الثلاثاء، 1 يناير 2013

مشاهد وتساؤلات 10


(1)
في بيانه الأخير أمام مجلس الشورى تحدث معالي وزير السياحة عن كثير من القضايا المتعلقة بالقطاع السياحي في السلطنة وآلية تفعيله والارتقاء به، والتحديات التي تواجهه.
من بين النقاط (العديدة) التي استوقفتني في هذا البيان:  قيام الوزارة بتوجيه المستثمرين المحليين والأجانب نحو الاستثمار في محافظات السلطنة الأخرى غير مسقط في ضوء المقومات والإمكانات السياحية المتنوعة في تلك الأماكن.
وبالرغم من ذلك فمازالت كثير من المواقع السياحية غير مستغلة، ومازالت عديد من المحافظات والولايات لا تسمع عن السياحة إلا اسمها، فلا نزل إيوائية مناسبة، ولا مطاعم أو متنزهات أو خدمات تفي بالغرض، ولا استغلال جيد للشواهد الأثرية كالبيوت القديمة والقلاع والحصون وغيرها. فأين الخلل؟ هل في المستثمر ذاته، أم في التشريعات والقوانين المتعلقة بتنظيم العمل السياحي، أم في الترويج الجيد للإمكانات الموجودة، أم في ضعف تكاملية الأدوار وازدواجيتها وتضاربها أحياناً بين المؤسسات الخدمية المختلفة؟
كما تناول البيان تضاعف عدد المنشآت السياحية الإيوائية وعدد الشقق والغرف الفندقية بنسبة تجاوزت (100%) خلال العشر سنوات الأخيرة.
والسؤال هنا: ألا يفترض مع تضاعف أعداد النزل الإيوائية أن تقل الأسعار، وأن تكون في متناول الطبقة المتوسطة على الأقل، وأن يحظى السائح العماني بمميزات خاصة عند رغبته في الاستفادة من خدمات تلك النزل كما هو الحال بالنسبة لمواطني كثير من الدول الأخرى.
ما يحدث هو العكس تماماً.. ومازلنا بحاجة ملحة وجادة إلى (صناعة) السياحة.

(2)
ومادمنا في السياحة فقد شدني الإعلان الذي قامت وزارة السياحة بنشره في عدد من وسائل الإعلام المحلية المختلفة حول التوجه لتطوير الواجهة البحرية بشاطئ الأشخرة، وهو أمر كتبت عنه شخصياً أكثر من مرة من خلال هذا المنبر ومنابر إعلامية أخرى نظراً لأهمية المنطقة من الناحية السياحية، وتوافر كثير من العوامل المساعدة لازدهار الحركة السياحية بها.
ومع تقديري وامتناني لهذا الجهد الجميل والمهم للوزارة، ودوره المستقبلي في إنعاش الحركة السياحية وما سيترتب عليها من أنشطة اقتصادية وثقافية وفنية مختلفة ، إلا أن ما أتمناه من الوزارة الموقرة أن تحرص جيداً على دراسة واقع المنطقة من الناحية الجغرافية والاجتماعية قبل البدء في عملية التطوير، وأن تستمع إلى ملاحظات بعض أبناء المنطقة حول أية مقترحات يرونها، وأن يتم الاستفادة في عملية التطوير من نماذج ناجحة لمدن سياحية عالمية تتشابه ظروفها الجغرافية مع الأشخرة، وأن تتاح الفرصة للفنان العماني كي يسهم في تصميم واجهات سياحية مستوحاة من بيئة المنطقة يمكن أن يستفاد منها في عملية التطوير.


