كانت إجازة عيد الفطر المبارك عندما دعاني زميلي لحضور
إحدى الفعاليات الاجتماعية في النادي الذي يشترك فيه في تلك الدولة العربية التي
كنت أقيم بها لغرض الدراسة في ذلك الوقت.
عند دخولي بوابة النادي المدعو إليه غمرني الانبهار،
واستبدت بي الدهشة، فهو ليس كالنادي الذي أعرفه في بلدي، فمرافقه وخدماته متنوعة،
وأنشطته متعددة، وبرتاده كافة أطياف المجتمع، فهذا يمارس رياضة المشي في ممر مخصص
لذلك، وذاك يتصفح جريدته المفضلة في المقهى الملحق بالنادي، وأولئك يمارسون ألعاب مختلفة في ملاعب
وصالات متعددة، وعدد من كبار السن يثرثرون في ركن هادئ حول قضية ما، كما شدتني
لوحة الإعلانات ، فهذا إعلان عن تنظيم رحلات سياحية جماعية بأسعار مخفضة، وتلك إعلانات متنوعة عن دورات
مختلفة بأسعار تشجيعية، إضافة إلى الإعلانات المتعلقة بمواعيد المحاضرات والندوات
الثقافية، والأجمل من ذلك منظر النجيل الأخضر وهو يغطي جنبات النادي في منظر بديع.
وبينما أشرب قهوتي في إحدى شرفات النادي، جال بخاطري حال
الأندية معنا، ومرت بذاكرتي صورة أحد أقاربي وهو يوبخ ابنه على ذهابه للنادي، وكيف
أن ذلك سيؤثر على أخلاقه، وعلى مستواه الدراسي، وتولدت لدي التساؤلات الآتية:
- ما الهدف
المنشود من إقامة الأندية لدينا؟؟
- وهل تقوم تلك الأندية بدورها المنشود(اجتماعي – ثقافي –
رياضي) كما تدعي اللوحات المعلقة على بوابات تلك الأندية؟
- ولماذا تلك النظرة التشاؤمية تجاه الأندية من قبل عدد كبير
من أفراد المجتمع؟
- وكيف يمكن النهوض بحال الأندية لدينا كي تقوم بالأدوار
المنوطة بها ؟
إن للأندية
دوراً مهماً في تكوين شخصية الفرد، كما أنها ينبغي أن تقوم بأدوار تربوية مساندة
لدور الأسرة والمدرسة في صقل النشء وتهذيبه، إضافة إلى أن الأندية ومن خلال
أنشطتها المتعددة في مختلف المجالات تساهم في الكشف عن المواهب والملكات المتعددة
لدى الشباب، ومحاولة صقل تلك المواهب وإخراجها إلى النور، كما أن الأفراد
المنتسبين لها سيقضون مع مرافقها وأنشطتها وقتاً مفيداً يغطي فراغهم، ويستفيدون
منه حياتياً، مع التأكيد على أن كثير من المشكلات الاجتماعية المتعلقة بفئة الشباب
قد تتناقص متى ما وجدوا متنفساً يشغلون به وقت فراغهم بشيء مفيد، لذا حرصت الدول
على الاهتمام بإقامة الأندية ودعمها.
والذي ينظر
إلى حال أنديتنا يجد العجب العجاب، فبرغم أننا دولة قليلة الحجم السكاني نسبياً،
وبرغم الحالة الاقتصادية الجيدة بشكل عام للدولة والأفراد، غير أننا نجد أن هناك
تغييباً لدور الأندية، فمن يطلع على أحوال
كثير من الأندية لدينا يجد أن اهتمامها يكاد ينحصر في لعبات محددة، وعلى رأسها كرة
القدم، أي أن الأندية تخدم عدداً محدوداً من المجتمع لا يتجاوز المائة شخص هم عداد
أفراد الفرق الكروية بتلك الأندية، و الأنشطة الثقافية والاجتماعية مغيبة بشكل
كبير إلا فيما ندر، والقاعات المخصصة لتلك الأنشطة إما مهملة، أو مخصصة كمخازن
للأدوات الرياضية، كما أن مباني العديد من الأندية غير مصممة بشكل يتناسب وقيام
النادي بدوره المنشود، فكثير من هذه المباني إما أنها قديمة الإنشاء، أو صغيرة
الحجم بما لا يتوافق مع الأنشطة التي ينبغي أن تمارس فيها، كما أن
هناك عزوفاً عن الاشتراك في إدارات تلك الأندية، بحجة قلة الدعم، وكثرة المشاكل الإدارية
والمالية المتعلقة بها، لذا فليس من الغريب أن نفقد العشرات من المواهب المتنوعة
في مختلف المجالات بسبب ضعف دور الجهات التي ينبغي عليها البحث عن تلك المواهب
واحتضانها وتأهيلها.
برأيي أنه على الدولة أن تعي أهمية دور الأندية المجتمعي
، وأن يعاد النظر في وضع الأندية الحالي،وأن يتم تغيير الصورة المرسومة حالياً
للأندية من جانب قطاع كبير من المجتمع، وأن تكون هناك إستراتيجية واضحة للاستفادة من أدوار
تلك الأندية ثقافيا واجتماعياً ورياضياً، يتم الاعتماد في وضعها على الاطلاع على
تجارب العديد من الدول المختلفة، وأخذ رأي المجتمع نفسه بمختلف أطيافه حول الخدمات
التي ينبغي أن تقدم من خلال تلك الأندية، وأن يكون للقطاع الخاص دور مهم في إدارة
تلك الأندية، وبرأيي أن كثير من الأسر على استعداد للاشتراك في تلك الأندية
وبمبالغ محددة، متى ما وجدت أن هناك خدمات مناسبة ومفيدة يقدمها ذلك النادي عدا
كرة القدم، ومن اشتراكات الأعضاء، وتأجير بعض مرفقاته تستطيع إدارة النادي الصرف
على أنشطته المختلفة.
فهل سيأتي اليوم الذي سيكون فيه النادي ملاذنا وقت الفراغ، نلتقي فيه بأصدقائنا، ونقيم
فيه حفلاتنا الخاصة، ونمارس فيه أنشطتنا المتنوعة، ويجد فيه أبنائنا غايتهم من
التكوين الثقافي والجسدي؟أتمنى ذلك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.