تطالعنا وسائل الإعلام المختلفة يومياً بالعديد من
الأخبار المتعلقة بعمل الهيئة العامة لحماية المستهلك في مجال ضبط ومراقبة الأسواق
ومحاربة الغش التجاري وغيرها من الأعمال والمهام التي تقوم بها الهيئة.
وفي هذا المقال سأستعرض عدداً من هذه الأخبار ليس
ترويجاً للهيئة ، أو تجميلاً لأعمالها، بقدر ما هو محاولة لوقفة متأنية لما وراء
هذه الأخبار، وما تحمله من رسائل ومؤشرات.
الخبر
الأول :" تمكن مجموعة من مأموري الضبط القضائي بإدارة حماية المستهلك بمحافظة
شمال الشرقية من ضبط كمية من الدجاج المجمد منتهي الصلاحية من شهر يناير الماضي
2012".
خبر
قد يبدو عادياً ، ولكن لا تستغربوا إن أوردت لكم المعلومة الآتية التي قالها لي
صديق مختص في مجال الأغذية تعليقاً على هذا الخبر " لو وضعت اللحوم المنتهية
الصلاحية في بركان ثائر فلن يكف ذلك لقتل
الفطريات التي بها". لا تعليق.
الخبر الثاني : " تلقت الهيئة بلاغاً يفيد بأن أحد
العمالة الوافدة التي تعمل في إحدى محطات الوقود يقوم باستبدال الزيت ذات الجودة
العالية من العبوات المخصصة له بزيت أقل جوده ومن ثم بيعه للمستهلك ، حيث اتضح بأن
هذا العامل قام بتفريغ ما يقارب من 99 علبة زيت ذات جوده
عالية بزيت قليل الجودة ".
ترى كم منا من ذهب لتغيير زيت سيارته ووقف يراقب العامل
أثناء عملية تغييره؟ لا أعتقد أن هذا العامل سيقوم بما قام به لو وجد من يراقبه
ويتابع عمله لا أن يذهب إلى أقرب مقهى بانتظار انتهاء العامل من مهمته دون أن يكلف
نفسه عناء السؤال أو حتى مراقبة مؤشر الزيت.
الخبر الثالث : "تم ضبط أحد بائعي الفواكه يقوم ببيع مجموعه من صناديق المانجو الغير مغطاة على ناصية أحد الشوارع، وبعد فحص الكرتون تلاحظ بأن البائع قام بتقليل عدد الكمية الحقيقية في كل كرتون عن طريق وضع مجموعه من الأكياس في أسفل الكرتون لتغطية الكمية التي قام بإنقاصها من كل كرتون ".
للأسف فكثير منا يتوقف عند أول بائع متجول يصادفه
اعتقاداً منه برخص البضاعة التي يبيعها دون أن يضع في اعتباره مدى قانونية العمل
الذي يقوم به هذا البائع، أو مدى جودة البضاعة التي يبيعها، أو وجود ضمان على هذه
البضاعة، وهذا ما يجعل مجال الغش والتقليد والتزييف مفتوحاً لدى مثل هؤلاء الباعة.
الخبر الرابع : "ورد
إلى مأموري الضبط القضائي بالهيئة بلاغ
يفيد بأن أحد محلات بيع الملابس النسائية يقوم ببيع تبغ محظور، وبعد عمليات
التفتيش على المحل تبين لهم بأن صاحب المحل بحوزته أكثر من 70 زجاجه مشروبات
كحولية يقوم بالترويج لها".
تخيلوا..
خياط ملابس نسائية يبيع مشروبات روحية في محل مخصص لغرض تجاري آخر. وألا يمكن أن
تذهب ظنوننا إلى أشياء أخرى أكثر خطورة تتعلق بالجوانب الأخلاقية والأدبية؟ ماذا
سيخسر بعضنا لو تحامل على نفسه ودخل مع زوجته أو ابنته أو أخته عند ذهابها إلى محل
الخياطة؟ ثم ألا يمكن للفتاة العمانية أن تكون خياطة ماهرة كما كانت أمها وجدتها
في السابق؟ وهل تحتاج مثل هذه المهنة إلى خبرات خارقة لا تتوافر إلا في الوافد
الأجنبي؟ عجبي.
