الثلاثاء، 11 ديسمبر 2012

مشاهد وتساؤلات 8


(1)
انقطعت المياه عن عدد من أحياء العاصمة مسقط لمدة 3 أيام، فارتبكت حركة الحياة فيها، وعاش سكانها في (حيص بيص) لا يدرون شيئاً عما سيحدث في قادم الأيام، ولا يعلمون تحديداً متى ستعود (المياه إلى مجاريها).
مشهد كهذا تكرر أكثر من مرة في الآونة الأخيرة، فقد حدث قبل سنتين من الآن أن انقطعت الكهرباء عن ولايات جعلان الثلاث لمدة يومين مما اضطر بعض سكانها إلى استئجار نزل فندقية في بعض الولايات المجاورة، ويحدث أحيناً أن تتوقف حركة السير في بعض الطرق لساعات بسبب جنوح شاحنة معينة وقيامها بسد الشارع، وغيرها من المواقف المشابهة.
أن تنقطع خدمة مهمة كالماء أو الكهرباء لمدة يوم أو أكثر فهذه ظاهرة ينبغي التوقف معها بحزم وشفافية، وعلى الجهات المسئولة أن تتحمل المسئولية الكاملة  مهما كانت المبررات، وعلينا ألا نكرر نفس الخطأ الأبدي وهو أن ننتظر وقوع المشكلة ثم نبدأ في البحث عن حلول وقتية لها.
تحدث مثل هذه المواقف في الأيام العادية، فماذا نحن فاعلون أوقات الأزمات الطارئة لا قدر الله؟ يبدو أننا بحاجة إلى إعادة النظر في ثقافة (إدارة الأزمة).

 (2)
حوالي أربعين هدفاً وضعها أحد المترشحين لعضوية المجلس البلدي في برنامجه الانتخابي الذي قام بتوزيعه في الفترة الأخيرة.
بغض النظر عن عمومية معظم هذه الأهداف وعدم قبولها للتطبيق أو القياس أو التقييم، وبغض النظر عن أنها لم تتطرق إلى الجوانب الثقافية والفكرية والاجتماعية التي تعاني من قصور واضح في الاهتمام بها تفعيلها، إلا أن ما أتمناه من المترشحين لعضوية هذه المجالس أن يركزوا على أهداف محددة بعينها تتناسب مع إمكاناتهم وخبراتهم الفكرية والعملية والمجتمعية، وتكون قابلة للتطبيق، فلو تبنى كل مترشح فائز فكرة أو اثنتان كل سنة وسعى لتحقيقها، فهذا أفضل من وضع عشرات الأهداف لمجرد الرغبة في استثارة عواطف الناخبين، ودفعهم إلى ترشيحه مع علمه باستحالة تحقيق تلك كل الأهداف.

 (3)
انطلقت بالأمس فعاليات المؤتمر الدولي " الدور العماني في الشرق الأفريقي" والذي تنظمه جامعة السلطان قابوس ممثلة بمركز الدراسات العمانية وبالتعاون مع هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية.
المؤتمر يهدف إلى تسليط الضوء على الحضور العماني في الشرق الأفريقي، وجهود العمانيين في صنع حضارته، بينما تناقش محاوره قضايا عدة كالهجرات العمانية إلى شرق أفريقيا، ودور العمانيين في طرد المستعمر البرتغالي من هناك، ودورهم كذلك في تأسيس الإمبراطورية العمانية، وجهودهم في نشر الإسلام واللغة، ودراسة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للعمانيين في شرق أفريقيا، والجوانب الأدبية واللغوية المتعلقة بهذا التواصل، وغيرها من القضايا الأخرى ذات العلاقة.

مؤتمر كهذا يجب أن ينال الاهتمام الإعلامي الكافي، وأن يسلط الضوء على فعالياته وبرامجه بشكل يجعل أكبر شريحة من المجتمع تتفاعل مع أهدافه ونتائج أوراق عمله، في ظل الحديث عن تقصيرنا في حق جوانب كثيرة من تاريخنا الحضاري الضارب في الأعماق، وفي ظل جهل من قبل شرائح طلابية وشبابية بمدى الدور الكبير الذي لعبه أجدادهم في نشر الحضارة العربية الإسلامية بمختلف تجلياتها الفكرية والاجتماعية والاقتصادية في أنحاء مختلفة من الشرق الأفريقي والآسيوي.

