ملاك صغير يقوم من نومه باحثاً عن زجاجة الحليب الخاصّة به، تعطيه أمّه الزجاجة فيضعها في فمه بينما ينمّ ثغره عن ابتسامة جميلة توحي لمن يلمحها بأنّ الحياة ما زالت رائعة مادامت تحوي هذه الورود المتفتّحة، ويعاود استكمال نومه غير مدرك أو آبه بأنّ هناك أياد يمكن أن تفكّر – ولو لمجرّد التفكير- أن تؤذي ملاكاً مثله، من أجل حفنة أموال تجعل جيبها أكثر تضخّماً، وقلبها أكثر ساديّة وسواداً، فمهما كان الشّرّ موجوداً، فلا يمكن أن يصل لدرجة كهذه. أيّ شيطان هذا الذي يوحي للبعض أن يحقّق مآربه الدّونيّة على حساب طفل! تبّاً لمن يفكّر في أمر كهذا.
مجمل الحكاية والرّواية أّيّها القارئ الكريم أنّنا نعيش في مسرحيّة طويلة الفصول، ولكنّها ليست مسرحيّة خارجيّة هذه المرّة، بل هي (للأسف) محلّيّة يشترك فيها ضيوف شرف خارجيين يلعبون دور البطولة في كلّ مرّة، مع (سنّيدة) محلّيين. السيناريو ذاته، والمستهدف هو نفسه كما في كلّ فصل، ولكن مع تغيير طفيف في أسماء الأبطال، الأسماء فقط.
مسرحيّة تأبى أن تنتهي فصولها برغم صيحات جمهور الدّرجة الثانية وهتافاتهم واحتجاجاتهم المتكرّرة. والضحيّة وطن وبراءة أطفال مستهدفة.
ملخّص السيناريو: تفتح الستارة ليطلّ منها بضعة أشخاص عددهم يشكّل رقماً مشئوماً لدى بعض الحضارات، تقترب الكاميرا منهم وهم يتبادلون العبارات الآتية: الأول ويبدو من هيئته أنّه الزعيم والعقل المدبّر: فكّروا معي أبناء جلدتي في وسيلة سريعة للرّبح، فالسّنوات تمرّ والمثل يقول " اذا هبّت رياحك فاغتنمها"، ونحن لن نفني عمرنا في هذه البلد مقابل مبلغ معلوم نتقاضاه آخر الشهر.
يكمل الثاني: وهذا معناه أن نفكّر في خطّة جهنّميّة تحقّق لنا هذا الرّبح بأيّ ثمن.
يقاطعه الثالث: ولماذا ارهاق الوقت والذّهن في التّفكير! فلندع التفكير لأمور أخرى أكثر أهميّة. الحل سهل وبسيط ومضمون، فلنفعل كما يفعل كثير من أبناء جلدتنا الآخرين. هل تذكرون قضيّة الحلويّات الشهيرة؟ فلنفعل مثلهم ولكن لنكن أكثر حذراً هذه المرّة، بضاعة فاسدة أو موشكة على الانتهاء نأتي بها، ومع بعض الأكياس والأختام والملصقات تكتمل العمليّة، ولا من شاف ولا من درى.
يأخذ الرابع زمام الحديث قائلاً: دعونا نفكّر في بضاعة تنفع لهذا الغرض، الحلويات وجرّبت من قبل، الأرز أصبح موضة قديمة، اللحوم لا لا. وجدتها، ما رأيكم ببودرة حليب مجفّف قاربت على الانتهاء؟ أعرف لكم من يستطيع أن يوفّر لنا شحنات منها ولو من آخر الدّنيا، وزيادة في الحرص لن نأت ببضاعة منتهية، بل سنحضرها قبل انتهائها بشهر أو اثنين، ومن ثمّ نفرغها في أكياس أخرى، ولنزد سنة أو اثنتين في مدّة الصلاحيّة فأختام الطّباعة موجودة، و(حبايبنا) في الشركات الأخرى ذات الصّلة مستعدّين لخدمتنا على (حباب) عيونهم إذا كان في الأمر مصلحة مشتركة، أو حتّى بدون علمهم طالما أنّ التواريخ سليمة.
