جريدة عمان - الخميس 1/3/2012
هذه مواقف حياتية نصادفها يومياً.. نعرضها ليس من باب النقد، ولكن من أجل أن تكون الرؤية أكثر جمالاً ووضوحاً.
(1)
تفضل جلالة السلطان حفظه الله ووجه باعتماد مبلغ 40 أربعين مليون ريال عماني سنوياً كإضافة، ليصبح المبلغ المخصص لدعم برنامج الإسكان الاجتماعي ثمانين مليون ريال عماني سنوياً في الخطة الخمسية الحالية ، وسوف يبدأ العمل بذلك اعتبارا من هذا العام 2012م.
تأتي هذه التوجيهات تأكيداً لمدى الاهتمام اللا محدود الذي يوليه جلالته حفظه الله بأهمية توفير المسكن المناسب للمواطن، على اعتبار أن هذه المسألة صارت أحد مؤشرات ميزان التنمية البشرية،وأن توفير المسكن بالإضافة إلى خدمات التعليم والصحة يشكلون ثالوثاً اجتماعياً مهماً لا يجب التفريط في أحدها.
مازلت مصراً على وجود عشرات الحلول لتوفير المسكن المناسب، ليس فقط لأسر الضمان الاجتماعي، ولكن للشباب المقبل على الاستقرار الأسري، وغيرها من الفئات. يتطلب الأمر نية صادقة، واعترافاً بأهمية هذه القضية، وشيئاً من التفكير، وستتوالى كثير من المقترحات الإسكانية القابلة للتطبيق والتي لا مجال لحصرها هنا.
(2)
احتفلت الهيئة العامة للصناعات الحرفية قبل بضعة أيام بإعلان نتائج مسابقة (السلطان قابوس للإجادة الحرفية)، في مجالاتها المختلفة،وشهدت مشاركة عدد كبير من الحرفيين العمانيين من مختلف محافظات السلطنة، والذين سيتم تكريم الفائزين منهم في يوم (الحرفي العماني) الذي يصادف الثالث من مارس من كل عام، أي بعد يومين من الآن.
جهود ملموسة تقوم بها الهيئة في مجال الارتقاء بالنشاط الحرفي كتقديم الدعم المادي لكثير من الحرفيين، وتوفير المواد الخام اللازمة لعدد من الصناعات الحرفية، وتجهيز الأماكن المناسبة لهم لممارسة حرفهم المختلفة، وكذلك تشجيعهم على المشاركة وتسويق منتجاتهم في المحافل الداخلية ولخارجية ، وإنشاء المراكز التدريبية التي يتم من خلال صقل خبرات ومهارات عدد من الشباب من الجنسين وتدريبه على يد خبراء محليين ودوليين، كي يكونوا قادرين بعد ذلك على فتح مشاريعهم الحرفية الخاصة بهم ، ولا نغفل المتابعة الميدانية التي يقوم بها مسئولو الهيئة للمشاريع الحرفية المختلفة في محافظات السلطنة بمختلف ولاياتها وقراها.
مثل هذه الجهود المهمة، بالإضافة إلى العمل على إيجاد قوانين وتشريعات تحمي الحرف الأصيلة من منافسة العمالة الوافدة الرخيصة، والبضائع المقلدة المستوردة من الخارج،وكذلك الترويج والتسويق الجيد للمنتج العماني الحرفي في الأسواق والمعارض المحلية والدولية، وتوفير الأسواق الشعبية التي تجعل الحرفي العماني أكثر استقراراً ، ستنجح بلا شك في إعادة العشرات من الحرفيين المجيدين في المجالات المختلفة، والذين تدهورت أوضاعهم الاقتصادية، وهجر كثير منهم حرفته، وستفتح الباب أمام جيل قادم من الحرفيين سيغيرون من شكل الخارطة الاقتصادية للبلد في المرحلة القادمة بإذن الله.
وقتها لن نحتاج لاختلاق آلاف الوظائف الحكومية، و(حشر) الباحثين عن العمل فيها، مما يتسبب في خلق بطالة مقنعة في كثير من المؤسسات، وتراكم كمي قد يضيف مزيداً من الروتين والبيروقراطية في ظل الحديث عن حكومة الكترونية.
