جريدة عمان- الخميس 30/11/2011
(1)
هطلت أمطار الخير خلال الفترة الماضية، فاكتست الأرض بساطاً أخضر قشيب، وتحولت كثير من السيوح الجرداء إلى اللون الأخضر الفاتح المريح للعين.
المشكلة أن جوانب كثير من الشوارع أصبحت مراع لبعض الحيوانات كالجمال والحمير، وهذا الأمر يسبب خطورة كبيرة على حركة السير، في ظل عدم توافر الإنارة الكافية ليلاً في بعض الشوارع، وفي ظل عدم انتباه البعض من السائقين.
لابد من إيجاد حلول لهذه المشكلة ، كي لا تسكب المزيد من الدماء على إسفلت الشوارع.
(2)
كثرة عدد المطاعم والمقاهي في المدن والولايات، هل هي دليل على رخاء معيشي، أم ثقافة استهلاكية سلبية؟
أكتب هذا الكلام، وأنا أرى الانتشار الكبير للمطاعم والمقاهي في الشوارع والحارات والقرى، لدرجة أنك يمكن أن تلاحظ وجود أكثر من مطعم أو مقهى في بناية واحدة، مع تشابه كبير في التصميم المعماري، ونوعية الوجبات المقدمة، وسيطرة مطابخ غير عمانية على أصناف هذه الوجبات.
الغريب أننا نتحدث عن غلاء معيشة، وارتفاع الأسعار، وجشع بعض أصحاب هذه المطاعم، ولا نتحدث بتاتاً عن ثقافة أكل سلبية، وعن وجبات منزلية تبحث عمن يقترب منها، ولا تجد سوى صناديق القمامة كمأوى لها.
نحتاج إلى إعادة النظر مرات عديدة في ثقافتنا الاستهلاكية، وسنجد بعدها أن كثيراً من ميزانياتنا الشهرية تذهب في بنود كمالية ليست لها تلك الدرجة من الأهمية، وكان من الممكن استغلالها في أشياء أكثر أهمية وجدوى.
(3)
شجرة المسكيت (الغويفة)، أو سرطان الأرض كما يسميها البعض، هي شجرة طفيلية دخيلة على البيئة العمانية، تم جلبها من دول مجاورة، ثم استشرت في كثير من المناطق، مع انتشارها على طول مجارى الأودية (على هيئة غابات)، وعلى امتداد الأفلاج، والأراضي الزراعية والمنازل.
لهذه الشجرة الكثير من الأضرار البيئية والصحية، فهي تمتص كميات كبيرة من الماء، وخاصة من النباتات المجاورة لها وامتداد جذورها مع انبعاث رائحة كريهة منها، مما يؤثر على المخزون الجوفي من المياه، ونقص في مياه الأفلاج والآبار في المنطقة التي تنتشر بها، كما تؤثر في نمو كثير من الأشجار والمحاصيل التي تنمو بالقرب منها، كالنخيل مثلاً، بالإضافة إلى الروائح الكريهة التي تنبعث من هذه الشجرة، مما يسبب مشاكل صحية في التنفس، وانتشار أمراض الربو، كما أن انتشارها الكثيف، وسهولة نموها يشكل إخلالا بالنظام البيئي، وتشويهاً للمنظر العام في مناطق نموها وانتشارها.
من المهم تكاتف الجهود للحد من انتشار هذه الشجرة، بحيث تعود للبيئة العمانية رونقها وجمالها.
(4)
تعد الأشخرة من النيابات الجميلة التي تتميز بموقعها الاستراتيجي على بحر العرب، وهوائها العليل طوال العام، وأهميتها كميناء صيد مهم، وموقعها كمحطة توقف للقادم من ولايات صور وجعلان وبقية الولايات باتجاه مصيرة أو الوسطى وظفار.
كل هذه الأهمية تتطلب إعادة النظر في التصميم الجمالي والحضاري الحالي للنيابة، فمن موقعها الحالي، يمكن أن نخلق (موناكو) أو (نيس) أو (مايوركا)،أو حتى (غردقة)، و(شرم شيخ) جديدة، فكثير من المقومات الطبيعية متوافرة بهذه النيابة، ومن يقف على شاطئها لا يمكن إلا أن يتخيل تلك المدن إذا كان قد زارها.
