الأحد، 12 مارس 2017

في عيدها السادس..

ربّما لم تكن صدفة أن يتوافق موعد الإعلان عن فوز الهيئة العامّة لحماية المستهلك بجائزتين في مجال التطبيقات الذكيّة ضمن جوائز درع الحكومة الذكيّة التي تنظّمها أكاديميّة التميّز للمنطقة العربيّة خلال الاحتفال التي نظّمته الأكاديميّة في القاهرة تحت رعاية وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري بجمهوريّة مصر العربيّة يوم السابع والعشرين من فبراير، مع الإحتفال بمضيّ ستّة أعوام على إنشاء الهيئة تدفّقت خلالها إنجازات متوالية، وتحقّقت من خلالها أهداف متعدّدة.  

ما بين 28 فبراير 2011 تاريخ صدور المرسوم السلطانيّ السامي بإنشاء الهيئة، و27 فبراير 2017 تاريخ فوز الهيئة بجوائزها رقم 15 و16 على التوالي مسيرة قصيرة زمنيّاً، طويلة عمليّاً استطاعت الهيئة خلالها تحقيق تقدم نوعي وملموس على مختلف الاصعدة التشريعيّة والتنظيمية والميدانية من خلال رؤية صادقة، واستراتيجيّة طموحة تتوافق مع الاستراتيجية الوطنية للبلاد، تجلّى ذلك في أن تصبح خارطة طريق يشار لها بالبنان في كافة المحافل الدولية، ويطرق بابها العديد من المؤسّسات الإقليميّة والدوليّة للإستفادة من تجربتها الصادقة، ولسان حالهم يقول: كيف استطعتم إنجاز كل هذا خلال تلك الفترة الوجيزة!

كان الوطن هو الهاجس الأول لدى منتسبي الهيئة موظفين وقيادات منذ اليوم الأول لإنشائها، وكان توفير الحماية اللازمة للمستهلك وكفالة حصوله على أفضل الخدمات هو التحدّي الذي أصرّوا على كسبه، فكان الحرص على وضع وتطبيق السياسات والآليات التي تهدف إلى توفير بيئة استهلاكيّة سليمة وآمنة، من خلال سنّ التشريعات التي تحفظ حقوقه، وأعمال الرقابة على الأنشطة التجاريّة للحدّ من الممارسات السلبيّة التي يمكن أن تضرّ بصحّته وسلامته، وتنفيذ البرامج والأنشطة التوعوية التي تسلّط الضوء على حقوقه وواجباته، وتسعى لغرس ثقافة استهلاك سليمة.
وخلال مسيرتها الزمنيّة القصيرة والحافلة سعت الهيئة لخلق بيئة عمل اجتماعيّة مناسبة من حيث الاهتمام بتوفير المرافق التي قد تعين الموظّف على أداء مهمّته الوظيفيّة، والتقليل من مظاهر البيروقراطيّة التي هي سمة العديد من المؤسسات في الوطن العربي، كما حرصت على الاستفادة من التجارب الخارجيّة لدول وأجهزة ومنظّمات كان لها السبق في مجال حماية المستهلك، وأدركت أهميّة الشراكات المجتمعيّة مع مؤسّسات علميّة رائدة في مجال الدراسات والبحوث، وأدركت كذلك أهمّيّة المسئولية المجتمعية، والإيمان بالرسالة المنوطة التي تسبق الأداء الوظيفي، وأيقنت أن أهدافها لا تقتصر على الأهداف النمطيّة المتمثّلة في مجرّد الرقابة والتشريع وفرض المخالفات فقط، بل تتعدّاها إلى المسئوليّة والشراكة المجتمعيّة، والاهتمام بمنظومة القيم، فاتجهت إلى المجتمع منذ أوّل يوم لنشأتها، وسعت لدعم المبادرات المجتمعيّة ، وما حملة (خير الناس أنفعهم للناس)، أو مقترح (غذّ نفسك)، سوى أنموذج بسيط لذلك.

