الخميس، 10 سبتمبر 2015

مشاهد وتساؤلات (29)

(1)

(مبادرة الشورى 8) هي عنوان نشرة المبادرة التوعويّة الخاصّة بتغطية انتخابات الدورة الثامنة من مجلس الشورى التي تتبنّاها وتصدرها الشبكة العمانيّة للمواطنة المسئولة، وهي شبكة تعنى بتعزيز المواطنة ورفع وعي المواطنين تحت إشراف الدكتور سيف بن ناصر المعمري والأستاذة زينب الغريبية.

تهتم النشرة التي تهدف إلى بناء إعلام برلماني متخصص، وتصدر مرّة كلّ اسبوعين من خلال حساب لها على موقع التواصل الاجتماعي تويتر ((mowatanah72 بتحليل واقع الانتخابات في السلطنة من خلال حصر أعداد المترشّحين في كلّ محافظة، ونوعهم، ودوافع ترشّحهم، ومسيرة ترشّح بعضهم سابقاً، وفرص نجاحهم، واستقصاء آراء عيّنة من المواطنين والمترشّحين في هذه المحافظات، وعمل المقارنات، ودراسة المؤثّرات الاجتماعيّة والاقتصاديّة على الفكر الانتخابي، وتستند إليها كثير من القنوات الإعلاميّة المحلّيّة بكافّة أنواعها.

هي دعوة لكل المهتمّين والمتابعين للاستفادة ممّا تعرضه المبادرة من تحليلات رصينة، ومعلومات مهمّة تتعلّق بواقع العمليّة الانتخابيّة في السلطنة.

(2)

وكأنّنا لا نتعلّم من أخطائنا بتاتاً، وكأنّنا لم نفق بعد من صدمة ترميم جامع نخل الأثري وغيره من الجوامع والمساجد المهمّة بما كانت تحويه من كتابات وشواهد أثريّة مهمّة ليفاجئنا الخبر بإزالة مسجد الحجرة في منطقة عيني بولاية الرستاق وإعادة بنائه، فهذا المعلم الأثري والصرح الديني الذي يعود تاريخ بنائه لأكثر من 300سنة، والذي يحتوي ككثير من مساجد عمان القديمة على كتابات تسرد تاريخ المنطقة، وتوثّق لبعض تفاصيلها، ولوح من الحجر كتب عليه تاريخ بناء المسجد، قد سوّي به الأرض، ولم أكن لأصدّق الخبر لولا أن رأيت الصور التي تناقلها البعض حول هذا الموضوع، ورأيت المعدّات وهي تزيل جدران المسجد وأركانه!!

ألا يوجد لدينا قانون أو تشريع يختص بحماية التراث المادّي يحفظ الشواهد التاريخيّة لدينا وينظّم آليّة التعامل معها؟! وهل تواصلت الجهة التي أشرفت على هدم المسجد وإعادة بناءه مع الجهات المسئولة عن التّراث والثّقافة لدينا قبل التفكير في هدمه؟! ثمّ ألم يكن بالإمكان إعادة الترميم دون الحاجة إلى إزالته؟! وهل تمّ الاحتفاظ بتلك الشواهد ونقلها إلى أحد المتاحف الوطنيّة خاصّة ونحن نتحدّث عن التطوّر الكبير في التكنولوجيا المستخدمة في أعمال الترميم والبناء!

أتمنى أن يصلني اتّصال أو بريد إلكترونيّ يطمئنني أنّ الأمور بخير، وأنّه قد حسب للأمر عدّته وتمّ نقل كافّة الشواهد والكتابات الموجودة بالمسجد إلى مكان مناسب لحفظها وعرضها والاستفادة منها. أقول أتمنى ذلك.

(3)

في (بعض) مؤسّساتنا الخدمية؛ لا تنقصنا الإمكانات المادية والبشرية، المشكلة أحياناً في المسئول الذي لا يعرف إدارة هذه الإمكانات بما يحقق الأهداف الموضوعة، ولو شعر كل مسؤول بأن هناك من ستتغير حياتهم للأفضل أو الأسوأ بفعل سياساته أو سياسات مؤسّسته لتغيرت أشياء كثيرة لدينا.

