هي مجموعة رسائل أتتني من عدد من الشّباب الذين يعملون
في مجال صيد الأسماك، أنقلها كما أتتني تاركاً التعليق على مدى دقّة المعلومات
الواردة بها للجهات المختصّة، مع الإشارة إلى الجهود الكبيرة التي تبذلها تلك
الجهات في الارتقاء بالقطاع السمكي في السلطنة.
(1)
"أعمل
في مجال صيد الأسماك منذ حوالي 15 عاماً، وأملك سفينتي صيد رغبت في بيع إحداهما
إلى أحد الأشخاص بسبب ظروف ماليّة واجهتني، ولسداد بعض المستلزمات المترتّبة على
فوائد القروض المتعلّقة بهما.
كان
النّظام السّابق يسمح بعمليّة بيع وشراء سفن الصّيد بين محافظات السلطنة المختلفة،
بحيث يمكن لمشتر من صلالة مثلاً أن يشتري سفينة صيد من الأشخرة بمجرّد إحضاره
رسالة عدم ممانعة من الدائرة التي يتبعها في محافظته إلى الدائرة التي قد سجّل بها
السفينة المراد شراءه في الأشخرة، ومن ثمّ يتم نقل قيد المركب أو السّفينة إلى
دائرة الثروة السّمكيّة بصلالة بعد التأكّد من استيفاء كافّة الشروط المتعلّقة
بعمليّة البيع.
تغيّر
القانون السّابق، وأصبح محظوراً على الصيّاد بيع سفينته إلا في حدود الدائرة التي
يتبعها، بحجّة اكتفاء بعض المحافظات من سفن الصّيد، وبالتالي لم أعد قادراً على
القيام بعمليّة البيع، حيث أنّ المشتري الذي اتّفقت معه على عمليّة البيع والشّراء
يقطن في محافظة أخرى، كما أنّني لم أجد في الدائرة التي أتبعها من يقبل بالشّراء
حسب المبلغ الذي وضعته مستغلّين حاجتي الماسّة إليه، وعدم وجود مشترين!
قابلنا
كلّ المسئولين في الوزارة المعنيّة، وطلبنا منهم النّظر في هذا القانون، ولم نحصل
منهم سوى على الوعود! أوليس من الأفضل وضع معايير تضبط عمليّة البيع والشّراء بين
المحافظات بدلاً من المنع القاطع!!"
(2)
" في عام 2000 قدّمت طلباً للحصول على قارب صيد
كدعم من الجهة المعنيّة، وفي عام 2007 وبعد أن طال انتظاري للدعم قمت بشراء مركب
صيد صغير من خلال قروض حصلت عليها بطرق شخصيّة أملاً في تحسين أوضاعي الاقتصاديّة،
وأخيراً في عام 2008 أتى دوري للحصول على القارب، ولكن يا فرحة ما تمّت، فقد تمّ
رفض الطّلب بعد أن علم المسئولين بوجود مركب لديّ، وبحجّة أنّني أصبحت من ملاك
السفن مع أنّي كنت ولا أزال صيّاد سمك!
هل كان عليّ الانتظار إلى ما لانهاية من أجل الحصول على الدّعم!!
وهل لو كانت هناك مدّة محدّدة ومعروفة سلفاً كنت سأضطرّ وقتها لشراء السفينة!! أنا
صيّاد ولا أعرف حرفة أخرى غير صيد السّمك، ولا يوجد لديّ دخل آخر للإنفاق منه سواها،
ولا توجد لديّ رفاهيّة الانتظار، فرزقنا يرتبط بعد مشيئة الله بممارستنا للعمل،
وأيّ توقّف يعني انقطاع الرزق الذي تنتظره أفواه والتزامات مختلفة"
(3)
" أنا صيّاد أملك رخصة صيد تعرّضت لإصابة بليغة في
رجلي أثناء مزاولتي لحرفتي، وظللت بالمستشفى لفترة طويلة، والآن أنا عاجز عن العمل
بسبب الاصابة مع أنّي لم أبلغ الثلاثين من العمر بعد. لماذا لا يكون هناك صندوق
ترعاه الوزارة أو تسهّل للصيّادين إنشاءه بالتعاون مع الجهات المعنيّة، ويقدّم من
خلاله الدّعم المادّي والقانوني والفنّي والاجتماعي للصيّاد أسوة بالنّقابات
والجمعيّات الخاصّة بالمهن المختلفة في كثير من دول العالم، وماذا يفعل الصيّاد
عندما يتعرّض لإصابة تعيقه كلّيّاً أو جزئيّاً عن العمل، أو يصل إلى سنّ لا يستطيع
من خلاله مزاولة حرفته التي قد تكون مصدر رزقه الوحيد! لماذا لا يتم تفعيل مثل هذا
الصندوق كي يقدّم العون اللازم للصّيّاد في ظروف كهذه، وهل يعلم كثير من
الصّيّادين عن نظام التأمينات الاجتماعيّة شيئاً!!"
