(1)
قال لي: أتمنى وقوفكم
معي فأنا لم أترشّح سوى لخدمة الجماعة! (والمقصود بالجماعة هنا أفراد القبيلة أو
العشيرة)، قلت له: وكيف ستخدمهم؟!
أجاب: سأساعدهم في
الحصول على الأراضي، وسأتوسّط لدى المسئولين من أجل توفير فرص العمل لأبنائهم، وسأعمل
جاهداً على ايصال الخدمات لهم، وسأشاركهم في التزامات المناسبات المختلفة، وأشياء
كثيرة يمكن أن أقوم بها.
سألته: وما علاقة هذه
الأعمال بترشّحك للمجلس! وهل هي من صميم عمله ودوره في الأساس! أوليست هذه الأعمال
هي خليط من أدوار العمل التطوّعي والمجالس البلديّة أكثر من كونها أعمال خاصّة
بعضو مجلس الشورى؟! ثمّ هل تحتاج خدمة (الجماعة) إلى أن تكون عضواً بالمجلس!! ألا
يمكن أن تقوم بكل هذه الأعمال وغيرها من باب المسئوليّة الاجتماعيّة وفق الإمكانات
التي أتيحت لك؟! وماذا لو لم يكتب لك النجاح في العمليّة الانتخابيّة، فهل ستختفي
كل هذه الوعود وستؤجّل للانتخابات القادمة، أم ماذا؟!
لماذا لا تحدّثني عن القوانين
والتشريعات التي ستقترح تعديلها أو الغائها أو استبدالها؟! وأين أنت من الملفّات
المجتمعيّة المهمّة التي تنتظر من يحنو عليها ويتبنّاها؟! ماذا عن مناقشة كثير من الأمور
الدقيقة كمشروعات مشروعات خطط التنمية، والميزانية السنوية للدولة، والاتفاقيات الاقتصادية
والاجتماعية التي تعتزم الحكومة إبرامها أو الانضمام إليها؟! وماذا عن استجواب أي من
وزراء الخدمات في الأمور المتعلقة بتجاوز صلاحياتهم بالمخالفة للقانون؟ ألا تهمّ
كلّ تلك الأمور الجماعة وتيسّر سبل حياتهم! ثمّ ألا يعدّ أبناء الوطن جميعاً من
الجماعة كذلك!
(2)
انطلقت قبل أيّام مرحلة
الدّعاية الانتخابيّة للمترشّحين لعضويّة مجلس الشورى في دورته القادمة، وإن كان
من أمر ايجابي يتعلّق بهذه العمليّة فهي أنّها ستسهم في فتح باب رزق لعشرات من
الشّباب من أصحاب مكاتب التّصميم والتغليف والطّباعة وأعمال الدّعاية الإعلانيّة
بفضل سيل الطّلبات التي ستنهمر عليهم من أجل الترويج والخروج بأزهى حلّة قبل موعد
العمليّة الانتخابيّة.
الأمر الايجابي الآخر
هو أنّنا سنشهد حراكاً مجتمعيّاً سيقوم به كثير من هؤلاء المترشّحين من حيث المشاركة
الفاعلة في دعم الأنشطة المجتمعيّة المختلفة، وحالة التواصل الاجتماعي الغير معهود
من حيث الحرص على حضور المناسبات، وإشاعة ثقافة الابتسامة والبشاشة من منطلق
"تبسّمك في وجه أخيك صدقة"، والتواضع الجمّ، والوقوف مع البعض وتلبية مطالبهم،
حتى لو كان ذلك من باب الدعاية الانتخابية لا غير.
