الخميس، 22 سبتمبر 2011

المواطن بين الحقوق والواجبات


جريدة عمان
كشفت الأحداث الأخيرة التي مرت بها السلطنة من حراك سياسي واجتماعي ، عن العديد من الأمور المهمة والتي تتعلق بثقافة المجتمع، ولعل من أهمها مدى معرفة المواطن بحقوقه وواجباته والتي نص عليها النظام الأساسي للدولة، وقوانين حقوق الإنسان، حيث أوضحت هذه الأحداث عن جهل لدى شريحة من المجتمع تجاه هذا الأمر، وقد يكون هذا الجهل بسبب اللامبالاة من قبل البعض ، أو بسبب ضعف دور التوعية  من قبل المؤسسات المنوط بها هذا الدور.
واكتشف البعض متأخراً أن كثيراً من الأمور والأحداث  المتعلقة به شخصياً، أو بالمجتمع بشكل عام، ما كانت لتحدث لو كان هناك وعي أكبر بكثير من الحقوق والواجبات المتعلقة بتنظيم العلاقة بين الدولة والأفراد.
وبدأ العديد من الأشخاص في سرد الكثير من القصص والأحداث التي حصلت لهم، كان المواطن يتنازل فيها عن أبسط حاجاته بسبب جهله بقانون معين، أو بسبب خوفه من مسئول ما، أو بسبب اعتقاد الطرف الآخر سواء كان مسئولاً أو موظفاً عادياً بأن هذا المواطن جاهل بحقوقه، لذا ..وبسبب ذلك فقد انتشرت بعض التصرفات والممارسات الاجتماعية والاقتصادية التي أضرت بالبلد وبالمجتمع.
 
لذا .. فمن المهم أن تكون لدى المواطن معرفة بالحقوق والواجبات، وعلى أن تكون لديه شيء من الثقافة القانونية..وعلى أن يتشكل لديه الوعي بأهمية المسئولية، وكيف أن وجوده في هذا المجتمع مرتبط بحقوق عليه أن يبحث عنها، وأن عليه كذلك كثير من الواجبات تجاه هذا الوطن، وهو مسئول كل المسئولية عن الالتزام بهذه الواجبات ومحاولة القيام بها، وأنه متى ما أردنا أن نتعايش في سلام ، فعلى كل منا أن يلتزم بحقوقه وواجباته،
فكم من الحقوق أهدرت لمجرد أن الأشخاص لا يعون أهمية هذه الحقوق، وأنها حقوق مكتسبة لديهم..
وفي المقابل كم من المصالح تعطلت  لمجرد أن نفس الأشخاص لا يعون أهمية الالتزام بالواجبات المنوطة بهم.