الأول مذهولاً وكأنّه وجد (التايهة): عفارم عليك يا واد يا رفيق، هذه هي الأفكار ولا بلاش. لن آخذ منك (كوميشناً) هذا الشّهر. الضمير كان نائماً وقتها، ولم يتمكّن من سماع حوارهم الشّيطانيّ هذا وكأنّهم مسوخ في جانب النّجوم.
إذاً ما فهمناه من الحوار السّابق هو تكرار لسيناريوهات سابقة ليس أقدمها قضيّة الحلويّات الشّهيرة، ولا قضيّة خلط الأرز وإعادة تعبئته، ولا إعادة تغليف وبيع لحوم مجهولة المصدر، ولا ولا ولا من قائمة طويلة بانتهاكات ضحيّتها الأساسيّة هو المستهلك العماني، وكأنّ تشريعات أو طقوس أو تعاليم دينيّة قديمة خاصّة بالفاعلين الرئيسيين في هذه القضايا أوصت بذلك!
والحل!! والحل!! لقد زهقت من ممارسات كهذه حتّى لأكاد أتقيّأ في كلّ مرّة أقرأ فيها عن خبر مشابه. هل حكم علينا أن نموت لمجرّد أن تنتفخ جيوب البعض! هل سيفرض علينا أن نمتنع عن الطّعام والشّراب ( وربّما عن التنفّس) مستقبلاً لأجل أن نبقى على قيد الحياة! وهل تبقّت دولة في العالم لم تصدّر لنا منتجاً منتهياً أو يكاد! ولماذا نكون نحن الحائط المائل الذي يستند عليه البعض، والسّلم المكسور الذي يحاولون تسلّقه للوصول إلى قمّتهم المزعومة!!
أولن تنتهي نظرة البعض المغلّفة بالرحمة والعطف، أو بالمصلحة أحياناً تجاه تلك الفئات، ودفاعهم الشّرس عنهم ضدّ أيّ نقد يطال أدوارهم وممارساتهم السلبية تجاه مجتمع آواهم من جوع، وسطوتهم الزائدة، وسيطرتهم على المفاصل الأساسيّة للسوق والاقتصاد بشكل عام على اعتبار أنّ هؤلاء يسهمون في دفع عجلة الاقتصاد، والمساهمة في بناء الوطن!!
أولا يمكن (للبعض) ممّن يقدّم الغطاء القانوني والرعاية لأمثال هؤلاء أن يفرّقوا ولو لمرّة واحدة بين (الجيب) العام والخاص، أو بين الجسد الكبير والصغير! أولا يمكن لجيبي أن ينتفخ إلا بثقب الجيب العام للدولة ككل من خلال استنزاف مواردها بتصرّفات (شيطانيّة) كهذه تستنزف مئات الملايين في فواتير العلاج طلباً للشفاء من أسقام وأمراض نتجت عن تصرّفات هذه الفئة التي يبدو أنّها خرجت إلى الحياة معدومة الضمير. أولا يعلم هؤلاء أنّ النّار قد تحرق الجميع دون تفرقة! وهل نخر الجسد الكبير للمجتمع بالأمراض الفتّاكة، وتدمير الطاقات الشبابية، وخلخلة الاقتصاد مبرّر كاف ومهم لتحقيق الرّبح السّريع والمضمون!
وإلى متى ستظل الهيئة العامة لحماية المستهلك هذا الفارس المغوار الذي يمتطي صهوة جواده ممتشقاً حسامه مدافعاً عن مجتمعه وأهله صامداً في ظلّ تحدّيات كهذه، وفي ظل تجاهل لمتطلبات أساسية تعينها على استكمال دورها المهم كالميزانيّة الكافية، والمختبرات العلميّة المجهّزة، ومراكز الفحص المتكاملة، والأعداد الكافية من الكوادر البشريّة المؤهّلة والمتخصّصة في مجال الفحص والدراسات والقانون والتوعية، والقوانين الرّادعة التي تعينها على أداء مهامها، وأشياء أخرى كثيرة أرى أنّه من العبث أن أعيد ذكرها في ظل إصرار البعض على النظر إلى الهيئة كمنافس سحب البساط من تحت أقدامهم لا كشريك حقيقي في حماية هذا الوطن.