(3)
في ظل التنامي الكبير لأعداد
المحلات التجارية الكبيرة ( الهايبر ماركت )، ومحلات الهدايا والتي تحمل في الغالب
أسماءً غير عمانية، والتي غزت كثيراً من المدن والولايات، وتعود ملكيّة معظمها إلى
عدد من المستثمرين الغير عمانيين ، يلحّ عليّ السّؤال الآتي: ترى ما هو مصير المحلات
الصغيرة التي تعود ملكيتها إلى مواطنين عمانيين غامر كثير منهم بطلب التقاعد المبكر،
وضحّى بعضهم بمكافأة نهاية خدمته، أو باع أرضاً وحيدة يمتلكها، أو استدان كي يجد له
مصدر دخل يعينه على مصاعب الحياة وتحدياتها المختلفة من خلال قيامه بفتح (بقالة) صغيرة،
أو محل هدايا متواضع، أو منفذ لبيع الخضروات والفواكه، معتقداً أنه سيحظى برعاية واهتمام
المسئول من خلال تشريعات اقتصادية توفر له الحماية، وتضمن له الاستمرارية في العمل،
وعدم الخوف من تحديات المستقبل؟!
ترى كم من المحلات الصغيرة أقفلت أبوابها أو عرضها أصحابها للبيع جرّاء عدم
قدرتها على منافسة تلك المحلات الكبيرة التي انتشرت كانتشار النار في الهشيم
وأصبحت سمة تميّز المجتمع؟! وهل سنشهد خلال الفترة القادمة طرحاً أوسع لمثل هذه القضية،
وحلولاً مهمة تطمئن البقية؟
ما يصيبك بالألم والقهر
عدا ما ذكر سابقاً أنّ بعض هذه المحلات الكبيرة تحمل أسماء لها قدسيّتها الدينيّة
وقد لا تتناسب بعض بضائعها وسلعها مع قدسيّة هذه الأسماء!!
(4)
عند رغبة بعض الجهات
البلديّة أو الاقتصاديّة في تطبيق قرار يخصّ نشاط فئة اقتصاديّة معيّنة كالحلاقين
أو أصحاب الورش بمختلف أنواعها، أو أصحاب المطاعم أو المحلات التجاريّة وغيرهم، فهل
يتم مناقشة العاملين بهذه الأنشطة في فحوى أو آليّة تطبيق هذا القرار أم يكون
الأمر واجب النفاذ بمجرد توقيعه من قبل المسئول؟! وهل هناك شعب أو نقابات خاصة
بهذه الأنشطة التجاريّة في غرفة تجارة وصناعة عمان أو الاتحاد العام للعمّال
تتبنّى مطالب العاملين بها، وتتولّى الحديث باسمهم عند وجود أيّة تحدّيات تتعلق
بأنشطتهم؟!
أكتب هذا الكلام من وحي
قضيّة أدوات الحلاقة البلاستيكيّة الجديدة التي تستخدم لمرّة واحدة مع كلّ زبون
والتي (فرض) على أصحاب محلات قصّ الشعر والتجميل في مسقط الالتزام بها.
(5)
ما إن أتابع مسلسلاً إذاعياً
محلّياً إلا وأفاجأ بحرص القائمين عليه على حشر الشخصية البدويّة ضمن أحداثه، حتى لو
كان هذا المسلسل يناقش قضية أخرى لا تستدعي أحداثها وجود مثل هذه الشخصية، وذلك من خلال دور أصبح ثابتاً في هذه المسلسلات، ويذهب
غالباً إلى ممثل بعينه، يحمل أسماء غريبة قد لا تمت للبيئة البدوية الحقيقية بصلة،
وكأنّه حرام على البدويّ العمانيّ أن يكون اسمه من ضمن الأسماء المعتادة! ويزيد القائمين
على مثل هذه المسلسلات في فضلهم علينا فيجعلون الممثل يتكرّم علينا كل خمس ثواني بأن
يعتزي بأنّه (صاحب الركاب) كي يذكرنا بأنّه بدوي، وكأن البدوي شخصية خيالية هبطت من
إحدى الكواكب القريبة، لا تلك التي نعرفها بحكم معايشتنا لها.
هل نهتم في مسلسلاتنا بالفكرة
والمضمون، أم بالمؤثرات التي نعتقد أنها ستضفي شيئاً من الفكاهة حتى لو لم تكن لها
علاقة بفكرة المسلسل، أم أنه لا توجد أساساً فكرة واضحة تم بناء سيناريو المسلسل على
أساسه؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.