الخميس، 23 يوليو 2015

عن لائحة تنظيم استيراد المركبات


تابعت كغيري من المواطنين بنود اللائحة التنظيمية لاستيراد المركبات والدراجات الآلية المستعملة التي أصدرتها وزارة التجارة والصناعة مؤخّراً، وإحقاقاً للحق فاللائحة بها العديد من البنود الايجابيّة خاصّة فيما يتعلّق بالسّماح للمواطنين، وللمنشآت التجارية والتي تمارس نشاط بيع المركبات المستعملة كمعارض السيارات أو المؤسسات والشركات التي تقوم بإعادة التصدير أو البيع في السوق المحلي، وكذلك المنشآت التجارية والصناعية والخدمية باستيراد المركبات الخاصّة، والحافلات، والشاحنات، والمعدّات، والدراجات الآلية المستعملة بدون تحديد لعددها خلال سنة دون الدخول في تفاصيل كلّ مادّة.

  وسأركّز حديثي حول المادة السابعة التي حظرت استيراد المركبات ‏الخاصة والتي يتجاوز عمرها 7 سنوات من تاريخ صنعها، وكذلك ‏الشاحنات والحافلات التي يتجاوز عمرها 10 سنوات، و‏المعدات التي يتجاوز عمرها 15 سنة من تاريخ صنعها.

ولأنّي أحرص على معرفة مبرّرات الجهات الحكوميّة المختلفة حول أسباب إصدارهم لتشريعات معيّنة، أو تطبيقهم لسياسات تتعلّق بآليّة تنظيمهم لأعمال جهاتهم قبل نقد هذه السياسات أو التّشريعات أو مناقشتها وتحليلها، فقد وجدت أنّ مبرّرات الوزارة المعنيّة باصدار هذه اللائحة تكمن في "أن دول مجلس التعاون ‏الخليجي قد حظرت دخول المركبات التي يبلغ عمرها خمس ‏سنوات لأراضيها وبالتالي حظرت استعمالها وحظرت أيضا ‏دخول الشاحنات والمعدات وفقا لأوزان وأعمار معينة، كما اتضح من خلال الإحصائيات أن الكثير من السيارات التي ‏تتجاوز هذه الفترة تصبح غير آمنة عند استعمالها، كما أنّ كثيراً من تلك السيارات قد دخلت الى السلطنة وهي معابة وأدت ‏الى إزهاق الكثير من الأرواح، كما أدت أيضا إلى الكثير من ‏الحوادث والإصابات البشرية جراء عدم صلاحيتها للاستخدام ‏أصلا، كما أنّ أضرارها على البيئة باتت واضحة للعيان نظرا لما ‏تخلّفه من تأثير جراء سيرها في الشوارع أو ما ينعكس سلباً على ‏صحة الإنسان جراء تخزينها أو رميها في الأماكن العامة وتلويث ‏مخلّفاتها كالزيوت مثلا، بحيث أصبح التخلص منها عبئاً على ‏كاهل الدولة أو حتى المنشآت الخاصة نظراً لأن التخلص منها ‏ومن تأثيرها يساوي ضعف قيمتها".‏

ومع كامل تقديري لهذه المبررات وتفهّمي لحرص الجهة المعنيّة على الصالح العام من وجهة نظرهم إلا أن ذلك لا يمنع من طرحي لبعض التساؤلات المتعلّقة بهذه المادّة رغبة في فهم أكثر لمبررات اصدارها، وتساؤلي الأوّل يتعلّق بقضيّة عدم أمان هذه المركبات عند تجاوزها للفترة الزمنيّة المحدّدة في القرار، فأنا أراه مبرراً غير كاف، فما هي الاحصائيّات التي رجعت إليها الوزارة عند اتخاذها لهذا المبرّر، وهل هذا بالفعل سبب حقيقي للحوادث التي تحصل في شوارعنا؟! فأنا شخصيّاً كانت لديّ مركبة قمت ببيعها بعد ستّ سنوات من شرائها ومازلت نادماً على ذلك، حيث أنّ تلك المركبة لم تدخل كراجاً للإصلاح من أيّ عطب خلال تلك الفترة عدا تغيير بعض الأشياء البسيطة، ولم أشتك خلال تلك السنوات الست من أيّ مشكلة فنّيّة كبيرة بها علماً بأنّها من ماركة متوسّطة القيمة والجودة، وعلماً بأنّني أقطع بها مسافات طويلة تتجاوز المائة كيلو يوميّاً بحكم ظروف عملي عدا المسافات الطويلة في نهاية كل أسبوع عندما أذهب إلى البلد، كما أنّني لم أخف انبهاري بنظافة وقوّة أداء مركبة أحد زملاء عملي، ولم أصدّق كلامه وهو يقسم لي أنّها موديل 2006 بعد أن اعتقدت أنّ طرازها لم يتجاوز السنتين أو الثلاث بالكثير، وأعرف زميلاً آخر لم تتجاوز الكيلو مترات التي قطعتها مركبته التي يعود تاريخ صنعها إلى 2010 حاجز الخمسة والأربعين ألف كيلو وما زالت مقاعدها الخلفيّة (بقراطيسها)، لأنّ لديه مركبة أخرى يستخدمها بالتناوب مع المركبة السّابقة، ثم إنّه إذا سلّمنا بأن المركبات لا تكون آمنة بعد سبع سنوات من تاريخ صنعها وقد تؤدي إلى وقوع حوادث فلماذا لا يتم فحصها عند التجديد السنوي سوى بعد مرور عشر سنوات لا سبع؟!