(3)
المستحيلات عند العرب قديماً (3)وهن: الغول، والعنقاء، والخل الوفي. وهناك مستحيلات أخرى يمكن أن نضيفها للقائمة لعل من بينها:الانتهاء من تنفيذ مشروعي مبنى وزارة التربية والتعليم، وشارع وادي عدي – العامرات، وأن يمر يوم دون أن أرى صورة أحد المسئولين الذين في بالي تتصدر وسائل الإعلام المحلية اليومية.
(4)
كثيراً ما تطالعنا وسائل الإعلام المختلفة، وعدد من اللوحات الإعلانية المعلقة هنا وهناك بإعلانات بنكية مستفزة من قبيل " ادخل السحب الكبير وقد تربح ربع مليون ريال"، أو "نصف مليون ريال لصاحب الحظ السعيد"، أو " فائز واحد فقط سيربح المليون"، أو " مع حساب .... ستتمكن من تحقيق كل أحلامك"،وهي إعلانات قد تثير الحنق في نفوس الكثيرين ممن اضطرتهم ظروفهم المختلفة إلى اللجوء لهذه المؤسسات من أجل الاقتراض نتيجة لأسباب كثيرة قد يكون من بينها وجود خلل معين في آلية تقديم بعض الخدمات الاجتماعية الحكومية بشكل أكثر نجاعة ، وهم يرون الفوائد (المركبة) المترتبة على هذه القروض تذهب في جوائز بهذا الشكل المستفز.
بغض النظر عن مشروعية مثل هذه الجوائز دينياً، ولكن إذا كان هناك إصرار من قبل إدارات هذه المؤسسات على تقديمها،فألا يمكن أبداً أن تكون الجائزة هي إسقاط نسب معينة من ديون عدد من العملاء، أم أن الجوائز هي لمن يملك الرصيد فقط.
لماذا الانحياز دائماً لمن يملك؟
(5)
أكثر من (20) محل تجميل نسائي رصدتهم عيناي في جولة مسائية لم تستغرق أكثر من نصف ساعة في بعض شوارع إحدى مدننا العمانية، وربما يتضاعف العدد لو أكملت جولتي في بقية الشوارع، وبالمناسبة أنا لا أتحدث عن العاصمة مسقط.
لماذا انتشر مثل هذا النوع من المحلات انتشار النار في الهشيم، وأصبحت من أفضل المشاريع التجارية نجاحاً وتحقيقاً للربح؟ هل هو إدراك البعض بأهمية أن تكون في أفضل صورة أمام زوجها، وكأن ذلك لا يكون إلا بالتجمل والتأنق، أم هي كالعادة مسايرة الموضة والتمدن والعصرنة وغيرها من المصطلحات العقيمة التي لا تعني سوى التقليد الأعمى، ومسايرة الركب، والثقافة السلبية، وغياب التربية الصحيحة القائمة على أسس الإسلام، وثقافة المجتمع وعاداته وتقاليده الراسخة.
لست ضد هذا النوع من المحلات، وليس عيباً أن تستعين المرأة بها في بعض الحالات الضرورية التي تتطلب ذلك، اعتراضي فقط هو على إصرار البعض من نسائنا في الذهاب إليها بمناسبة أحياناً وبدون مناسبة غالباً، وفي أن لا يجد البعض حرجاً في أن ترتادها بعض البنات الفتيات القاصرات أو غير المتزوجات مع ما يشكله ذلك من تأثيرات سلبية كثيرة، وفي المخالفات الشرعية التي قد تغفل عنها بعض النساء من باب "إن الله غفور رحيم".
سابقاً كنا نتباهى بالقول: ما بين كل مسجد ومسجد يوجد مسجد. يبدو أن هذه المقولة ستتغير في القريب العاجل إلى عبارة أخرى لها علاقة بهذه الفقرة الحالية.
(6)
مما قاله شاعر المهجر إيليا أبو ماضي:
كن بلسماً إن صار دهرك أرقما
وحلاوة إن صار غيرك علقما
إن الحياة حبتك كلَّ كنوزها
لا تبخلنَّ على الحياة ببعض ما
أحسنْ وإن لم تجزَ حتى بالثنا
أيَّ الجزاء الغيثُ يبغي إن همى ؟
مَنْ ذا يكافئُ زهرةً فواحةً
أو من يثيبُ البلبل المترنما ؟
عُدّ الكرامَ المحسنين وقِسْهُمُ
بهما تجدْ هذينِ منهم أكرما
د.محمد بن حمد العريمي
Mh.oraimi@hotmail.com