الجمعة، 6 يناير 2012

مواقف حياتيــة (15)


جريدة عمان - الخميس 5/1/2012
هذه مواقف حياتية نصادفها يومياً.. نعرضها ليس من باب النقد، ولكن من أجل أن تكون الرؤية أكثر جمالاً ووضوحاً.
 (1)
لم تمر ساعة واحدة  من  طرحي لإحدى القضايا المجتمعية، في وسيلة إعلامية محلية،  إلا وجاء الرد الفوري من قبل معالي الوزير التي تقع هذه القضية في مجال اختصاص عمل وزارته، معلناً اهتمامه الشخصي بالموضوع، وموضحاً الخطوات القادمة التي ستتخذ لحل المشكلة.
هكذا يكون المسئول.. مهموماً بالقضايا التي تتعلق بعمله، ومسكوناً بحب الوطن الذي وضع فيه الثقة الكبيرة.
أمانة القلم تستوجب علينا كشف الجوانب السلبية التي يمكن لها أن تؤثر  على مسيرة النهضة الشاملة في هذا البلد المعطاء،  وأمانة الكرسي تستوجب عليهم التجاوب والتواصل وتوضيح الأمور. كل هذا كي يبقى هذا الوطن أكثر جمالاً وازدهاراً.
شكراً لكم معالي الوزير.
 (2)
بناء على التوجيهات السامية، قامت وزارة التربية والتعليم برفع بدل طبيعة العمل للهيئة التدريسية والوظائف المرتبطة بها اعتبارا من بداية شهر يناير الجاري .
ومن خلال الاطلاع على الجدول المتضمن لبدل طبيعة العمل للفئات التي تضمنها، تثار بعض التساؤلات المهمة، فنلاحظ مثلاً  أن هناك تفاوتاً واضحاً في المبالغ المحددة لكل وظيفة على حدة  ، ولم توضح المعايير التي من خلالها تم احتساب هذه المبالغ ، بالرغم من أن بعض هذه الوظائف تتشابه في التدرج الوظيفي، وآلية اختيار الكوادر الفنية المرتبطة بها، والجهد المبذول من قبل شاغليها.
وبالرغم من أن مدير المدرسة يقع على عاتقه كثير من الأعباء الإدارية والفنية، إلا أن بدل طبيعة العمل الخاصة به أقل من طبيعة العمل الخاصة بالمشرف العام أو المشرف الأول، وتتساوى مع طبيعة العمل الخاص بالمشرف الإداري أو مشرف المادة، أو مشرف التوجيه المهني، وهذا به إجحاف تجاه الجهد الذي تبذله إدارات المدارس، ونفس الوضع ينطبق على المعلم الذي جاءت علاوة طبيعة عمله أقل من الفئات السابقة.
كما أنه قد تم حرمان وظائف أخرى لها ارتباط مباشر بالهيئة التدريسية، وتقوم بالإشراف على بعض الوظائف الإدارية والفنية بالمدارس ، كأخصائيي الإرشاد الاجتماعي والنفسي، وأخصائيي الأنشطة بالمديريات، وأخصائيي الإعلام التربوي، والنشاط الكشفي وغيرهم من الفئات.
كذلك فإن هناك فئات أخرى تم استثناءها من العلاوات أو بدل طبيعة العمل كمدراء العموم، أو مدراء الدوائر، أو حملة الشهادات العليا، بالرغم من الأدوار الفنية والإدارية المهمة التي يقومون بها، ولعلنا لا نستغرب عندما نجد أن مدير عام ما يقل راتبه عن زميله الذي تعين معه في نفس العام، و يعمل مدرساً بإحدى المدارس. ونفس الأمر ينطبق على الفئات الأخرى. وهذا الأمر يتنافى مع متطلبات تطبيق الجودة التي تؤكد على أنه كلما ارتقى الموظف فكرياً ووظيفياً، زادت أعباءه، وبالتالي يفترض أن يوازي ذلك تغييراً في وضعه المادي.فلماذا المعادلة معكوسة لدينا؟
تساؤلات كثيرة قد لا تنتظر الإجابة.
(3)

