الخميس، 26 أبريل 2012

مشاهد وتساؤلات


(1)
   تشير إحصائيات الإدارة العامة للمرور إلى حدوث (156) حادث سير خلال الأسبوع الماضي فقط، نجم عنها (31) حالة وفاة ، و(215) حالة إصابة مختلفة .
كما تشير الإحصائيات إلى أن عدد الوفيات خلال العام الماضي فقط قد بلغت (1056) حالة، وتجاوز عدد المخالفات المحررة  في نفس العام (2.5) مليون مخالفة، وأن تجاوز السرعة المحددة كانت وراء معظم هذه المخالفات المحررة .

 أرقام مخيفة، وواقع مأساوي، وبرغم كل الجهود المبذولة على كافة المستويات في الدولة، إلا أن الأعداد في تزايد، والمشكلة ما زالت تراوح مكانها.فما الحل؟

لن تنفع كل وسائل التوعية المختلفة بدون التطبيق الصارم والشامل للقانون، وبالمناسبة، ففي الدول الاسكندنافية كانوا يعانون من مشكلة كثرة حوادث السيارات، فما كان من الحكومات هناك إلا أن فرضت غرامات رهيبة على المخالفين لقواعد المرور، وكانت النتيجة أن الحوادث قد قلت بنسبة 70% 
(2)
   سألني صديقي الطبيب العربي المقيم بالسلطنة وهو يضع يده على قلبه: سمعنا أن هناك منخفضاً جوياً آخر سيقترب من أجواء السلطنة خلال الأيام القادمة، فهل هذا صحيح؟ قلت له وأنا أبتسم: أتمنى ذلك، على الأقل سنستمتع قليلاً بالأجواء الباردة الممطرة وسنلحق على الصيف وجوه الحار الذي لا يكاد يطاق أحياناً.

رد علي: في عمان ليست المشكلة في المطر، ولكنها تكمن فيما بعد هطوله، وأردف بعدها كثيراً من الكلام حول تجمعات المياه، وضعف آليات تصريفها، مما يسبب مشاكل بيئية وصحية متعددة.
 ليست المرة الأولى التي ينزل فيها المطر، وليست كذلك المرة الأولى التي تمتلئ فيها الشوارع والأزقة والحارات بالمياه وتجمعات البرك، ونفس الظواهر والملاحظات تتكرر كل مرة، مما يفقد الكثيرين حلاوة الاستمتاع برحمة السماء، ويجعلهم يتمنون لو لم تهطل تلك الأمطار.

ماذا سيحدث لو قامت الجهات المعنية بدراسة شاملة لأوضاع الشوارع والحارات وأماكن تجمع المياه في كل ولاية أو قرية، ووضعت خطة زمنية محددة لمعالجة الأوضاع التي بحاجة إلى صيانة أو تعديل بشرط ألا تكون معالجات سطحية سرعان ما تتلاشى مع أول زخة مطر قادمة.
يبدو أننا سنتحدث كثيراً عن إدارة الأزمة.أتمنى أن تكون هذه القضية من أولويات المجالس البلدية القادمة.

(3)
في كل يوم تطالعنا وسائل الإعلام المختلفة بأخبار عن إقامة الندوة العالمية الفلانية، أو تنظيم الملتقى الدولي العلاني، أو عقد الورشة الاقليمية الترتانية.

ونطالع كذلك أخباراً يومية مشابهة عن زيارات خارجية لوفود محلية من مختلف الجهات تجوب دول العالم للمشاركة في بعض المحافل أو الاطلاع على بعض التجارب في مجال عملها.
مبالغ طائلة تصرف على هذه الفعاليات والزيارات من مصاريف إقامة وتغذية وحفلات استقبال ووداع وزيارات سياحية متنوعة وهدايا تذكارية وبدلات نقدية ومصاريف نثرية ....ألخ.  

لست ضد إقامة مثل هذه الفعاليات المتنوعة، ولست كذلك ضد إرسال الوفود للمشاركة في الملتقيات العالمية المختلفة، بل على العكس من ذلك، فأنا أرى فيها فرصة للإطلاع على تجارب الآخرين، واكتساب الخبرات المفيدة، وتعريف بالواجهة الحضارية للبلد.

