الثلاثاء، 1 سبتمبر 2015

مشاهد وتساؤلات (27)

(1)
بحسب تصريح وزارة الداخليّة بجريدة عمان في عددها الصادر صباح الثلاثاء 25 أغسطس الجاري، فإن هناك "مؤشرات ايجابيّة غير مسبوقة هذه المرّة من خلال ارتفاع عدد الناخبين في هذه الدورة بمعدّل (100) ألف ناخب، ووجود تجاوب (واضح) من قبل المواطنين بعد إعلان أسماء الناخبين".
ومع تقديري لتصريحات كهذه، ومع ايماني بأن التجارب المتوالية هي وسيلتنا للوصول إلى وعي انتخابي ناجح، إلا أن السؤال الذي يجول بخاطري: هل ارتفاع أعداد الناخبين مؤشر (حقيقي) لنجاح العمليّة الانتخابيّة، وهل هناك استطلاعات رأي مستقلّة تؤكّد هذا التجاوب الواضح من قبل المواطنين مع العمليّة الانتخابيّة، أم هي تصريحات كالتي تقال قبل كلّ عمليّة انتخابيّة، وقبل افتتاح أيّ مشروع جديد؟!

(2)
بحسب احصائية نشرتها صحيفة (البد) الالكترونيّة فإن هناك حوالي (62.461)مواطن يعملون بالقطاع الخاص يتقاضون رواتب ما بين (350-400) ريال عماني.

وماذا عن آلاف العمالة الوافدة التي نراها في الشوارع تركب أفخم السيارات؟! ماذا عن من نلاحظهم من هذه العمالة في المجمّعات وهم يسوقون أمامهم العربات المكدّسة؟! ماذا عن من تمتلئ بهم الحدائق والمطاعم الفخمة؟! أين يعمل هؤلاء؟ وما هو حجم رواتبهم؟ وهل وظائفهم حسّاسة ومهمّة وبحاجة لخبرات استثنائيّة لا يستطيع العماني شغلها؟!

وهل مبلغ 400 ريال كاف لتأسيس أسرة في ظلّ عدم وجود صناديق زواج، وسياسات إسكان واضحة، وبيئة اقتصاديّة موازية، وتكافل مجتمعي ضعيف؟!!

(3)
في كل مرّة أزور فيها أحد موانئ الصّيد لدينا، أو تقع عيني على مركب صيد ما ألاحظ أن معظم هذه المراكب إن لم تكن جميعها ليست محلّيّة الصّنع، بل مستوردة أو مصنّعة في إحدى ورش بناء المراكب في بعض الدول المجاورة.

والسّؤال المهم: ما الذي يمنع أن تكون لدينا ورش لتصنيع هذه المراكب خاصّة وأنّها ليست بالصناعة التي تحتاج إلى خبرات وأدوات ومواد غير تقليديّة، مع الأخذ في الحسبان كوننا بلد ذات باع طويل في صناعة السّفن، ويوجد لدينا عشرات الورش وعشرات الحرفيّين الذين هم الآن بلا عمل بعد أن أقفلت ورشهم لأسباب غير معلومة!!

(4)
في ظلّ الانقطاع المتكرر للمياه عن عدد من المحافظات، وفي ظل زيادة عدد السكّان وقلّة المخزون المائي، أو قلّة الاستثمارات للاستفادة من هذا المخزون، وفي ظلّ ضعف انتاجيّة القطاع الزراعي والحيواني والاعتماد الدائم على الاستيراد الخارجي مع كل التحدّيات المحيطة به، فلماذا لا تتوجّه الحكومة إلى الاستثمار في الاستفادة من تحلية مياه البحر لغرض الشرب والاستخدامات المنزليّة وأغراض الزّراعة في ظلّ التطوّر الذي طرأ على هذه الصناعة، وفي ظلّ وجود العديد من الشركات العالميّة المتخصّصة في هذا المجال، وفي ظلّ وجود تجارب دوليّة ناجحة استفادت من مياه البحر في الأغراض المختلفة!

وقد يقول قائل: ولكن هذا النوع من الاستثمار مكلّف من الناحية الاقتصادية؟ أتّفق أنّه قد يكون مكلّفاً، ولكن لو وضعت خطط وجدوى اقتصاديّة صحيحة وواضحة للاستفادة منه استفادة حقيقيّة فقد يحقق فوائد كبيرة على المدى البعيد، فلو حسبنا فاتورة دعم الدولة لقطاع المياه، ولو حسبنا كذلك المبالغ التي تدفع لاستيراد اللحوم والخضروات والفواكه من الدول الأخرى، ولو أضفنا إلى هذا وذاك الخسائر المختلفة التي قد تنشأ عن الانقطاعات المتكرّرة للمياه، لوجدنا أن مشروعاً كهذا قد يضيف الكثير للنشاط الاقتصاديّ لدينا، وقد يسهم في تنوّع مصادر الدخل، وقد يعيد قطاع مهم للمشاركة في عجلة الحياة الاقتصاديّة وأقصد به قطاع الزراعة وتربية الحيوانات، عدا ضمان مورد الحياة المهم وهو الماء.
أمر كهذا ينطبق كذلك على الاستفادة من الطّاقة الشمسيّة في توليد الطّاقة.

(5)
في ظلّ اللّغط الكبير الذي يصاحب مقالات وآراء بعض كتّاب الرأي في وسائل الإعلام المختلفة، والامتعاض من بعض الكتابات التي تمسّ الرأي العام المحلّي بحجّة أنّها لا تعبّر عن جموع الأغلبية يأتي التساؤل الآتي: هل المفروض أن يعبّر الكاتب عمّا يدور في نفسه ويراه الأصحّ والأجدى من وجهة نظره وبالتالي يتقبّل المجتمع هذا الرأي ويفنّده ويردّ عليه إن لم يتقبّله، أم أنّ الكاتب ملزم بالكتابة عمّا يريده الجمهور حتّى لو اختلف فكره عمّا يطرحه؟!

وهل يحقّ لي كقارئ أن أوجّه انتقاداً سلبيّاً معيّناً لكاتب معيّن وأكيل الاتّهامات له لمجرّد أنّ رأيه لم يعجبني أو يمثّلني، أم أعتبر أنّ ما كتب هو مجرّد رأي يمثّل صاحبه لا غير، وبالتالي فهو ليس تصريحاً حكوميّاً يؤخذ به، أو بيان صادر عن جهة ما يمثّل رأيها وسياستها، ويمكن لي أو لغيري أن يردّ عليه ويوضّح وجهة النظر الأخرى.
وفي الوقت ذاته هل يكتفي الكاتب بكتابة ما يراه دون دراسة وإدراك كامل بكافّة الجوانب التي تحيط بما كتب، ومدى استفادة المجتمع أو تضرّره من ذلك، أم يكتب لأنّه يرى أنّ له الحق في أي شيء يكتبه حتى ولو كان ما يكتبه معاكساً لتطلّعات الجمهور؟!

باختصار.. هل نكتب لأن"الجمهور عاوز كدا"، أم نكتب لأنّنا نرى أنّ الأمر هكذا!!




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.