الخبر
الخامس: "قدم أحد المستهلكين بلاغاً بشرائه كمية من المياه المعدنية من إنتاج
إحدى شركات المرطبات ، وأثناء استعماله لتلك المياه اكتشف احتواء إحدى العلب على
شوائب وترسبات سوداء اللون وبعضها فارغ وغير معبأ بطريقة كاملة ووجود مادة داكنة
على غطاء بعض العلب".
مع
كثرة أنواع المياه المعدنية التي تزخر بها
أسواقنا، ومع الانتشار الكبير لمصانع
إنتاج وتعليب المياه المحلية بمختلف أحجامها تحت مسميات براقة، هل فكر أحدنا يوماً
في مدى صلاحية هذه المياه ونظافة مصادرها وتطابقها مع المواصفات المطلوبة، وهل قام
أحد منا بأخذ عينة من المياه التي اعتاد أن يشتريها من الأسواق أو سيارات نقل
الماء وتحليلها في أحد المعامل التابعة لبعض الجهات المختصة كي يطمئن قلبه، أم أننا كالعادة نشتري ونأكل ونشرب في صمت رهيب
تاركين كل شيء للعناية الإلهية؟
الخبر
السادس : "تم ضبط كمية من المواد الغذائية منتهية الصلاحية نوع جلي ماركة
(تياري ورويال)، يعود تاريخ انتهائها إلي شهر أكتوبر الماضي 2010م، وهذه الأنواع دائماً
ما تستخدم خلال الشهر الكريم ".
بضاعة
منتهية منذ حوالي سنة ونصف، وقبلها بضاعة منتهية منذ 17 عاماً، وبينهما بضائع
منتهية الصلاحية منذ مدد مختلفة، والسبب أن بعضنا يشتري وهو مغمض العينين، دون أن
يكلف نفسه عناء قراءة تاريخ انتهاء الصلاحية، متأثراً أحياناً ببعض العروض المغرية
المضللة حول الحصول على كميات مضاعفة من سلع مختلفة بنصف الثمن دون أن يسأل نفسه
لماذا قام المحل بذلك، وهل له علاقة بقرب انتهاء هذه السلع؟
الخبر
السابع: " تم ضبط مطعم يقوم بطهي سلع منتهية الصلاحية ويقدمها للمستهلكين دون
علم المستهلك بذلك، وبعض هذه السلع قام العامل بإحضارها من بلاده في آخر
زيارة له ، وهي كذلك منتهية الصلاحية وغير مطابقة للمواصفات العمانية الأمر الذي
يشكل خطرا على المستهلك ويلحق الضرر بصحته وسلامته".
هذا
العامل له كل الحق في أن يفعل ذلك مادام بعضنا قد اعتاد الأكل في المطاعم المختلفة
برغم أنه قد وقف في الطابور الطويل بعد نزول الراتب، واشترى كمية من المأكولات قد
تكفي لإطعام قرية بأكملها، وما دام هذا
( البعض) يدخل المطعم أو المقهى ويأكل ما
يشتهيه دون أن يفكر ولو لمرة في أشياء من قبيل النظافة الشخصية والعامة للعامل
والمكان، والجودة، والصلاحية، وغيرها.
هذه
نماذج من أخبار قمت باختيارها بطريقة عشوائية، وهي أخبار قد تحمل دلالات كثيرة لعل
من بينها أن كثيراً من الممارسات الخاطئة التي تقوم بها بعض الفئات تعود في أساسها
إلى الثقافة السلبية لدى (بعض) المستهلكين، الأمر الذي يغري بعض المنتجين وأصحاب
المحلات والبائعين لاستغلال هذه الثقافة في القيام بمثل هذه الممارسات التي
استعرضنا بعضها.
جرب
أن تضع لك خارطة تسوق محددة في كل مرة، جرب أن تقارن بين السلع المتشابهة من حيث
الجودة والسعر، جرب أن تقف قليلاً مع كل سلعة وتطالع بطاقتها الغذائية من حيث
المكونات وتاريخ انتهاء الصلاحية، جرب أن تقارن بين سعر السلعة المدون على الرف
وفي الفاتورة، جرب أن تحصل على فاتورة الشراء في كل مرة وتراجع محتوياتها، جرب أن
تتساءل مع كل اعلان تجاري أو عرض تسوق مغر تراه حول مدى مصداقية هذا الإعلان. لن يأخذ
منك كل ذلك سوى دقائق معدودة قد تضمن لك أشياء كثيرة من ضمنها كرامتك التي قد يهدرها
بائع بسيط لاعتقاده بأنك مستهلك "ساذج" يمكن الضحك عليه بسهولة.