الثلاثاء، 22 مايو 2012

العبث اللذيذ


 (1)


هل تعاني من السمنة والترهل؟ هل تشتكي من آلام البواسير؟ هل تزعجك الهالات السوداء؟ وهل يقلقك لون أسنانك؟
لا تقلق، وضع في بطنك "أكبر بطيخة صيفي"، فنحن نضمن لك انقاص 7 كغم من وزنك أسبوعياً، ونخلصك من آلام البواسير خلال 9 أيام "لماذا 9 بالذات"، ونساعدك في الحصول على وجه أبيض بدون هالات في يوم واحد، وستصبح أسنانك بيضاء ناصعة خلال يومين. وكل ذلك بدون أية آثار جانبية.
ماذا تريد أكثر من ذلك؟ لبن العصفور؟ نستطيع أن نحلبه لك كذلك.

 (2)


مع منتجنا العجيب يمكنك التخلص من كافة السموم الموجودة بجسمك. ليس هذا فقط، فهو يقضي كذلك على الأرق والإجهاد، ويقي من الإصابة بالفشل الكلوي، والسرطان، وتلوث الدم، وآلام المفاصل والروماتيزم.
أسمعك تهمهم "ايه اللي لم الشامي ع المغربي"، أو بالعربي الفصيح ما علاقة السرطان بآلام الروماتيزم أو الفشل الكلوي؟
يا عم.. انت حتدق فيها؟ اشتري وانت ساكت، وإلا فهناك الكثيرين غيرك ممن سيفعل ذلك، وبدون سلبيتهم هذه لم نكن لنجرؤ على نشر هذا الإعلان.
ملاحظة: خدمة التوصيل مجاناً

(3)


ولأنك شخص مختلف عن البقية، لذا لا يصح أن تسكن أو تأكل أو تشرب مثلهم، والآن فقط يمكنك أن تشعر بذلك. مع مدينتنا السكنية الجديدة سنمكنك من الاستمتاع بحياتك في "العلالي".
امتلك الآن في منخفضات "الطينة هيتس" واختر ما يناسبك من الوحدات السكنية: غرفه + غرفتان بملحقاتهما، وكل ذلك بسعر خيالي لن تحلم به. تبدأ الأسعار من 499 ألف ريال فقط للوحدة السكنية.
تقول إن إعلاناً كهذا قد يثير الضيق لدى شريحة كبيرة من المجتمع، ويرون فيه نوعاً من الطبقية الاقتصادية والاجتماعية، خاصة وأن البعض منهم لا يستطيع استئجار مجرد شقة مكونة من غرفة واحدة.
هل قال لك أحدهم إننا نمثل الضمان الاجتماعي؟


(4)


إعلان هام جداً جداً.. لدينا الحل لجميع مشاكل الحياة التي تعاني منها.
لا تتردد ولا تحتار .. أية مشكلة تواجهك لدينا حلها، فمع علم الطاقة الروحية الإستاتيكية الميتافيزيقية (فهمت شيء) سيكون لحياتك طعم آخر.
تقول إن عنواننا ليس موجوداً بالإعلان؟ ما الضير في ذلك، ولماذا (بعزقة) الفلوس ما دمنا قادرين على أن نستغفلك من خلال الهاتف النقال؟

(5)


بشرى سارة.. الآن فقط يمكنك أن تقول وداعاً لجميع مشاكل الشعر. لا صلع بعد اليوم، لا للشعر الأبيض، لا لتساقط الشعر، لا للقشرة أو التقصف.
وكالعادة في كل الإعلانات فمنتجنا طبيعي 105%، وهو الأكثر أماناً وفاعلية، وليست له أية أعراض جانبية. وكي تتأكد من نجاعة مفعولة أنظر إلى الصورتين وقارن جيداً بينهما، وسترى الفرق.
لعلك تسأل نفسك: وما يدرينا إن كان للأشخاص الموجودين في الصورتين علاقة بالدواء؟ هل تريدنا أن نحلف لك مثلاً؟

(6)


معنا ستستعيد رجولتك، وستعود لك السعادة الزوجية، وكل ذلك خلال نصف دقيقة فقط، وبدون أدوية أو عمليات أو ألم، والجهاز معتمد من وزارة الصحة (البنمية ) ولا تسألنا أين هي شهادة الاعتماد هذه.
لضمان التجربة يمكنك تجربة الجهاز معنا قبل الشراء، ولا تسألنا كذلك عن كيفية التجربة. يا سيدي هو إعلان والسلام، فلا تدقق كثيراً في كل جملة أو عبارة.

