الخميس، 23 فبراير 2012

مواقف حياتيــة (22)


جريدة عمان - الخميس 23/2/2012م
هذه مواقف حياتية نصادفها يومياً.. نعرضها ليس من باب النقد، ولكن من أجل أن تكون الرؤية أكثر جمالاً ووضوحاً.
(1)
"لنفتح نقاشًا هنا حول الإعلام العماني وأملي أن يقوم كل من يشارك هنا بطرح ما يراه بحرية مسئولة عادلة تدل على الرأي المتقصي للحق والحقيقة والبناء".
تصدرت هذه الكلمات الصفحة الشخصية لمعالي رئيس الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون في موقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك)، وهو نداء يدل على رغبة جدية، وحرص كبير من قبل معاليه على التطوير الشامل والإصلاح المؤسسي الذي يعتمد على رأي المجتمع كشريك مهم في هذه العملية، كونه المعني بالخدمة، والأقدر على نقدها وبيان جوانب الإجادة والنقص فيها.
لو  ترك كل مسئول كرسيه الوثير، واقترب من  نبض الشارع، لاختفت كثير من المشكلات، ولتطور العمل داخل المؤسسة بشكل ملحوظ، ولسدت كثيراً من الفجوات الحاصلة بين الطرفين.
ختم معاليه ندائه بهذه العبارة: "أعد بدراسة كل مقترح بناء دراسة متأنية والاستفادة القصوى منه في بناء استراتيجياتنا وتنفيذها".
تحية تقدير لكل مسئول يضع المجتمع نصب عينه في عملية البناء والتطوير والتحديث.
 (2)
في محاولة لإعادة الوهج والأهمية للسبلة العمانية والتي كانت تمثل لدى العمانيين مصدراً مهماً من مصادر الأخبار والتواصل الاجتماعي، ومركزاً لصنع كثير من القرارات ، ينفذ نادي الاتفاق مشروعاً ثقافياً تحت مسمى       (سبلة الاثنين)، وذلك  كل اثنين من نهاية كل شهر  ، حيث يتم من خلالها دعوة أحد الضيوف المتخصصين في المجالات الحياتية المختلفة، أو المجيدين في مجالات الفكر والثقافة للحديث حول عدد من الموضوعات التي تهم المجتمع.
     آخر فعاليات السبلة كانت تدشين برنامج (نبض المجتمع)، والذي تقوم فكرته  على تنفيذ برامج لتثقيف أفراد المجتمع وتبصيره بقضايا وشؤون الوطن وكذلك إتاحة الفرصة بلقاء المسئولين في الدولة لطرح رؤاهم وأفكارهم والاستماع إلى وجهات نظرهم في القضايا المختلفة، ومد  جسور التواصل بين المواطن والمسئول ، بالإضافة إلى ترسيخ أهمية الحوار وجعله منبرا للتواصل بين صناع القرار والمجتمع. وقد بدأت أولى فعالياته باستضافة سعادة الشيخ رئيس مجلس الشورى. 
بهكذا أفكار سينهض المجتمع، وستضيق الفجوة، وسيشعر المسئول بأن هناك من يرقب عمله، وينتظر منه الجديد. لابد من الشراكة المجتمعية،  فبدون مبادرات المجتمع الايجابية، ستكون خطواتنا قصيرة، وسيصبح تقدمنا محدوداً.