ولكن يبقى السؤال المهم: هل نحن بالفعل نستفيد من كل هذه الفعاليات بقدر ما نصرفه عليها من مبالغ طائلة، وأوقات عمل مستقطعة؟مجرد تساؤل.
(4)
   استوقفني بالقرب من فرع لأحد البنوك العاملة بالسلطنة. شيخ سبعيني العمر، كان بالكاد يستطيع المشي بمساعدة عصاه التي كانت أكثر كهولة منه.طلب مني بكل أدب أن أوصله إلى بيته إن كان طريقي يمر به.

رأيت في عينيه وملامح وجهه الكثير من الهم والألم، الأمر الذي جعلني أبادر بسؤاله: ما بك يا عمي،أراك مهموماً ومتضايقاً. خيراً إن شاء الله. رد علي : ماذا أقول لك يا ولدي، لا يعلم الحال إلا صاحب الحال، قطعوا الكهرباء عن البيت، ولا يوجد لدي ما أقوم بدفعه حالياً، وراتب تقاعدي يحين موعد استلامه بعد أسبوع، وقد ظللت ساعة كاملة أترجى موظفة البنك أن تسمح لي بأن أقتطع منه مقدماً ما أستطيع به أن أسدد الفاتورة، ولكنها رفضت سامحها الله. ماذا سيحدث لو أعطتني ولو عشرين ريالاً على أن تقوم بخصمها فيما بعد، فراتبي ينزل معهم، ولا أملك بطاقة سحب إلكترونية، وهم لديهم من الوسائل ما يجعلهم يسترجعون المبلغ المقتطع في أي وقت.

أوصلته للمكان الذي يريد وهاجسي يردد نفس ما قاله الشيخ الطاعن في السن: ماذا سيحدث لو قامت تلك الموظفة (العمانية) بإعطائه المبلغ الذي طلبه؟ نعم هناك قوانين إدارية قد تحتم عليها رفض ذلك،ولكن.. هناك قوانين إنسانية وأخلاقية أخرى تحثها على فعل العكس.
(5)
أعلنت بعض البنوك المحلية مؤخراً عن تخفيض نسبة الفائدة على القروض السكنية إلى ما دون 5%، وصاحب هذا الإعلان كثيراً من التهليل والتطبيل والحديث عن دور تلك المؤسسات في التخفيف عن هموم المواطن ومشاكله.

وبرغم تأكدي وتيقني من أن الأمر لا يعدو برمته أكثر من (شو إعلامي)، وبأن الشروط والبنود المرافقة لهذا الإجراء، والمرفقة بطلب القرض، والمكتوبة بخط لا يكاد يقرأ سوى بالمجهر، والتي في الغالب لا يقرأها كثير منا، تجعله لا يختلف عن بقية القروض، إلا أن تساؤلي البديهي والذي يسأله العديد من عملاء تلك البنوك هو: إذا كانت تلك البنوك تهدف بالفعل إلى التخفيف عن عملائها المقترضين فلماذا يقتصر تطبيق هذا الإجراء على أصحاب القروض الجديدة، بينما لا يشمل زبائن البنك السابقين والذين أكملوا سنوات عدة وهم يكتوون بنيران الفوائد المرتفعة والتي تتجاوز 7%؟

أوليس من الأولى أن يكون هؤلاء هم المستفيد الأول من هذا القرار خاصة وأنهم قد اختاروا تلك البنوك في وقت لم تكن فيه تلك النسبة من الفائدة موجودة،أم أن البنك ليس لديه الوقت أو الاستعداد، أو بالعامية (ما فيه بارض) لكي يقوم بإعادة جدولة ديون العملاء السابقين كما همس لي بذلك أحد المختصين في مجال الأعمال المصرفية.
كفى البعض ضحكاً على الذقون.
د.محمد بن حمد العريمي
Mh.oraimi@hotmail.com





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.