الأربعاء، 26 أكتوبر 2011

مواقف حياتيــة (6)


جريدة عمان - الخميس 27/11/2011م
هذه مواقف حياتية نصادفها يومياً.. نعرضها ليس من باب النقد، ولكن من أجل أن تكون الرؤية أكثر جمالاً ووضوحاً.
(1)
(452) حالة وفاة، و(5647) عدد الإصابات البشرية ، خلال النصف الأول من عام 2011م، حسب إحصائيات شرطة عمان السلطانية.
أرقام مخيفة، وواقع مأساوي، وبرغم كل الجهود المبذولة على كافة المستويات في الدولة، إلا أن الأعداد في تزايد، والمشكلة ما زالت تراوح مكانها.ما الحل؟
(2)
تحدث الكثيرون عن الصلاحيات الواسعة التي أعطيت  لمجلس عمان، ، والتي تؤكد على الإرادة السامية في دفع وتطوير مسيرة الشورى بالسلطنة، وأصبحت الكرة الآن في ملعبنا نحن المواطنين، فكثير من مطالبنا في هذا الشأن تحققت، والبقية ستأتي لاحقاً، في ظل اهتمام لا متناهي من قبل القيادة الحكيمة بكل ما من شأنه الرقي بهذا الوطن.
سؤالي المهم: هل الغالبية من أعضاء مجلس الشورى الحاليين مهيئون لتفعيل هذه الصلاحيات؟ وهل لديهم  الوعي والقدرة والشجاعة والثقافة التي تؤهلهم لمناقشة كثير من الأمور الدقيقة، كمشروعات مشروعات خطط التنمية
والميزانية السنوية للدولة، و
الاتفاقيات الاقتصادية والاجتماعية التي تعتزم الحكومة إبرامها أو الانضمام إليها، أو استجواب أي من وزراء الخدمات في الأمور المتعلقة بتجاوز صلاحياتهم بالمخالفة للقانون؟
في ظل ما أفرزته نتائج الانتخابات الحالية، فإننا بحاجة إلى عمل دءوب لكي نقتنع كمجتمع بأهمية هذا المجلس في الحياة السياسية والاجتماعية، وبالتالي وجود حرص كبير، ورغبة ملحـــة في تفعيل أعماله بالشكل الايجابي، والوصول إلى ما يسمى (بثقافة الانتخاب)، وهذا يعني الاختيار الجيد للمرشحين، والمفاضلة بين البرامج الانتخابية المطروحة.
 يستلزم الأمر تحولاً مجتمعياً ندرك أنه لن يأت بتلك السهولة، بل هو بحاجة لشيء من الحراك الفكري المتواصل، ومراجعة دقيقة للتجارب الحالية والسابقة، ولبرامج انتخابية متوافقة مع الواقع السياسي والاجتماعي للمجتمع، ولأشخاص لديهم رصيد من الرضا والتقدير في المجتمع.
إنشاء برلمانات طلابية ،واتحادات طلبة في المدارس والجامعات، وإنشاء وتفعيل النقابات والجمعيات المهنية،ووضع مناهج تعنى بالتربية الوطنية أو المدنية، وتشكيل مجالس بلدية في الولايات وجعل عضويتها عن طريق الانتخاب ،من بين  الأمور التي من شأنها أن تأتي بهذا التحول المطلوب .
(3)
في ظل الحديث عن دور المرأة العمانية في المجتمع، فإنه من المهم التذكير بأن المرأة المنتجة ليست فقط صاحبة دار عروض الأزياء، أو محل التصوير، أو الكوافير، أو تنظيم الحفلات والأفراح، أو غيرها من الأنشطة المماثلة، والذي تحاول بعض وسائل الإعلام الترويج لها على أنها وحدها الواجهة المضيئة للمرأة العمانية المنتجة.
 المرأة العاملة هي كذلك المرأة الريفية في حلـــوت، ومدينة الحق، والخويمة،والطحايم،وكمزار، والدقم،وسمد الشأن،والحوقين، وحفيت، وغيرها من القرى والنيابات العمانية المترامية الأطراف، والتي تعمل جنباً إلى جنب مع زوجها وابنها وأخيها الرجل في كثير من المهن والحرف (الحقيقية) دون البحث عن بهرجة إعلامية وهمية.
هذه المرأة هي من بحاجة إلى أن تستهدفها برامج التنمية الاجتماعية، وصناديق الدعم النسائي، والفعاليات المصاحبة ليوم المرأة العمانية من احتفالات وتكريم.
 
(4)
يحدث أحياناً أن يصاب أحدنا بوعكة صحية مفاجئة وغير مسبوقة، فيثير ذلك لديه تخوفاً كبيراُ، ويهتم بمحاولة تشخيص حالته عن طريق سؤال بعض المختصين، والاطلاع على المواقع الإلكترونية، والكتب والمجلات التي تهتم بالجوانب الطبية، ويحرص على مراجعة كثير من السلوكيات السلبية المتعلقة بحياته اليومية كأنماط الأكل، أو النوم، أو قضاء أوقات الفراغ. بل إن بعضنا يذهب لما هو أبعد من ذلك، فتجده يغيـــر من سلوكياته الدينية والاجتماعية، ويصبح إنساناً مختلفاً عما كان سابقاً.
ولكن كثيراً منا ، وبعد مرور هذه الوعكة بسلام، يعود إلى سابق عهده ، ويتناسى ما جرى له قبل بضعة أيام، (وتعود ريمة لعاداتها القديمة) وكأن شيئاً لم يحدث.
 (5)
يرهق البعض أنفسهم في الجد والاجتهاد، والحصول على أعلى المؤهلات الفكرية والعملية، ومع ذلك يظلون سنوات طويلة لا يراوحون أماكنهم الوظيفية،منزوين خلف أستار الروتين والبيروقراطية، بينما يبدو بعض أقرانهم  وكأنهم ولدوا وفي فمهم ملاعق من ذهب، فالطريق مفروش بالورود، والمكان المناسب مهيأ حتى قبل وصولهم، بالرغم من تقارب الإمكانات والقدرات، وميلها في كثير من الأحيان إلى جانب الفريق الأول.
معيار الأفضلية، والحرص على تساوي الفرص أمام الجميع،  هي من أهم مقومات بناء المجتمعات الناجحة.

(6)
من جميل ما قاله الشاعر الأندلسي "ابن زيدون" هذه الأبيات :
ودّع الصبرَ محبّ ودّعك 
                  
ذائع مِن سرّه ما اِستودَعك 
يقرع السنّ على أَن لم يكن 
                  
زادَ في تلك الخطى إذ شيّعك 
يا أَخا البدرِ سناء وسنى 
                  
حفظ اللَه زماناً أطلَعك 
إن يطُل بعدك ليلي فلكم 
                  
بتّ أشكو قصرَ الليل مَعك









د.محمد بن حمد العريمي
Mh.oraimi@hotmail.com



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.