إذاً ومن وجهة نظر متواضعة وغير متخصّصة في مجال الميكانيكا لا أعتقد أنّ قدم المركبة بالضّرورة له علاقة بعدم أمانها، فهي أمور لها علاقة بنوعيّة المركبة ونوعيّة الإستخدام، ومدى التزام السائق بقواعد السياقة الآمنة، ومدى اهتمامه بمركبته، ويمكن أن تكون المركبة من طراز حديث وغير آمنة لأسباب مختلفة.

تساؤلي الآخر حول المبرر القائل "بدخول بعض تلك السيارات وهي معابة ممّا يودّي ‏الى إزهاق الكثير من الأرواح، كما تؤدّي أيضا إلى الكثير من ‏الحوادث والإصابات البشرية جراء عدم صلاحيتها للاستخدام ‏أصلاً"، وتساؤلي هنا: هل كل المركبات المعابة هي من طرازات تجاوزت السّبع سنوات؟! وهل كلّ السيارات التي تتجاوز تلك المدّة تكون معابة؟! أوليست هناك مركبات أكثر حداثة وتعاني من عيوب فنّيّة مختلفة؟!

وبدلاً من منع دخول كل تلك المركبات التي تجاوزت هذه الفترة المحدّدة في القرار أليس من الأولى والأجدى إنشاء مراكز لفحص السيارات والتأكّد من مدى صلاحيّتها في مراكزنا الحدوديّة والنقاط الجمركيّة قبل إصدار أحكام عامّة بدلاً من منعها جميعاً؟! وماذا لو دخلت مركبات أقلّ عمراً وتعاني من عيوب ما قد تكون كارثيّة على أصحابها فهل يتم السّماح بدخولها لمجرّد أنّها لم تتجاوز الفترة المحدّدة في القرار؟!

تساؤلي الثالث حول مبرّر الأضرار البيئيّة التي تخلّفها تلك المركبات، فهل حماية البيئة من مسئوليّة الجهة التي أصدرت هذه اللائحة أم إنّها مسئوليّة جهات أخرى معنيّة بقضايا البيئة والتلوّث في السلطنة؟! وهل هناك دراسات علميّة قامت بها تلك الجهات وأثبتت من خلالها تأثير تلك المركبات التي تجاوزت الفترة المحدّدة في اللائحة على البيئة؟! ومرّة أخرى ماذا عن المركبات التي تعدّت الفترة المحدّدة ومازال أصحابها يحافظون عليها؟! وماذا عن مركبات أخرى أكثر حداثة وتعاني من الإهمال؟!

وإذا ما أخذنا في الحسبان المبررات السابقة جميعاً فماذا عن المركبات الموجودة في السلطنة وقت إصدار اللائحة والتي تجاوزت حاجز السّبع سنوات فهل ستسري عليها اللائحة أم ستترك كما هي؟! وماذا عن حركة بيع وشراء تلك المركبات في داخل السلطنة؟! أولا ينبغي أن تؤدي تلك المركبات إلى الحوادث بحجّة عدم أمانها كذلك، وإلى الإضرار بالبيئة أيضاً أم أنّ الأمر يتعلّق فقط بالمركبات المستوردة فقط؟!

وماذا عن التبعات الاجتماعيّة والاقتصاديّة لهذه المادّة من حيث القوّة الشرائيّة للمجتمع، والوضع الإقتصادي الذي يجعل البعض يلجأون لشراء مركبات تناسب دخلهم أو مشاريعهم الصّغيرة، خاصّة للموظّفين الجدد أو من ذوي المرتّبات المنخفضة، في ظل ارتفاع أسعار المركبات الجديدة، وفي ظلّ وجود التزامات وتبعات اقتصاديّة واجتماعيّة متعدّدة تمنعهم من اقتناء مركبات جديدة أو دفع أقساط قد تثقل كاهلهم مقابل الحصول عليها؟! وهل لدينا سوق مركبات يعرض خيارات متنوّعة تجعلنا لا نلجأ للبديل المتمثّل في الاستيراد؟!