(3)
"يمنع منعاً باتاً وقوف السيارات المعروضة للبيع في هذا المكان، ومن يخالف ذلك سوف يعرض نفسه للمسائلة القانونية".عبارة قرأتها على لوحة معدنية ضخمة تابعة لإحدى الجهات الحكومية معلقة في أحد مواقف السيارات العامة في مدينتي.
برغم التحذير والتهديد بالمسائلة القانونية، إلا أن  عشرات السيارات قد تحدت كل ذلك، من خلال وقوفها الدائم لأشهر طويلة لدرجة تراكم الغبار والأتربة عليها، ومن خلال  عبارة " للبيع" المكتوبة على جوانبها بخط عريض يكاد يراه الأعور.
الغريب أن موقف السيارات هذا لا يكاد يبعد سوى أمتار قليلة عن بوابة الجهة الحكومية المسئولة عن هذا الموضوع.
(4)
في تصريحه الأخير لإحدى الصحف المحلية اليومية كشف سعادة وكيل وزارة التراث والثقافة  عن  عديد من المشاريع الثقافية  لعل من بينها إنشاء (5 ) مراكز ثقافية ستكون جاهزة في عام 2015 في ربوع السلطنة، وكذلك إنشاء مجمع عمان الثقافي الذي سيضم عدداً من القاعات والمباني الثقافية المختلفة.
مشاريع مهمة تشكر عليها الوزارة، وخطوات ضرورية  بحــــت أصوات الكثيرين وهم ينادون بها.
ولكن أين نصيب القرية العمانية يا سعادة الوكيل؟ الصغار والشباب والكبار في قرانا لا يكادون يجدون ما يشغلون به أوقاتهم  سوى بعض المناشط المدرسية، واجتهادات شخصية من قبل جهات مجتمعية مختلفة، في ظل غياب شبه كامل لدور الوزارة والوزارات الأخرى المناط بها قضايا التوعية والتأهيل ورعاية الشباب فكرياً واجتماعياً.
يا سعادة الشيخ: أبناؤكم في القرى والولايات الأخرى أيضاً متلهفون لهكذا مشاريع، وأعتقد أنه قد آن الأوان كي نلتفت إليهم، فدور المدرسة لوحده سيكون قاصراً في ظل عدم وجود مراكز ثقافية ورياضيه واجتماعية تعزز من دورها، وتسهم في صقل المهارات والملكات المختلفة لهذه الفئات.
يا سعادة الوكيل: لا تتأخروا عن الاهتمام بهم، وإلا فهناك من هو جاهز كي يلعب دور البديل.
 (5)
الأستاذ والشاعر والباحث في الفلكلور عبد القادر بن محمد  الجيلاني يرقد على فراش المرض  بعد رحلة طويلة مع الإجادة والإبداع، تشهد عليها كثير من مدارس السلطنة التي عمل بها منذ بداية النهضة المباركة، في وقت اتسم بقلة الإمكانات، وصعوبة التنقل بين أرجاء المدينة الواحدة، فما بالكم بالانتقال من منطقة لأخرى، وتؤكدها عشرات القصائد والأناشيد المغناة في كثير من المناسبات الوطنية والمجتمعية، ومثلها من البرامج الإعلامية المختلفة التي ساهمت شخصيتنا من خلالها في التعريف بجوانب مختلفة من الثقافة العمانية في مجال الأدب الشعبي، والفنون المغناة، والعادات العمانية المختلفة، ويشهد عليها كذلك  أجيال عديدة ما زالت تذكر له دوره في صقل مواهبها المختلفة، ويكفي أن شاعرنا كان حريصاً على تقديم موهبة شعرية جديدة في كل أمسية يشارك فيها.
دعواتكم للأستاذ عبد القادر الجيلاني بالشفاء والعافية، وأن يتجاوز محنته، ويعود إلينا طاقة مبدعة كما عهدناه على مدى سنوات طويلة.
(6)
مما قاله البحتري:
أَغِيبُ عَنكَ بوُدٍّ لا يُغَيِّرُهُ
                          نَأْيُ المَحَلِّ ولاَ صَرْفٌ مِنَ الزَّمَنِ
فَإِنْ أَعِشْ فَلَعَلَّ الدَّهْرَ يَجْمعُنَا
                           وَإِنْ أَمُتْ فَبِطُولِ الشَّوقِ والحَزَنِ
عْتَلُّ بِالشُّغْلِ عَنَّا مَا تُلِمُّ بِنَا
                           الشُّغْلُ للقَلْبِ لَيْسَ الشُّغْلُ لِلبَدَنِ
قَدْ حَسَّنَ اللهُ في عَيْنَيَّ ما صَنَعَتْ
                           حَتَّى أَرَى حَسَناً ما لَيْسَ بالحَسَنِ


د.محمد بن حمد العريمي
Mh.oraimi@hotmail.com







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.