(4)
التقيته ذات يوم بعد سنوات عديدة منذ آخر لقاء جمعنا.
سألته عن البحر وأحواله فأخبرني أنّه ترك العمل به منذ سنتين واتّجه للعمل في أحد
حقول النّفط البعيدة، وعندما رأى استغرابي واستنكاري قال لي: كان البحر مصدر رزقنا
نحن وأهلنا، وبفضله تمكّنت من الزّواج وبناء منزلي الصغير، ولكنّه الآن لم يعد
كذلك بعد أنا حاربتنا في رزقنا العمالة الوافدة الغير مدرّبة في الأساس على أعمال
الصّيد والتي أصبحت تمتلك أساطيل من القوارب الصّغيرة، وتقوم بالصّيد في وضح
النّهار وأنصاف اللّيالي كذلك غير عابئين بالتّشريعات والقوانين التي تمنع عملهم
في القوارب الصغيرة، وغير مهتمّين بالأضرار التي يمكن أن تسبّبها عمليّات الصّيد
الجائر التي يمارسونها في كثير من الأحيان على الثروة البحريّة، في ظلّ تستّر بعض
الأهالي على وجودهم، وضعف عمليّات المراقبة، وكثيرة هي الشّكاوي التي قمنا
بتقديمها دون أدنى فائدة، لهذا تركت العمل في البحر كما ترى باحثاً عن مصدر رزق
آخر في مكان بعيد عن قريتي التي لم أفارقها يوماً قبل ذلك"
(5)
" ننتظر نحن الصيّادين مواسم صيد بعض أنواع السّمك
كالتّونة بفارغ الصّبر كي نحقّق عائداً مادّيّاً مجزياً يعوّضنا الخسائر التي
نتكبّدها في بعض المواسم الأخرى، أو جرّاء انقطاعنا عن العمل لأسباب صحّيّة أو متعلّقة
بالطّقس أو المناسبات الاجتماعيّة المختلفة، ولكن فوجئنا بقرار حظر تصدير بعض هذه
الأنواع إلى الخارج مع السّماح باستيراد أنواع خارجيّة أقلّ جودة من نفس الأصناف،
مّما جعل كثير من المستهلكين يتّجهون لشراء تلك الأنواع بسبب انخفاض أسعارها على
حساب الجودة، الأمر الذي يجعلنا نضطر لبيعها بأسعار منخفضة فلا نطول بلح الشام ولا
عنب اليمن، فلا نحن قادرون على تصديرها للاستفادة من أسعارها المرتفعة في الأسواق
الخارجيّة، ولا نحن باستطاعتنا بيعها محلّيّاً بسعر مناسب بسبب منافسة الأنواع
المستوردة، والأدهى من ذلك أن الاتهامات تلاحقنا في أنّنا السّبب في ارتفاع أسعار
الأسماك في الأسواق المحلّيّة متناسين دور تجّار التجزئة الذين يشترونها بأسعار
منخفضة ويعيدوا بيعها بأسعار فلكيّة في ظلّ عدم تفعيل بورصة الأسماك، أو مراقبة
أسعار البيع المتداولة.
إذا كان السّمك مهمّاً كسلعة غذائيّة فلماذا لا يمنع
تصدير اللحوم العمانيّة، وأصناف ومنتجات غذائيّة محلّيّة أخرى لا تقل أهمّيّة عن
السمك!!"
د. محمد بن حمد العريمي
Mh.oraimi@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.