(3)
غابت القضايا المتعلقة بحماية المستهلك وتوعيته وتثقيفه عن كثير من برامج المترشحين للمجالس البلدية، كما غابت (صراحة) عن اختصاصات المجالس البلدية، وأخيراً غابت حماية المستهلك عن تشكيلة المجالس البلدية للمحافظات.
 يأخذ الأمر بعدين (ربما) لا ثالث لهما: إما أن قضايا حماية المستهلك وتوعيته ليست بتلك الأهمية التي تتطلب الإشارة إليها في البرامج الانتخابية المختلفة، أو تعيين ممثل لها في هذه المجالس، وإما أنها عمل خاص بهيئة حماية المستهلك فقط لا علاقة للمجتمع به، بينما يتفرغ (بعضنا) لتوجيه الانتقادات المتوالية التي تتناول التقصير في حماية المستهلك، وكأننا لسنا جزءاً من مجتمع نشكل فيه الأب والابن والأم والمعلم والباحث والكاتب والقانوني والصحفي والتاجر والبرلماني والواعظ والخطيب والمسئول، ولكل منا مسئولياته وجهوده الخاصة تجاه هذه القضية.
دعونا (نفترض) أن الهيئة العامة لحماية المستهلك  لا تقوم بأي عمل (بتاتاً) في مجال حماية المستهلك، إذاً أين أدوارنا نحن المجتمعية في هذا المجال؟ أين تشريعات نوابنا في مواجهة الاحتكار؟ أين كتابات مثقفينا في توعية الناس بأسس التسوق السليمة؟ أين خطب أئمتنا في مجال نبذ الغش والاحتكار؟ أين؟ أين؟ أين؟
(4)
"في إطار المتابعة الدائمة للأسواق والعمل على ضبط المخالفات قام مأمورو الضبطية القضائية بالهيئة العامة لحماية المستهلك بمداهمة أحد محلات بيع الأعشاب الطبيعية ومستحضرات التجميل في ولاية السيب، حيث تمكنوا من ضبط كميات كبيرة من الكبسولات والمقويات الجنسية، والمستحضرات التي لا تحوي على بيانات إيضاحية عن المنتج وكميات أخرى كثيرة من الكريمات" .
مثل هذا الخبر لا ينشر للمرة الأولى، والسؤال الملح: كيف دخلت مثل هذه البضائع من المنافذ الحدودية.

(5)
أعلنت وزارة الأوقاف والشئون الدينية عن رغبتها في شغل (4500) من الوظائف المختلفة في القطاع الديني (الوعظ والإرشاد – تدريس القرآن الكريم – إمامة المصلين والخطابة) خلال الفترة القادمة.
في ظل الحديث عن أهمية ترسيخ الهوية الوطنية والقومية والإسلامية في ضوء تحديات العولمة والانفجار المعلوماتي الهائل في مختلف المجالات، أتمنى أن يقوم هؤلاء بجهود كبيرة في هذا المجال من خلال تأهيلهم التأهيل الفكري الثقافي والاجتماعي المناسب بحيث يتعدوا الأدوار الروتينية التي اعتدناها لبعض من يشغلوا مثل هذه الوظائف المهمة إلى أدوار أكثر تفاعلية تقوم على تغيير الخطاب الوعظي والإرشادي والخطابي بحيث يتواكب وقضايا المجتمع الفعلية، وترسيخ ثقافة التسامح والتعايش الايجابي والحوار واحترام الآخر. 

(6)
كثيراً ما نلقي باللوم على بعض الجهات التنفيذية، ونتهمها بالتقصير تجاه قضايا البيئة المحلية المختلفة، ولكنا نتناسى أن هناك دوراً تشاركياً مجتمعياً مهماً يجب أن نلعبه نحو المواطنين تجاه هذه القضايا، فدور الحكومة لن يكتمل بدون وجود دور فاعل من قبل أفراد المجتمع.
ما يقوم به البعض من لا مبالاة تجاه الاهتمام بنظافة البيئة المحلية، أو عدم الحفاظ على أنماط الحياة الفطرية، أو ضعف التقبل للتوجيهات البلدية المختلفة بشأن التعاطي مع بعض الجوانب البلدية والطبيعية، من شأنه أن يشوه الصورة الجميلة التي نتمنى أن تكون عليها بيئتنا، وسوف يقلل من كافة الجهود المبذولة من قبل الأطراف الأخرى، حكومية كانت أم مجتمعية.
لو قام كل منا بالاهتمام بنظافة المنطقة المحيطة بمنزله ولو لمرة في الأسبوع لأصبح لمجتمعنا شأن آخر، فما بالنا بكثير من الأعمال المجتمعية التطوعية التي هي في انتظارنا للقيام بها، وإذا لم تكن لدينا القدرة على فعل ذلك، فلنكف فقط عن أي سلوك قد يضير بالبيئة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.