          وبرأيي أنه قد حان الوقت كي يعي أفراد المجتمع بما لهم وما عليهم تجاه بلدهم، وذلك من خلال وسائل عدة تتشارك في تنفيذها مؤسسات عدة، وتتدرج هذه الوسائل ابتداء من النشء الصغير، وحتى المسئول الكبير،تركز على كافة الفئات دون استثناء.
        ولعل من بين هذه الوسائل  وجود  وثيقة تربوية  تشتمل على  حقوق الطلاب وواجباتهم في المدارس، وألا تقتصر هذه الوثيقة على كيفية قبول الطلبة وتسجيلهم، وآلية انتقال الطلبة، والزي المدرسي، وقواعد الانضباط الطلابي والسلوكي، والانتظام المدرسي فقط  ، بل تتعداها لتشتمل على حقوق الطالب الدينية والأخلاقية، والوطنية والاجتماعية، واحتياجاته الشخصية، وحقوقه المدرسية والتربوية،  وكذلك مسئولياته تجاه دينه ونفسه ووطنه ومجتمعه، ومسئولياته تجاه قيادته، وبيئته المدرسية، ، ومن المهم أن يكون لدى الطالب وولي الأمر نسخة من هذه الوثيقة، كي يطلع عليها ويهتم بمعرفة حقوقه، ومحاولة القيام بواجباته، وكي يتعود على المسئولية ، حيث إن تفعيل المواطنة (الحقة) يأتي من خلال  البدء بالنشء، وتعويدهم على أن يكون لهم رأي وفكر في كل ما يحيط بهم، علهم يصلون يوماً ما إلى أعلى درجات المواطنة، وهي المواطنة السياسية وهي الهدف المنشود في الوقت الحالي.
         كذلك فمن المهم  وجود مناهج تعنى بالتربية الوطنية أو المدنية يتعرف الطالب من خلالها على مكونات النظام الأساسي للدولة، ويطلع على آلية العلاقة بينه وبين بلده، وعلى الحقوق والواجبات المتبادلة بينهما، وتساهم هذه المناهج في إعادة تشكيل وعيه وثقافته السياسية والاجتماعية، وأن ترتبط هذه المناهج بأنشطة تزيد من مدى إدراك الطالب لما يدرسه من جوانب نظرية، وذلك من خلال تحليل قوانين ونصوص تشريعية مثلاً، أو القيام  بزيارات لمؤسسات حكومية ذات علاقة والاطلاع على قوانينها وتشريعاتها، وكذلك من خلال حلقات النقاش وإبداء الرأي حول قضية ما تهم الطالب ومجتمعه.
      كما أن على وسائل الإعلام المختلفة دور كبير في التوعية بهذه الحقوق والواجبات، وذلك من خلال منظومة متكاملة من البرامج توزع بشكل متوازن على وسائل الإعلام الحكومية المرئية والمسموعة والمقرية، يشترك في إعدادها وتقديمها نخبة من  المتخصصين في النواحي القانونية،وتركز على الحوار، وتشرك المواطن فيها  من خلال اللقاءات المباشرة  أو المسجلة.
         كما أن على مؤسسات الدولة المختلفة بذل جهود أكبر في سبيل التوعية القانونية للموظفين المنتسبين إلى هذه المؤسسات، فمازال هناك كثير من الموظفين لا يفقهون في كثير من الأمور القانونية المتعلقة بعملهم، كالإجازات وأنواعها مثلاً،إضافة إلى بعض الممارسات الخاطئة فيما يتعلق بأمن المعلومات وسريتها، أو آلية التعامل مع المراجعين وغيرها من الممارسات.  
       وهنا أضع مقترح تبني برنامج وطني يركز على نشر ثقافة المواطنة بين أفراد المجتمع، ويشترك في الإشراف على وضع هيكلة هذا البرنامج وأهدافه وآليات تنفيذه عدد من المختصين من الوزارات المعنية كوزارة التربية والتعليم، ووزارة الإعلام، ووزارة التنمية الاجتماعية، ووزارة الشئون القانونية وغيرها، وكذلك عدد من الباحثين والمتخصصين في قضايا المواطنة في مؤسسات التعليم العالي وغيرها، ويقوم هذا البرنامج بتنفيذ العديد من الأنشطة والفعاليات المتنوعة التي من شأنها النهوض "بثقافة المواطنة " في السلطنة، من خلال زيادة تفعيلها في المناهج الدراسية، وتنفيذ البرامج الإعلامية المصاحبة ، وتبني المسابقات المتعلقة بتنفيذ مشروعات طلابية أو مجتمعية لها علاقة مباشرة بالمجتمع، ودعم المشروعات المجيدة منها، وطباعة النشرات التوعوية المتعلقة بالحقوق والواجبات السياسية والاجتماعية، وغيرها من الأنشطة التي لا مجال هنا لحصرها.
ختاماً..متى ما أردنا مواطنة صالحة حقيقية ...فعلينا أن نعي بأهمية معرفة الحقوق والواجبات..ولو التزم كل فرد منا في المجتمع بمعرفة حقوقه وواجباته ، لتغيرت كثير من الأمور...وربما كان هذا الأمر  هو السبب الرئيس في تقدم كثير من الشعوب وتفوقها.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.