   ما سبق كانت نماذج لبعض الإعلانات التجارية المضللة التي تطالعنا بها بعض الصفحات الإعلانية التجارية في صحفنا اليومية، والتي يندرج كثير منها تحت عناوين جاذبة لشريحة من المستهلكين، كالعناوين المتعلقة بتخسيس الوزن، أو علاج بعض الأمراض المستعصية، أو تبييض البشرة، أو التخلص من مشاكل الشعر، أو الحصول على السعادة الزوجية وغيرها، وهي إعلانات تحمل في محتواها الكثير من التناقضات والمغالطات المختلفة التي يحاول من خلالها المروجون لها استغلال الثقافة السلبية لبعض الشرائح الاستهلاكية، واندفاع البعض منهم دون تروي تجاه الحصول على هذه المنتجات اعتقاداً منهم بالحصول على نتائج سريعة ومضمونة.

ومن هذه المغالطات (الفجة) التي تحملها كثير من هذه الإعلانات المضللة: الادعاء  بأن المنتج مضمون 100%، وهو ادعاء غير صحيح، فلا يوجد دواء في العالم يمكنه ضمان نسبة كهذه.
كذلك يمكن ملاحظة وجود بعض المصطلحات "الجاذبة" من مثل " استعد شبابك من جديد"، أو " لأول مرة في الأسواق"، أو " احتفل بعودة رجولتك"، وهي مصطلحات يعمد أصحاب هذه الإعلانات الى استخدامها لمعرفة بمدى التأثير الذي يمكن أن تفعله بالشرائح الاستهلاكية السابق ذكرها.
ونلاحظ أيضاً من خلال هذه الإعلانات الإشارة إلى قدرة المنتج على معالجة المشكلة في فترة قياسية وجيزة ، كالقضاء على البواسير خلال يوم واحد، أو التخلص من "الكرش" خلال 3 أيام، أو تبييض البشرة في غضون 30 ثانية فقط، وفي هذا ضحك كبير على "الذقون". 
كما أن بعض الإعلانات تروج لمنتجات وأدوية تدعي القدرة على علاج بعض الأمراض المستعصية كالإيدز أو أنواع السرطانات المختلفة، أو السكري  وغيرها، وهو الأمر  الذي يجعلك تقول لنفسك: هل يعقل أن يستطيع هؤلاء إيجاد حلول لهذه الأمراض والمشاكل المستعصية في الوقت التي لم ينجح الطب بكل مؤسساته وأطبائه وباحثيه في ذلك؟
كما أن الإعلانات التي تروج لتخفيف الوزن، والقدرة على انقاصه خلال فترة وجيزة  دون الحاجة لأي نوع من النشاط البدني أو ممارسة الرياضة بها قدر كبير من الاستخفاف بالعقول، حالها كحال الفقرة السابقة، وهذا يعني أنه لا حاجة لإنشاء وزارات تعنى بالصحة بكل ما يتعلق بها من إنشاء مستشفيات، وتوفير كوادر طبية متخصصة، مادامت المنتجات التي تبشرنا بها هذه الاعلانات قادرة على تخليصنا من كافة مشاكلنا الصحية المختلفة.

ونلاحظ كذلك حرص كثير من هذه الإعلانات على وضع صور تمثل جوانب مقارنة لتجارب بعض الأشخاص قبل وبعد استخدام المنتج، وهي صور تبقى محل شك في ظل عدم تأكد المستهلك من مدى صدقها.
  وقد يدعي البعض إنه وجد نتيجة ملموسة عند استخدامه لبعض هذه المنتجات،  وقد يحدث ذلك فعلاً في بعض الأحيان، ولكن خذ معك هذه القصة، فقد اكتشفت هيئة الغذاء والدواء بالمملكة العربية السعودية بعض المنتجات التي تحمل ادعاء بتخفيض السكر باحتوائها فعلاً على أدوية سكر مخلوطة معها، وهذا مما قد يسبب مضاعفات خطيرة لمتعاطيه لاحتمالية تأثيره على مستوى السكر وتعارضه مع بعض الأدوية، وفي هذا غش وخداع لمستخدم هذا الدواء، كما أن هناك على سبيل المثال بعض المنتجات التي تُعطي نتائج سريعة بالفعل، ولكنها تكون مخلوطة بمواد سامة ومؤثرة على الصحة كمادة الزئبق شديدة السمية.

حقاً .. إنه نوع من "العبث اللذيذ"

د.محمد بن حمد العريمي
Mh.oraimi@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.