وماذا لو قرّر الكثيرون وخاصّة من سكّان المحافظات الحدوديّة اللجوء لشراء مركباتهم من دول مجاورة وتسجيلها وتأمينها واستخراج أوراقها الثّبوتيّة في تلك الدّول، فهل يمكن منع تلك المركبات من دخول السّلطنة؟! وهل يمكن وقتها تلافي الآثار المشار إليها في المبرّرات خاصّة مع استقرار كثير من هؤلاء داخل البلد؟! وماذا عن المبالغ التي سيدفعونها مقابل تسجيل وتأمين وتجديد مركباتهم، وكانوا يدفعونها في السابق داخل السلطنة؟!

أخيراً، وإذا ما اعترفنا بحق هذه الجهة الحكوميّة أو غيرها في إصدار لوائح وتشريعات لتنظيم العمل في بعض القطاعات التي تشرف عليها، أولم يكن من المهم إشراك بعض الجهات ذات الصلة كمجلس الشورى مثلاً للاسئناس برأيهم كونهم يمثّلون المجتمع الذي ستسري عليه تلك المواد؟! أو لم يكن من المناسب كذلك قياس رأي المجتمع حول هذه القرارات كونهم المستفيد أو المتضرّر الأول منها؟! أم أننا نصدر تشريعاتنا دون الاهتمام بكل ذلك؟!





الأربعاء، 8 يوليو 2015

مشاهد وتساؤلات (24)


(1)

قال لي: أتمنى وقوفكم معي فأنا لم أترشّح سوى لخدمة الجماعة! (والمقصود بالجماعة هنا أفراد القبيلة أو العشيرة)، قلت له: وكيف ستخدمهم؟!

أجاب: سأساعدهم في الحصول على الأراضي، وسأتوسّط لدى المسئولين من أجل توفير فرص العمل لأبنائهم، وسأعمل جاهداً على ايصال الخدمات لهم، وسأشاركهم في التزامات المناسبات المختلفة، وأشياء كثيرة يمكن أن أقوم بها.

سألته: وما علاقة هذه الأعمال بترشّحك للمجلس! وهل هي من صميم عمله ودوره في الأساس! أوليست هذه الأعمال هي خليط من أدوار العمل التطوّعي والمجالس البلديّة أكثر من كونها أعمال خاصّة بعضو مجلس الشورى؟! ثمّ هل تحتاج خدمة (الجماعة) إلى أن تكون عضواً بالمجلس!! ألا يمكن أن تقوم بكل هذه الأعمال وغيرها من باب المسئوليّة الاجتماعيّة وفق الإمكانات التي أتيحت لك؟! وماذا لو لم يكتب لك النجاح في العمليّة الانتخابيّة، فهل ستختفي كل هذه الوعود وستؤجّل للانتخابات القادمة، أم ماذا؟!

لماذا لا تحدّثني عن القوانين والتشريعات التي ستقترح تعديلها أو الغائها أو استبدالها؟! وأين أنت من الملفّات المجتمعيّة المهمّة التي تنتظر من يحنو عليها ويتبنّاها؟! ماذا عن مناقشة كثير من الأمور الدقيقة كمشروعات مشروعات خطط التنمية، والميزانية السنوية للدولة، والاتفاقيات الاقتصادية والاجتماعية التي تعتزم الحكومة إبرامها أو الانضمام إليها؟! وماذا عن استجواب أي من وزراء الخدمات في الأمور المتعلقة بتجاوز صلاحياتهم بالمخالفة للقانون؟ ألا تهمّ كلّ تلك الأمور الجماعة وتيسّر سبل حياتهم! ثمّ ألا يعدّ أبناء الوطن جميعاً من الجماعة كذلك!


 (2)

انطلقت قبل أيّام مرحلة الدّعاية الانتخابيّة للمترشّحين لعضويّة مجلس الشورى في دورته القادمة، وإن كان من أمر ايجابي يتعلّق بهذه العمليّة فهي أنّها ستسهم في فتح باب رزق لعشرات من الشّباب من أصحاب مكاتب التّصميم والتغليف والطّباعة وأعمال الدّعاية الإعلانيّة بفضل سيل الطّلبات التي ستنهمر عليهم من أجل الترويج والخروج بأزهى حلّة قبل موعد العمليّة الانتخابيّة.

الأمر الايجابي الآخر هو أنّنا سنشهد حراكاً مجتمعيّاً سيقوم به كثير من هؤلاء المترشّحين من حيث المشاركة الفاعلة في دعم الأنشطة المجتمعيّة المختلفة، وحالة التواصل الاجتماعي الغير معهود من حيث الحرص على حضور المناسبات، وإشاعة ثقافة الابتسامة والبشاشة من منطلق "تبسّمك في وجه أخيك صدقة"، والتواضع الجمّ، والوقوف مع البعض وتلبية مطالبهم، حتى لو كان ذلك من باب الدعاية الانتخابية لا غير.

