(1)
ذهبت الأسبوع الماضي إلى النادي
الثقافي كي أحضر أمسية فكرية نظمتها جمعية الكتاب والأدباء للدكتور خليل النعيمي،
وهو طبيب وجراح وشاعر وروائي ورحالة سوري معروف، وبرغم الزخم الإعلامي الجيد الذي
صاحب الإعلان عن الأمسية وموعدها ومكان إقامتها، وبرغم شهرة الكاتب ومكانته
الأدبية الكبيرة، إلا أن الحضور كان باهتاً، ومعظم الحاضرين هم نفس الوجوه
الثقافية التي اعتادت على حضور مثل هذه المناسبات الفكرية المهمة.
نفس القاعة استضافت بعدها بأيام أمسية
شعرية نظمتها إحدى الكليات لعدد من الشعراء الشباب في مجال الشعر النبطي، وسط حضور
جماهيري لافت غصت به أرجاء القاعة وكراسيها.
لا تعليق.
(2)
"لم يكن طفلا، من يقتل الأطفال،
ولم يصبح أبا لأحد. ليس بشرا من يقتل الصغار بالضغط على زر من بعيد. ولكن من يقتل طفلا بلمس اليد، وهو يرى
رعبه بعينيه، ويسمع صراخه بأذنيه هو شيطان بالتأكيد".
أستحضر هذه الكلمات المعبرة التي
قالها المفكر الفلسطيني الكبير عزمي بشارة، وأنا أشاهد بألم وقهر شديدين صور ضحايا مجزرة "الحولة" السورية
التي راح ضحيتها أكثر من 114 مواطناً, بينهم حوالي الثلاثين ممن لم تتعد أعمارهم
العاشرة.
هذه الجريمة ليست الأولى ولن تكون
الأخيرة في ظل صمت عربي وإسلامي وعالمي مستفز لا يخلو من بعض الشجب والتنديد وبقية
"الطقم اللي بيتقال مع بعض".
كالعادة.. سترتفع بعض أصوات النشاز
التي ترى في الأمر شأناً سوريا خاصاً لا دخل لنا به، وسيلقي البعض الآخر كالجريدة
إياها ومن يتبع سياستها في المواقع الإلكترونية بالتهم الجاهزة المستقاة (كالعادة)
من أبواق الإعلام السوري النظامي حول مسئولية العناصر الإرهابية المسلحة عن
المذبحة.
همﹲ يبكي.
(3)
هل تبحث عن الشهرة والأضواء؟ هل تريد
تعديل أوضاعك المالية المتعثرة وتحقيق الربح السريع؟ هناك الكثير من الطرق
والوسائل لتحقيق ذلك. يمكنك مثلاً أن تصبح مدرباً معتمداً في البرمجة اللغوية
العصبية، أو مرشداً نفسياً واجتماعياً، أو متخصصاً في مجال التوجيه والإرشاد
الأسري ،وبرامج تعديل السلوك.
الأمر ليس بتلك الصعوبة، لن يكلفك ذلك
أكثر من حضور بعض الدورات هنا وهناك، ومكتب شيك، ولافتة ملونة بطول عشرة أمتار،
وبعض الإعلانات في ملاحق الصحف التجارية، وشيء من "التربيطات" مع بعض
المهتمين بقضايا التدريب والتأهيل، وعدد من الموضوعات التي يمكن أن تحملها من
المواقع المختصة في شبكة المعلومات العالمية وتحفظها عن ظهر قلب (ستصبح مشغولاً
ولن يكون لديك وقت لقراءة الكتب أو تدوين الملاحظات والأفكار)، ولا بأس بصورة
حديثة لك وأنت تبتسم، بينما تدل ملامح وجهك على أنك خارج للتو من محل الحلاقة،
لتصبح بعدها الخبير المعتمد والمدرب العالمي، وستلتقطك وسائل الإعلام كي تسد
فراغاً في خارطة برامجها.
اطمئن.. لن يقوم أحد بتقييم ما تقدمه
من دورات، فالكل ينسى ما حدث بعد انتهاء الدورة، ولن يتساءل أحدهم عن صغر سنك، أو
حتى مدى امتلاكك للقدر الكافي من الخبرة الحياتية والعملية الكافية التي
تمكنك من التعاطي مع القضايا الأسرية والمجتمعية المختلفة.