ترى كم من مسؤول يستحضر المواطن البسيط في أقصى قرية نائيّة قبل أن يفكّر في إصدار قرار معيّن؟! وكم من مسئول ما زال يعيش في جلباب من سبقه دون رغبة في تفصيل جلباب جديد يحسّن من صورته أمام الآخرين؟!!

وفي المقابل فهناك من المسئولين من يغيّر شكل مؤسّسته وينقلها إلى آفاق أبعد من خلال حسن إدارته، وابتعاده عن المركزيّة، واستخدام سياسة التفويض، والبحث عن حلول وسياسات غير تقليديّة، وتقمّص دور المواطن قبل التفكير في سنّ أي قرار أو اتّخاذ أيّ سياسة.

(4)

إذا حسبنا تكلفة بناء بيت متكامل الخدمات بـ(30)ألف ريال على سبيل المثال؛ فـ(30) مليون ريال كافية سنويًا لبناء (1000) بيت.

عدا بناء منازل مستقلّة يمكن للحكومة أن تبني (بلوكّات) سكنية للشباب في كل ولاية بنظام الشقق الواسعة أو الفلل متوسّطة الحجم على أن تتاح للبيع أو التأجير بأسعار مناسبة تخصم من راتب المواطن، ويمكن كذلك ضخّ مبالغ سنوية ببنك الإسكان كي يتمكن من تقديم قروض سكنية سريعة بنسب فائدة متدنية، وبطريقة أسرع ممّا هي عليه الآن.

ولو خصصت الحكومة مبلغ (200) مليون ريال سنوياً كمثال على هيئة قروض ومنح لقطاع الإسكان فهذا كفيل بحل مشكلة توفير السكن المناسب.

الحلول السابقة ستحل إشكالات إسكانية عديدة من بينهاارتفاع أسعار الأراضي والبيوت السكنية الحالية وعدم تناسبها مع دخل شريحة كبيرة من المواطنين ووضعهم الاقتصادي.

الحلول السّابقة تحتاج كذلك إلى إدراك كبير لأهمّيّة توافر المسكن المناسب كثالوث اجتماعي لا يقل أهمّيّة عن المدرسة والمركز الصّحّي، وتحتاج أيضاً إلى إعادة النظر في الخدمات الاسكانيّة المقدّمة بحيث نتجاوز مسألة حصرها في تخطيط الأراضي ومسحها وتوزيعها، وقضايا التمديدات وغيرها فهذه أمور ينبغي أن تكون من مسئوليّة المجالس البلديّة لا وزارة الإسكان!

 (5)

في صفحته بموقع التواصل الإجتماعي (تويتر) كتب الدكتور حيدر اللواتي هذه العبارة المهمّة: " تجنب شخصنة الاختلاف، فان اختلفت مع رأيٍ، انتقد الرأي دون التعدي على الاشخاص ".

عبارة مهمّة يحتاج كثير من كتّابنا ومثقّفينا إلى قراءتها وتأمّلها بشكل دقيق في ظلّ التّراشق الفكريّ واتّهامات التخلّف والتطرّف والانحياز المتبادلة بين الفرق الفكريّة المختلفة والتي تصل أحياناً لدرجة الشّخصنة دون أن تبقى في إطار الاختلاف الاعتيادي، وكأنّهم جمهور كرة في أحد مدرّجات الدرجة الثالثة.

متى سيعي البعض أنّه لا أحد يحتكر الحقيقة، وأنّ ما يؤمن به اليوم قد يكتشف خطأه غداً، وأنّ ما يراه هو صحيح قد يراه الآخر خطأ، وأنّ كثيراً من الأفكار والنظريّات السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة قد أتى بها أصحابها ومنظّريها في الأساس لمحاولة إصلاح المجتمع، وأنّ هذه النظريات والأفكار تجمعها كثير من الروابط المشتركة التي قد تغيب عن أذهانهم عند بدء السجال والعراك الفكريّ، وكما أنّ من حقّك أن تضع تصوّراتك وآراءك حول المواقف المختلفة، فإن للآخر نفس الحقّ تماماً في ذلك، وأنّه باتّهامه للآخر بالتطرّف والتحجّر والدّعشنة فإنّه بفعله هذا يقع في نفس دائرة الاتّهام!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.