أواصل في هذا المقال عرض عدد من المشاهد التي لاحظتها خلال هذا الأسبوع، وهي مشاهد تتنوع في سلبياتها وايجابياتها، والأهم هو أن نحاول تعزيز الايجابيات، وأن نقف بتركيز أمام المشاهد السلبية كي نحاول إيجاد حلول لها، كي يغدو المجتمع أكثر ايجابية.
المشهد الأول : أحد المستشفيات المرجعية، ممرض ورجل أمن يدفعان كرسي متحرك به شاب لم يتجاوز العشرين من عمره، القيود في يديه، والكرسي يجوب ممرات المستشفى تلاحقه نظرات الفضول من قبل الموجودين من زوار ومراجعين.
آلمني المشهد ، فالشاب لم يرتكب جرماً ليتلقى عقوبة الشماتة من قبل بعض النظرات التي كانت تلاحقه؟ ألا تكفي عقوبة تقييد الحرية؟ كيف ستكون نفسيته ونظرته للمجتمع بعد هذا المشهد؟وهل كانت إدارة المستشفى ستخسر شيئاً لو تمت تغطية النصف السفلي للسجين المريض برداء بحيث لا تبدو القيود ظاهرة للعيان؟
السجن إصلاح وتهذيب ، ولا يعقل أن نخسر أمثال هذا الشاب بسبب إهمال البعض أو عدم إدراكه لعاقبة بعض التصرفات.
بالمناسبة .. توجد في السجون كثير من الحالات التي يستطيع المجتمع التفاعل مع ظروفها وحلها، كبعض السجناء الذين تم توقيع العقوبة عليهم بسبب تأخرهم في سداد مبالغ بسيطة، أو توقيع شيكات بدون رصيد وليست ذا مبالغ كبيرة، أو وجود شباب في عمر الزهور أدت ظروفهم الأسرية وبعض المشاكل العائلية إلى أن يكونوا مذنبين.
دعوة لرجال الأعمال، ورجال الدين، والمختصين في علوم النفس والاجتماع، والشباب المتطوع في الجمعيات المختلفة أن يهتم بأحوال هؤلاء. لن نخسر شيئاً لو زرنا بعض السجون وتعرفنا على الحالات المختلفة، وتعاونا مع الجهات المختصة في علاج بعض الحالات.
لا يجب أن نقصر العمل الخيري في رمضان على توزيع بعض المأكولات على المساجد، أو تبني فكرة "إفطار صائم" فقط، هناك وجوه مهمة كثيرة للأعمال الخيرية تنتظر اهتمامنا.
المشهد الثاني: أمسية رمضانية جميلة، النسمات عليلة على غير العادة، وعشرات الأسر والشباب والأطفال يتجمعون في كورنيش المدينة في مشهد يومي متكرر، بعضهم يمارس رياضة المشي، وآخرين يلعبون الكرة، ومجموعة أطفال تلهو هناك ببعض الألعاب التي قامت البلدية مشكورة بتوفيرها، ومجموعة نساء متحلقات حول بعضهن، ربما يناقشن ماذا طبخت كل واحدة منهن اليوم، أو آخر أخبار المسلسلات والبرامج، أو أية موضوعات نسائية أخرى.
المشهد جميل، وربما تكتمل روعته بوجود شباب عماني يتخذ من هذه التجمعات فرصة لكسب الرزق، كأن يقوم أحدهم باتخاذ ركن يبيع فيه بعض المشروبات المختلفة، أو يقوم آخر ببيع بعض الحلويات والمكسرات التي يحبها الأطفال، كما نلاحظ ذلك في الأماكن المشابهة في بعض الدول. تحقيق ذلك ليس صعباً.هو فقط بحاجة لشيء من الإرادة.
المشهد الثالث: الرابعة عصرا..في طريقي إلى مطعم"النباتي" في السوق القديم بصور، وهو لمن لا يعرف، مطعم مشهور بإعداد بعض الوجبات الرمضانية الخفيفة "كالمرمرية"، و"المتاي"، و"الزليبيا"، والبكورا"، وغيرها. قادتني رجلاي للمرور بين عدد من الأزقة في الحارة المجاورة للمطعم، وأعادتني الذاكرة لمشاهد مماثلة في الحي القديم بمدينة الشارقة، أو حواري الأزهر والجمالية والحسين بالقاهرة،أو شارع "كريت " بالإسكندرية.
نفس الشوارع الضيقة التي تحكي عن تاريخ موغل في الحضارة..ترى كم قافلة مرت من هنا؟ وكم مشتر قادته رجلاه للمرور بها، وكم من الأحداث التي اختزنتها ذاكرة تلك الشوارع والحارات القديمة؟
ما يؤلمك عندما تمر في حاراتنا القديمة الإهمال و التشويه المتعمد الذي تراه، الشوارع مليئة بالعفن والرطوبة، والبيوت نصفها مهدم والآخر مرمم بشكل يشوه المنظر أكثر مما يعيد إليه جماله.
أين تكمن المشكلة؟ ألم يمر أحد من المسئولين بهذه الأزقة والحارات ؟ وإذا كانوا قد مرورا أفلا يعلمون قيمتها التاريخية وما قد تمثله من مخزون تاريخي مهم؟
الفرق بيننا وبين الآخرين أنهم يعرفون قيمة مثل هذه الشواهد التاريخية، أما نحن فلن يهدأ لنا بال حتى نزيلها ونقيم محلها عمارات قبيحة الشكل لا تتوافق وتاريخ المكان. ترى ماذا سنقول للأجيال القادمة عندما سنحكي لهم عن تاريخ المكان؟ أولا يمكن التفكير في مشروع حضاري يحفظ تاريخ تلك الأماكن ويعيد لها رونقها؟ مجرد سؤال.
يوم أمس صادف السابع عشر من رمضان، والذي ارتبط بحدث إسلامي عظيم، وهو ذكري موقعة بدر الكبرى، ترى هل تذكر شبابنا هذه المناسبة؟ وهل قرءوا عن معوذ ومعاذ ابني عفراء اللذين شاركا في المعركة وهما دون العشرين، وساهما في قتل رأس الكفر أبو جهل؟ أم إنهم كانوا مشغولين بمباراة القمة بين الريال والبرشا؟
من المهم أن يستعيد شبابنا هذه المناسبات والأحداث العظيمة في تاريخ الأمة، ويأخذون منها الدروس والعبر.
هذه حصيلة هذا الأسبوع من المشاهد المتنوعة. نلتقيكم في مشاهد رمضانية قادمة أتمنى أن تكون أكثر جمالاً وايجابية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.