أطلق أهالي مدينة ( المجمعة ) بالمملكة العربية السعودية برنامجاً يهتم بترميم المباني التراثية تحت مسمى                 "لا يطيح"، ويهدف للحفاظ على المباني القديمة في الوسـط التاريخي، وإشراك وتمكين الأفراد والمجتمعات المحلية في عملية المحافظة على المباني التراثية، وإعادة تأهيلها واستثمارها اقتصادياً وثقافياً وسياحياً وتحويلها من مبان آيلة للسقوط إلى آيلة للنمو وقابلة للاستثمار وموفرة لفرص العمل..
ولقي هذا البرنامج التوعوي تجاوبا واضحا من الشباب الذين سارعوا في بناء بعض الجدران المتهدمة في البلدة القديمة بالمجمعة، وذلك  لاستشعارهم بأهمية المباني القديمة التي تمثل تاريخا حيا للبلدة .
هذا عن الوضع في مدينة (المجمعة) فماذا عن الوضع معنا؟ أعتقد أن شعارنا هو ( يطيح ). أليس كذلك؟
(4)
يقترح صديقي بأن تقوم الصحف المحلية بعرض بعض الصور التي تجسد التجاوزات البيئية أو الإسكانية أو الثقافية، التي يقوم بها البعض إهمالاً أو تعمداً أو لا مبالاة، وذلك على صفحاتها الأولى، وذلك بقصد التوعية، كي يتفاعل معها أفراد المجتمع بمختلف شرائحهم، ويقوموا برفد تلك الصحف  ببعض تلك الصور من خلال ملاحظاتهم اليومية، ولكي تنبه المسئولين بأهمية المتابعة المستمرة ، كي لا تتكرر تلك التجاوزات .
الفكرة جميلة ، ومنفذه في عديد من الصحف العربية والعالمية ، وأتذكر هنا تجربة جريدة "المصري اليوم"، حيث كانت تعرض نماذج من هذه الصور في صفحتها الأولى مع بعض التعليقات البسيطة، ولا تمر أيام قليلة إلا ويأتي الرد من الجهات المسئولة  بأنه قد اتخاذ الإجراءات اللازمة حيال ما تم عرضه .
أعتقد أنه في حال قيام إحدى صحفنا بتنفيذ الفكرة فإنها ستفاجأ بكم الصور التي ستردها من قبل القراء والمهتمين.
 (5)
سعيد بن محمد الزدجالي أحد الرعيل الأول الذي حملوا على عاتقهم تأسيس الإعلام العماني المرئي والمسموع في وقت كان يموج بكثير من التحديات ، وكانوا بمثابة مدارس تعلمت منهم أجيال كثيرة لاحقة.
ترى كيف هي أوضاعه  الصحية الحالية؟
ما يمر به الأستاذ سعيد هو نموذج لما يمكن أن يمر به آخرون ممن خدموا هذا الوطن في شتى مجالاته، ويمكن أن يتعرضوا لنفس ما مر به، وربما لم تتوافر لديهم من العلاقات المهمة مع  كبار المسئولين ما يجعلهم يستفيدون من بعض الخدمات هنا وهناك.
لا أعتقد أن الأستاذ  سعيد الزدجالي سيكون سعيداً وهو يسمع ويقرأ مطالبات بعض المهمومين بهذا الوطن بضرورة الاهتمام بوضعه الصحي والاجتماعي، وكأنها نوع من الاستجداء أو المنــــة، في الوقت الذي كان من المفترض أن يجد الاهتمام المطلوب هو وغيره من أبناء الوطن المخلصين دون اللجوء لكل هذه الأساليب .
ترى لو كانت لدينا جمعيات مهنية تعنى بشئون  المنتسبين إليها، وتؤمن لهم الاهتمام المطلوب خاصة بعد خروجهم من الخدمة، أو تعرضهم لبعض الأزمات الإنسانية. ألن يكون الحال أفضل مما يحدث الآن؟
(6)
من جميل ما قاله البهاء زهير في الانسانيات:
دع الـوشاة ومـا قالوا وما نقلوا
                                                      بـيني وبـينكم مـا ليس ينفصلُ
لـكم سـرائر فـي قـلبي مـخبـّأةً
لا الـكتب تنفعني فيها ولا الرُّسُل                                                   
رسائل الشوق عندي لو بعثت بها
إلـيكم لـم تسعها الطّرق والسّبل                                       
يـزداد شعري حُسناً حين أذكركم
                                             إن الـمليحة فـيها يحسنُ الغـزل
يـا غـائبين وفي قلبي أشاهدهـم
وكلما انفصلوا عن ناظري اتّصلوا                                                 


د.محمد بن حمد العريمي
Mh.oraimi@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.