت يجعل سكان مثل هذه المناطق يتفرغون لمهمهم وحرفهم التي يؤدي ابتعادهم عنها إلى خلل كبير في المنظومة الاجتماعية والاقتصادية للبلد.
(7)
قررت وزارة التربية والتعليم تفعيل الاستفادة من حملة الشهادات العليا في مختلف التخصصات، وذلك بإنشاء مكتب خاص لمتابعة هؤلاء إدارياً وفنياً منذ التحاقهم بمقاعد الدراسة، وحتى تخرجهم، والتنسيق مع الجهات التي يقع ضمن اختصاصها مجال دراستهم، حول آلية الاستفادة من هذه الكوادر إما بإلحاقهم في العمل بها، أو الاستفادة منهم في المشاغل والخطط والورش التدريبية التي  تقيمها.كما قررت الوزارة كذلك صرف علاوتين استثنائيتين لكل موظف من حملة الشهادات العليا، مع رفع مقترح بتخصيص علاوة فنية مستقبلاً.
(ملاحظة.. الخبر من وحي خيال الكاتب، مع أمنياته بأن يحدث هذا في القريب العاجل ).
(8)
تفاخر الرئيس السوري في خطابه الأخير بأن برلمانه السوري قد أنشأ قبل أن يكون لدول مجلس التعاون وجود ، وتناسى فخامته أن أعضاء برلمانه هم  في غالبيتهم مجموعة من الشعراء والمطبلين وأعضاء الأجهزة الأمنية، في دولة ينبغي أن تكون جمهورية لا أن يأتي رئيسها بالوراثة عبر تغيير لمواد الدستور في ظرف عدة دقائق، في استهتار عجيب  بمشاعر الناس، ويصبح بعدها الحاكم بأمره ووكيل الله في الأرض.
يا سيدي الرئيس .. الحكام في دول (العربان) كما تصفها أنت وأبواقك لا يسحلون الناس في الشوارع، ولا يقلعون أظافرهم وأعينهم، كما تفعل أجهزتك الأمنية.
يا سيادة الرئيس ..(العربان)برغم كل شيء يفتحون فمهم في كثير من المناسبات دون خوف أو وجل.. أما في ظل (ديمقراطيتك) العظيمة، فإنها لا تفتحه سوى عند طبيب الأسنان.
يا سيدي..من يسلب الحرية من شعبه، لا يستطع أن يمنحها للآخرين.
حقاً..إذا لم تستح فاصنع ما شئت.
(9)
هذه الأبيات للشاعر الصوفي عبد الحميد البرعي :
أغيبُ وذو اللطائفِ لا يغيبُ
                                    و أرجوهُ رجاءً لا يخيبُ
وأسألهُ السلامة َ منْ زمانٍ
                                   بليتُ بهِ نوائبهْ تشيبُ
وأنزلُ حاجتي في كلِّ حالٍ
                                  إلى منْ تطمئنُّ بهِ القلوبُ                     
فكمْ للهِ منْ تدبيرِ أمرٍ 
                          طوتهُ عنِ المشاهدة ِ الغيوبُ
وكمْ في الغيبِ منْ تيسيرِ عسرٍ
                             و منْ تفريجِ نائبة ٍ تنوبُ
ومنْ كرمٍ ومنْ لطفٍ خفيٍّ
                             و منْ فرجٍ تزولُ بهِ الكروبُ

د.محمد بن حمد العريمي
Mh.oraimi@hotmail.com