يا سادة يا كرام.. ماذا تنتظرون بعد! لقد وقع الفأس في الرأس عشرات المرّات، ولقد شجّت رؤوس كثيرة، وخربت "مالطا"، فمتى ستتحرّكون!! كفانا تناقلاً للقوانين من مكتب لآخر وكأنّها أحجار نرد في لعبة طاولة.
شيئاً من الجدّيّة يرحمكم الله.
مجمل الحكاية والرّواية أّيّها القارئ الكريم أنّنا نعيش في مسرحيّة طويلة الفصول، ولكنّها ليست مسرحيّة خارجيّة هذه المرّة، بل هي (للأسف) محلّيّة يشترك فيها ضيوف شرف خارجيين يلعبون دور البطولة في كلّ مرّة، مع (سنّيدة) محلّيين. السيناريو ذاته، والمستهدف هو نفسه كما في كلّ فصل، ولكن مع تغيير طفيف في أسماء الأبطال، الأسماء فقط.
مسرحيّة تأبى أن تنتهي فصولها برغم صيحات جمهور الدّرجة الثانية وهتافاتهم واحتجاجاتهم المتكرّرة. والضحيّة وطن وبراءة أطفال مستهدفة.
ملخّص السيناريو: تفتح الستارة ليطلّ منها بضعة أشخاص عددهم يشكّل رقماً مشئوماً لدى بعض الحضارات، تقترب الكاميرا منهم وهم يتبادلون العبارات الآتية: الأول ويبدو من هيئته أنّه الزعيم والعقل المدبّر: فكّروا معي أبناء جلدتي في وسيلة سريعة للرّبح، فالسّنوات تمرّ والمثل يقول " اذا هبّت رياحك فاغتنمها"، ونحن لن نفني عمرنا في هذه البلد مقابل مبلغ معلوم نتقاضاه آخر الشهر.
يكمل الثاني: وهذا معناه أن نفكّر في خطّة جهنّميّة تحقّق لنا هذا الرّبح بأيّ ثمن.
يقاطعه الثالث: ولماذا ارهاق الوقت والذّهن في التّفكير! فلندع التفكير لأمور أخرى أكثر أهميّة. الحل سهل وبسيط ومضمون، فلنفعل كما يفعل كثير من أبناء جلدتنا الآخرين. هل تذكرون قضيّة الحلويّات الشهيرة؟ فلنفعل مثلهم ولكن لنكن أكثر حذراً هذه المرّة، بضاعة فاسدة أو موشكة على الانتهاء نأتي بها، ومع بعض الأكياس والأختام والملصقات تكتمل العمليّة، ولا من شاف ولا من درى.
يأخذ الرابع زمام الحديث قائلاً: دعونا نفكّر في بضاعة تنفع لهذا الغرض، الحلويات وجرّبت من قبل، الأرز أصبح موضة قديمة، اللحوم لا لا. وجدتها، ما رأيكم ببودرة حليب مجفّف قاربت على الانتهاء؟ أعرف لكم من يستطيع أن يوفّر لنا شحنات منها ولو من آخر الدّنيا، وزيادة في الحرص لن نأت ببضاعة منتهية، بل سنحضرها قبل انتهائها بشهر أو اثنين، ومن ثمّ نفرغها في أكياس أخرى، ولنزد سنة أو اثنتين في مدّة الصلاحيّة فأختام الطّباعة موجودة، و(حبايبنا) في الشركات الأخرى ذات الصّلة مستعدّين لخدمتنا على (حباب) عيونهم إذا كان في الأمر مصلحة مشتركة، أو حتّى بدون علمهم طالما أنّ التواريخ سليمة.
الأول مذهولاً وكأنّه وجد (التايهة): عفارم عليك يا واد يا رفيق، هذه هي الأفكار ولا بلاش. لن آخذ منك (كوميشناً) هذا الشّهر. الضمير كان نائماً وقتها، ولم يتمكّن من سماع حوارهم الشّيطانيّ هذا وكأنّهم مسوخ في جانب النّجوم.