(3)

في ظل التنامي الكبير لأعداد المحلات التجارية الكبيرة ( الهايبر ماركت )، ومحلات الهدايا والتي تحمل في الغالب أسماءً غير عمانية، والتي غزت كثيراً من المدن والولايات، وتعود ملكيّة معظمها إلى عدد من المستثمرين الغير عمانيين ، يلحّ عليّ السّؤال الآتي: ترى ما هو مصير المحلات الصغيرة التي تعود ملكيتها إلى مواطنين عمانيين غامر كثير منهم بطلب التقاعد المبكر، وضحّى بعضهم بمكافأة نهاية خدمته، أو باع أرضاً وحيدة يمتلكها، أو استدان كي يجد له مصدر دخل يعينه على مصاعب الحياة وتحدياتها المختلفة من خلال قيامه بفتح (بقالة) صغيرة، أو محل هدايا متواضع، أو منفذ لبيع الخضروات والفواكه، معتقداً أنه سيحظى برعاية واهتمام المسئول من خلال تشريعات اقتصادية توفر له الحماية، وتضمن له الاستمرارية في العمل، وعدم الخوف من تحديات المستقبل؟!

ترى كم من المحلات الصغيرة  أقفلت أبوابها أو عرضها أصحابها للبيع جرّاء عدم قدرتها على منافسة تلك المحلات الكبيرة التي انتشرت كانتشار النار في الهشيم وأصبحت سمة تميّز المجتمع؟! وهل سنشهد خلال الفترة القادمة طرحاً أوسع لمثل هذه القضية، وحلولاً مهمة تطمئن البقية؟

ما يصيبك بالألم والقهر عدا ما ذكر سابقاً أنّ بعض هذه المحلات الكبيرة تحمل أسماء لها قدسيّتها الدينيّة وقد لا تتناسب بعض بضائعها وسلعها مع قدسيّة هذه الأسماء!!

(4)

عند رغبة بعض الجهات البلديّة أو الاقتصاديّة في تطبيق قرار يخصّ نشاط فئة اقتصاديّة معيّنة كالحلاقين أو أصحاب الورش بمختلف أنواعها، أو أصحاب المطاعم أو المحلات التجاريّة وغيرهم، فهل يتم مناقشة العاملين بهذه الأنشطة في فحوى أو آليّة تطبيق هذا القرار أم يكون الأمر واجب النفاذ بمجرد توقيعه من قبل المسئول؟! وهل هناك شعب أو نقابات خاصة بهذه الأنشطة التجاريّة في غرفة تجارة وصناعة عمان أو الاتحاد العام للعمّال تتبنّى مطالب العاملين بها، وتتولّى الحديث باسمهم عند وجود أيّة تحدّيات تتعلق بأنشطتهم؟!

أكتب هذا الكلام من وحي قضيّة أدوات الحلاقة البلاستيكيّة الجديدة التي تستخدم لمرّة واحدة مع كلّ زبون والتي (فرض) على أصحاب محلات قصّ الشعر والتجميل في مسقط الالتزام بها.

 (5)

ما إن أتابع مسلسلاً إذاعياً محلّياً إلا وأفاجأ بحرص القائمين عليه على حشر الشخصية البدويّة ضمن أحداثه، حتى لو كان هذا المسلسل يناقش قضية أخرى لا تستدعي أحداثها وجود مثل هذه الشخصية، وذلك  من خلال دور أصبح ثابتاً في هذه المسلسلات، ويذهب غالباً إلى ممثل بعينه، يحمل أسماء غريبة قد لا تمت للبيئة البدوية الحقيقية بصلة، وكأنّه حرام على البدويّ العمانيّ أن يكون اسمه من ضمن الأسماء المعتادة! ويزيد القائمين على مثل هذه المسلسلات في فضلهم علينا فيجعلون الممثل يتكرّم علينا كل خمس ثواني بأن يعتزي بأنّه (صاحب الركاب) كي يذكرنا بأنّه بدوي، وكأن البدوي شخصية خيالية هبطت من إحدى الكواكب القريبة، لا تلك التي نعرفها بحكم معايشتنا لها.

هل نهتم في مسلسلاتنا بالفكرة والمضمون، أم بالمؤثرات التي نعتقد أنها ستضفي شيئاً من الفكاهة حتى لو لم تكن لها علاقة بفكرة المسلسل، أم أنه لا توجد أساساً فكرة واضحة تم بناء سيناريو المسلسل على أساسه؟!