يستطيع كثير من الشباب العماني المبدع أن يضعوا تصاميم جميلة للأشخرة الجديدة، تتضمن تطوير مصنع السفن الحالي، وتجميل الواجهة العمرانية ابتداء من ميناء الصيد الجديد، وحتى ساحل الاستراحات، وإنشاء كورنيش عصري ، واستزراع بعض أشجار المناطق الموسمية كالنارجيل النارجيل و(الفافاي) التي يتناسب جو النيابة مع نموها على امتداد الكورنيش،مع تخصيص مكان لوجود أسواق حرفية وشعبية تنهض بالسياحة، وتربط الحاضر بالماضي، وتوجد مصادر دخل لعدد من الحرفيين،إضافة لإحياء كثير من الفنون العمانية المغناة التي تشتهر بها النيابة كرافد مهم من روافد الحركة السياحية والثقافية، مع وجود جهاز إداري أو بلدي مستقل خاص بالنيابة، وفصلها عن بلدية جعلان بني بوعلي، وذلك لتواضع الإمكانات، وضعف الرغبة في التجديد والتطوير.
هذه بعض المقترحات..فهل من آذان صاغية؟
(5)
كثير منا يحفظ أسماء عدد من الرياضيين والمطربين والشعراء المشهورين بالسلطنة وخارجها، ولكن كم منا يعرف اسم الدكتور نبيل محسن؟ من كتاب"شاهد على عصر النهضة" أقتبس لكم جانباً من السيرة الذاتية لهذه الشخصية التي رفعت اسم السلطنة عالياً في الأوساط العلمية العالمية، باعتبارها الشخصية العربية الوحيدة الذي تم تعيينها بجامعة (مونبيليه) التي تعد واحدة من أعرق الجامعات العالمية، وذلك بقرار جمهوري من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، في عام 2011م.
مشوار طويل من الجد والاجتهاد بذله الدكتور محسن حتى وصل إلى هذه المكانة، بدأها باجتيازه لاختبار السنة الأولى الجامعية في كلية الطب بجامعة مونبيليه ، من بين (2300) طالب من جنسيات مختلفة، ثم حصوله على شهادة البكالوريوس في الطب عام 1983، أعقبها حصوله على درجة الدكتوراه عام 1985، بعد أن اختار لأطروحته عنواناً مهماً، وهو "فيروس الكبد الوبائي وتأثيره على مرضى زراعة الكلى ومرضى غسيل الدم"، ليعود بعدها بسنوات إلى الوطن رئيساً لقسم الكلى في المستشفى السلطاني، بعد أن جرفه الحنين إلى الوطن، تاركاً كثيراً من المغريات من مال وشهره، ثم يدخل في تجربة جديدة في مجال البحث العلمي في جامعة هارفارد الشهيرة، قبل أن يقدم أوراقه في جامعة مونبيليه، كبروفيسور مشارك، وهو الأمر الذي يتطلب كثيراً من الإجراءات المعقدة، كون تلك الجامعة لا تقبل سوى من بلغوا في العلم شأواً كبيراً.
الدكتور نبيل محسن نموذج جميل لشباب اليوم كي يسيروا على خطاه ، وخطى الكثير من الشخصيات الناجحة التي تعمل وتبدع في صمت، في وقت أصبحت فيه الحاجة إلى القدوة مطلباً ملحاً ومهماً..
(7)
من أبيات الحكمة للشاعر أبو الطيب المتنبي:
ذو العقلِ يَشقَى في النَّعيمِ بعقلـه
و أخو الجهالـةِ فـي الشَّقـاوةِ يَنعُـمُ
و النَّاسُ قد نَبَـذُوا الحِفَـاظَ فَمُطْلَـقٌ
يَنسـى الَّـذي يُولَـى و عَـافٍ يَـنْـدَمُ
لا يخـدَعَـنَّـكَ مِـــن عَـــدُوٍّ دَمــعُــهُ
و ارْحَـمْ شَبَابَـكَ مــن عَــدُوٍّ تَـرْحَـمُ
لا يَسْلَمُ الشَّرَفُ الرَّفيـعُ مـن الأَذَى
حتَّـى يُــرَاقَ عَـلـى جَوَانِـبِـهِ الــدَّمُ
يُـؤذي القليـلُ مِـنَ اللِّـئَـامِ بِطَبْـعِـهِ
مَــنْ لا يَـقِـلُّ كَـمَـا يَـقِــلُّ و يَـلْــؤُمُ
و الظُّلمُ مِنْ شِيَمِ النُّفُوسِ فَإِنْ تَجِد
ْذا عِـــفَّـــةٍ فَـلِـعِــلَّــةٍ لا يَــظْــلِــمُ
د.محمد بن حمد العريمي
Mh.oraimi@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.