إذاً ما فهمناه من الحوار السّابق هو تكرار لسيناريوهات سابقة ليس أقدمها قضيّة الحلويّات الشّهيرة، ولا قضيّة خلط الأرز وإعادة تعبئته، ولا إعادة تغليف وبيع لحوم مجهولة المصدر، ولا ولا ولا من قائمة طويلة بانتهاكات ضحيّتها الأساسيّة هو المستهلك العماني، وكأنّ تشريعات أو طقوس أو تعاليم دينيّة قديمة خاصّة بالفاعلين الرئيسيين في هذه القضايا أوصت بذلك!
والحل!! والحل!! لقد زهقت من ممارسات كهذه حتّى لأكاد أتقيّأ في كلّ مرّة أقرأ فيها عن خبر مشابه. هل حكم علينا أن نموت لمجرّد أن تنتفخ جيوب البعض! هل سيفرض علينا أن نمتنع عن الطّعام والشّراب ( وربّما عن التنفّس) مستقبلاً لأجل أن نبقى على قيد الحياة! وهل تبقّت دولة في العالم لم تصدّر لنا منتجاً منتهياً أو يكاد! ولماذا نكون نحن الحائط المائل الذي يستند عليه البعض، والسّلم المكسور الذي يحاولون تسلّقه للوصول إلى قمّتهم المزعومة!!
أولن تنتهي نظرة البعض المغلّفة بالرحمة والعطف، أو بالمصلحة أحياناً تجاه تلك الفئات، ودفاعهم الشّرس عنهم ضدّ أيّ نقد يطال أدوارهم وممارساتهم السلبية تجاه مجتمع آواهم من جوع، وسطوتهم الزائدة، وسيطرتهم على المفاصل الأساسيّة للسوق والاقتصاد بشكل عام على اعتبار أنّ هؤلاء يسهمون في دفع عجلة الاقتصاد، والمساهمة في بناء الوطن!!
أولا يمكن (للبعض) ممّن يقدّم الغطاء القانوني والرعاية لأمثال هؤلاء أن يفرّقوا ولو لمرّة واحدة بين (الجيب) العام والخاص، أو بين الجسد الكبير والصغير! أولا يمكن لجيبي أن ينتفخ إلا بثقب الجيب العام للدولة ككل من خلال استنزاف مواردها بتصرّفات (شيطانيّة) كهذه تستنزف مئات الملايين في فواتير العلاج طلباً للشفاء من أسقام وأمراض نتجت عن تصرّفات هذه الفئة التي يبدو أنّها خرجت إلى الحياة معدومة الضمير. أولا يعلم هؤلاء أنّ النّار قد تحرق الجميع دون تفرقة! وهل نخر الجسد الكبير للمجتمع بالأمراض الفتّاكة، وتدمير الطاقات الشبابية، وخلخلة الاقتصاد مبرّر كاف ومهم لتحقيق الرّبح السّريع والمضمون!
وإلى متى ستظل الهيئة العامة لحماية المستهلك هذا الفارس المغوار الذي يمتطي صهوة جواده ممتشقاً حسامه مدافعاً عن مجتمعه وأهله صامداً في ظلّ تحدّيات كهذه، وفي ظل تجاهل لمتطلبات أساسية تعينها على استكمال دورها المهم كالميزانيّة الكافية، والمختبرات العلميّة المجهّزة، ومراكز الفحص المتكاملة، والأعداد الكافية من الكوادر البشريّة المؤهّلة والمتخصّصة في مجال الفحص والدراسات والقانون والتوعية، والقوانين الرّادعة التي تعينها على أداء مهامها، وأشياء أخرى كثيرة أرى أنّه من العبث أن أعيد ذكرها في ظل إصرار البعض على النظر إلى الهيئة كمنافس سحب البساط من تحت أقدامهم لا كشريك حقيقي في حماية هذا الوطن.
يا سادة يا كرام.. ماذا تنتظرون بعد! لقد وقع الفأس في الرأس عشرات المرّات، ولقد شجّت رؤوس كثيرة، وخربت "مالطا"، فمتى ستتحرّكون!! كفانا تناقلاً للقوانين من مكتب لآخر وكأنّها أحجار نرد في لعبة طاولة.
شيئاً من الجدّيّة يرحمكم الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.