(4)
يوم الأحد الماضي احتفل العالم بـ"اليوم العالمي لحقوق الإنسان" الذي يصادف العاشر من ديسمبر من كل عام، واحتفلت السلطنة به من خلال تخصيص صفحات صحفية تضمنت حوارات مع أعضاء اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، تحدثوا من خلالها عن أهمية اليوم، وعن حقوق الإنسان، والحريات التي كفلها القانون، وكرامة الفرد، وغيرها من الجمل والعبارات التي تصب في ذات الجانب.

لا أخفي عليكم أنني شخصياً حتى الآن لا أعلم بالضبط الدور الذي تقوم به اللجنة، ولا ماهية التعريف بحقوق الإنسان، فهل المقصود بعمل اللجنة هو متابعة أحوال المسجونين على ذمم قضايا جنائية سياسية أو حرية رأي مثلاً فقط، أم تتعداها لتشمل أعمالاً مجتمعية مختلفة تتناول حق الأفراد العاديين في الحصول على فرصة التعليم أو العمل أو المأوى المناسب وغيرها من الحقوق؟ وهل هناك إلمام واهتمام مجتمعي حقيقي بدور هذه اللجنة، وهل قامت اللجنة بالتعريف الكافي عن أدوارها وأعمالها المنوطة بها بشكل يجعل المجتمع يشعر بها ويلجأ إليها في كثير من القضايا التي تواجهه.
مجرد أسئلة خطرت على بالي، وقد تخطر على بال البعض كذلك.
  
 (5)
إنشاء (صندوق الزواج )هو من المطالب الاجتماعية المهمة التي كثر الحديث حولها في الفترة الأخيرة، خاصة بعد دخول كثير من المظاهر الاجتماعية السلبية المتعلقة بالزواج، من بينها الارتفاع غير المبرر في المهور، وإصرار البعض على تنظيم حفل الزواج في أرقى القاعات، وتجهيز (بوفيهات) الطعام التي لا تتناسب والمائدة العمانية المتعارف عليها في مثل هذه المناسبات، وشهر العسل ، و(الشنطة) التي لا تقل قيمتها عن (1000) ريال، وغيرها من المظاهر المستوردة، في ظل الحديث عن غلاء المعيشة، وارتفاع تكلفة البناء، وقيمة الإيجارات العقارية، مما جعل بعض الشباب يعزف – ولو مؤقتاً – عن الزواج.

 يمكن تفعيل هذا الصندوق  بشكل جيد على مستوى كل ولاية أو محافظة، من خلال وجود لجنة محلية تشرف على تفعيله، أو أن تتبناه المجالس البلدية القادمة، مع وجود مشاركة مجتمعية في تمويله، من خلال بعض رجال الأعمال، ومؤسسات القطاع الخاص، ومن خلال إشراف عام من قبل وزارة التنمية الاجتماعية، مع وضع الأسس والمعايير التي تنظم عمله،ومراعاة الالتزام بالعادات العمانية الأصيلة في المظاهر المتعلقة بالزواج.

 سيساهم هذا الصندوق في تشجيع الشباب على الانخراط في الزواج، وزيادة الوعي الأسري بقواعد تكوين الأسرة السليمة، والعمل على تحقيق الاستقرار الأسري في المجتمع.



(6)

كان لي شرف المشاركة في مهرجان الشعر العماني الثامن الذي تختتم فعالياته صباح اليوم في ولاية صحار، وذلك بتقديم ورقة عمل عبارة عن إضاءة فكرية حول سيرة الشاعر الراحل سعيد بن عبد الله الفارسي (ولد وزير).

ماقام به المسئولون عن تنظيم المهرجان ابتداء من سعادة الوكيل حمد بن هلال المعمري، ومدير المهرجان المهندس عاصم السعيدي ، وأعضاء لجان المهرجان المختلفة، كان مذهلاً ورائعاً بحق. قمة في التعامل، ورقي في التواصل، ونكران ذات عجيبة في سبيل إنجاح هذه الفعالية المهمة التي تنظم كل سنتين، وتشتمل على عديد من الفعاليات الفكرية والأدبية التي تضيف الكثير إلى المشهد الثقافي في السلطنة، وتحتفي بأسماء مهمة أسهمت في هذا المجال، وتفتح نقاشات فكرية لقضايا أدبية مهمة.

المهرجان نجح قبل أن يبدأ، وسيستمر نجاحه المستقبلي في ظل حرص القائمين عليه على تطويره والارتقاء ببرامجه وفعالياته.
شكراً لكم أيها الرائعون.  

د. محمد بن حمد العريمي
Mh.oraimi@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.