بيزنس مضمون، والساعة بخمسين ريال
والحسابة بتحسب.
(4)
تحدثت في
مقالات سابقة عن "صندوق تكافل بدية"، هذا المشروع التطوعي المهم الذي
بادر عدد من شباب الولاية إلى إقامته منذ عدة أشهر في إطار الشراكة المجتمعية،
وتحقيق الإيجابية الفاعلة لأدوار المجتمع، والذي يهدف إلى القيام ببعض المناشط
الخيرية المهمة التي تسهم في تحقيق مزيد من التكافل الاجتماعي، وتدعم أواصر
الروابط بين فئات المجتمع كإقامة مشاريع الزواج الجماعية، وتبني مساعدة بعض الفئات
المجتمعية كالأيتام، والأسر المعسرة.
برغم مرور
فترة وجيزة على إنشاء الصندوق، إلا أن ثماره بدت "تؤتي أكلها"، حيث قام
الصندوق حتى الآن بكفالة عدد 95 أسرة معسرة، و137 يتيماً، ويستعد الآن لإقامة
مشروع الزواج الجماعي الأول والذي سيستفيد منه حوالي 30 شاباً من شباب الولاية.
لمثل هؤلاء
ترفع القبعات.
(5)
بخفة دمهم المعهودة الممزوجة بمرارة
العيش وصعوبة الحياة لم يترك المصريون البسطاء انتخابات الرئاسة المصرية دون أن
يضفوا عليها طابعهم الفكاهي، فقد أجابت إحداهن بأنها "تقف منذ ثلاثين
عاماً" عندما سألتها مراسلة إحدى القنوات الإخبارية عن وقوفها في طابور
الانتظار الطويل رغم حرارة الجو الشديدة، في إسقاط ذكي على ما حل بالحياة السياسية
المصرية خلال حقبة حكم الرئيس السابق، بينما قال آخر في برنامج إذاعي سياسي "بأنه
يقف منذ 5000 سنة" في دلالة على توالي الأنظمة الديكتاتورية التي حكمت مصر.
كانت نتائج الجولة الأولى منطقية
ومتوقعة من وجهة نظري، فقد فاز مرشح الإخوان لأنهم (أي الإخوان) استفادوا من
قدرتهم الكبيرة على الحشد والتنظيم، ولم يبالوا بحملات التشوية المبالغ فيها
تجاههم، ولم يولوا أهمية لنتائج استطلاعات الرأي (السخيفة) التي كانت تشير إلى
ضآلة فرص فوز مرشحهم بحجة أنه لا يملك الكاريزما اللازمة، أو لأن الشعب المصري فقد
الثقة في الإخوان بعد أدائهم السياسي (الباهت) خلال المرحلة السابقة.
بينما تقدم أحمد شفيق إلى المرتبة
الثانية لأن هناك من يعتقد أن في فوزه عودة لمصالحه السياسية والاقتصادية،
واسترجاعاً لمكانته السابقة، مستفيدين من امكاناتهم المالية الكبيرة، وخبرتهم
التنظيمية السابقة التي اكتسبوها من خلال انتسابهم للحزب الوطني الديمقراطي
(المنحل)، وخاصة في مجال حشد الأصوات الانتخابية بشتى الطرق والوسائل، مستفيداً (أي
أحمد شفيق) من تواجد عدد من (الأبواق) الإعلامية المحسوبة على النظام السابق،
والتي مهدت طوال الفترة الماضية في تلميع صورة شفيق، والتقليل من قدرات منافسيه،
وبالأخص مرشحي التيار الإسلامي، وإيهام الشعب أن في عودته عودة للنظام والأمن
والاستقرار.
بماذا ستعلق الفكاهة بعد انتهاء
المرحلة الثانية من الانتخابات؟ هل بعبارة "شفيق يا راجل؟"، أم ستكتفي
بالقول أن "مرسي ابن المعلم الزناتي اتهزم يا رجالة".
إنه حقاً (يوم للتاريخ)، كما وصفته
جريدة "الإندبندنت" بذلك.