وخلال مسيرتها كذلك أدركت الهيئة أهميّة الإعلام كعامل رئيس ومهم في اختصار تحقيق الأهداف المنوطة، فكانت المطبوعات والكتيّبات التوعوية، وصفحة (المستهلك) الأسبوعية، ومجلة (المستهلك) الدوريّة، وصفحات الهيئة في مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، ونافذتها في موقع (سبلة عمان)، والمحاضرات التي تستهدف شرائح مجتمعيّة متنوّعة ابتداء برياض الأطفال وانتهاء بالمجالس العامّة، والتقارير الإخباريّة المصوّرة والمسموعة، والفقرات التلفزيونيّة والاذاعيّة المباشرة، بالإضافة إلى معرض السلع المقلدة ، والمعرض المتنقّل، وإعلانات الطرق والأماكن العامّة، تمكنت الهيئة بفضلها من تنفيذ قائمة طويلة من المواد والبرامج التوعويّة التي أثّرت ايجاباً في نسب إحصائياتها وبياناتها ومؤشراتها السنويّة.

قد لا تمتلك الهيئة العديد من الإمكانات المادّيّة التي تعينها على تحقيق كافّة أهدافها، فلا يزال هناك نقص في أعداد الكوادر الفنيّة المؤهّلة، ولا تزال المختبرات المتخصّصة غائبة عن خارطة مبنى الهيئة، وما زالت التشريعات المعينة على تطبيق العقوبات غير مكتملة، وقد لا تكفي الاعتمادات الماليّة المخصّصة لتنفيذ البرامج التدريبيّة والتوعويّة المختلفة، لكنّها سعت لتعويض كل ذلك بالروح المتوقّدة، والإرادة الصادقة، وبالتفكير خارج الصندوق، وهي الخلطة السرّيّة لما تحقّق من نجاح، فلم تقف عاجزة أمام كلّ تلك المصاعب والتحدّيات، بل مضت قدماً في تحسين وتطوير أعمالها وأهدافها من خلال مواكبة التطورات الحديثة في مجال التكنولوجيا، والاستفادة من أحدث ما تم التوصل إليه في هذا المجال في كافّة المجالات التي تخدم عملها، وتشجيع روح الابتكار والإبداع والتطوير اللامحدود، فتم توفير قنوات للتواصل مع الهيئة وتقديم البلاغات والشكاوى كمركز الاتصالات، وقاعات الشكاوى، والبوّابة الإلكترونيّة، وصفحات التواصل الاجتماعي، والبريد الالكتروني، وتم استخدام العديد من الأجهزة والتطبيقات والبرامج كتطبيق المستهلك الذكي، والجهاز الكفّي (ميدان)، ومرصد أسعار السلع، والموقع الالكترونيّ للاستدعاءات والتحذيرات، وغيرها من البرامج التي استطاعت اختصار الكثير من الجهد والمال.

عندما تفوز الهيئة العامة لحماية المستهلك بستّة عشر جائزة خلال مسيرتها الزمنيّة القصيرة، وعندما تضبط أكثر من خمسة ملايين سلعة مخالفة ما بين المقلّدة، والمزوّرة، والمغشوشة، والمخالفة للمقاييس وعندما تحلّ أكثر من ثمانين ألف شكوى وبلاغ، وعندما ينخفض عدد الشكاوى والبلاغات من 37408 في عام 2013 إلى 22091 في عام 2016، وعندما يبلغ رضا المستهلك أكثر من 80%بحسب آخر دراسة أعدّتها دائرة البحوث والدراسات في الهيئة حول مدى رضا المستهلك عن الخدمات التي تقدمها الهيئة، وعندما يتجاوز عدد المتابعين لصفحات الهيئة على مواقع التواصل الاجتماعي ما مجموعه أكثر من نصف مليون متابع متوزعين على حسابات وصفحات الهيئة المختلفة، قياساً بعدد السكّان، ونسبة متابعي الإعلام البديل في السلطنة، فإن كل هذا يعدّ دليلاً على مدى الثقة والعلاقة الوطيدة بين الهيئة والمستهلك، بعد أن راهنت عليه كخط دفاع أوّل، وكشريك لها في أداء عملها المجتمعيّ، ووجّهت له العديد من برامجها الإعلاميّة المختلفة، فأصبح كثير من المستهلكين أكثر حرصاً على حقوقهم المختلفة، وأشدّ رغبة في التعاون والمشاركة في تحقيق أهداف الهيئة بشكل مباشر أو غير مباشر .

تحيّة للهيئة العامة لحماية المستهلك في عيدها السادس، ومزيد من العطاء في قادم الأيام.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.