الثلاثاء، 14 فبراير 2017

مشاهد وتساؤلات 32

(1)
مع استمرار ارتفاع أسعار مشتقّات الطاقة، وفرض رسوم جديدة أو رفع أسعار رسوم بعض الخدمات، فإنّني للمرّة المليون أدعو إلى دراسة وتوقّع ردّة فعل قطاعات اقتصاديّة مهمّة كمقاولات البناء، وأصحاب سيّارات نقل المياه، وسيارات الأجرة، وسيارات توزيع الغاز، وغيرها من القطاعات المرتبطة بالخدمات المختلفة، وماذا لو قام هؤلاء برفع أسعار خدماتهم بشكل مبالغ فيه وتأثير ذلك على المواطن؟!
وللمرّة المليون كذلك أعيد وأقول إن مشكلة هذه القطاعات أنّها قطاعات غير منظّمة، بمعنى أنّه لا يوجد كيان قانوني ينظّم آليّة عملها، أو يتحدّث باسمها، أو يطالب بحقوق العاملين بها، وبالتالي من الصعوبة التحكّم في ردّة فعل العاملين بها تجاه أيّة أزمة أو قضيّة اقتصاديّة قد تحدث مستقبلاً، وهو أمر لاحظناه سابقاً في مواقف مختلفة.
الإشكالية أنّه عندما يقدّم أحدهم طرحاً كهذا يأتي بعضهم بكل ما أوتي من طاقة على الكلام ليتحدّث عن إشكاليات تنظيم هذه القطاعات، متناسياً كافّة الأضرار والتبعات التي يمكن أن تلحق بالمواطن جرّاء استمرار عشوائيّة العمل فيها، متجاهلاً أن إنشاء هذه الكيانات الاقتصاديّة المنظّمة حتى ولو كانت على هيئة شُعَب تابعة لغرفة التجارة والصناعة يخدم الاستقرار بكافة أشكاله في المقام الأول؛ حيث ستجد الحكومة من تتفاوض معه مستقبلاً في حالة رغبتها في إجراء بعض الإصلاحات الاقتصادية، أو تحرير أسعار بعض الخدمات والسلع.
(2)
ارتفعت حرارة ابني ليلاً بحيث لم تجدِ معه أيّة مسكّنات أو مخفّضات للحرارة، لذا كان لزاماً عليّ أخذه إلى أقرب مركز صحّي. ولمّا كانت المراكز الصحّيّة الحكوميّة ملتزمة بالحكمة الخالدة التي تقول (نم مبكّراً تصح مبكّراً)، ولما كان أقرب قسم طوارئ يبعد مسافة حوالي نصف ساعة عن البيت فقد اضطررت ككلّ مرّة إلى أخذه لمركز صحّيّ خاص كنت أحفظ عن ظهر غيب اجراءاته التي سيتّخذها!
ومع أن حالة ابني كانت تستدعي إعطاؤه خافضاً للحرارة، وحقنة مسكّنة، إلا أن الطبيب وكالعادة طلب من الممرضة عمل تحليل للدم لم يتكرّم بعد ذلك بشرح تفاصيله لي برغم إلحاحي، ثم أمر بمغذّ وريديّ، ثم أمر بعد ذلك بصرف كمّيّة من الأدوية التي تشرب وتبلع وتمصّ تكفي لتخدير ثورٍ تنزانيّ، على أن نعاود الرجوع بعد أسبوع للاطمئنان، ودفعت في ربع ساعة ما قيمته خمسة وعشرين من الريالات ما بين رسوم علاج، واستشارة، وتحليل، وأدوية!!
لست معترضاً أو متضايقاً من المبلغ الذي دفعته، فقد يتطلّب الأمر أحياناً أن ندفع مقابل خدمة قد لا تتوفّر في مكان آخر، أو لأن الأمر يستدعي بالفعل ما ندفعه، ولكن مكمن ضيقي واعتراضي هو تساؤلي حول جدوى ما دفعته! وهل استدعى الأمر بالفعل لكل ذلك، أم أن الأمر لا يعدو عن كونه (حلباً) لجيوب المرضى على اعتبار أنّهم لن يناقشوا ما سيأمر به الطبيب! وهل تعمَد (بعض) هذه المراكز الخاصّة إلى حيل كهذه من أجل الحفاظ على كياناتها قائمة!
وماذا لو قررت الحكومة أن تسحب يدها عن الخدمات الصحّيّة المقدّمة مجّاناً شيئاً فشيئاً! هل سيكون المواطن وقتها تحت رحمة لوبي جديد متمثّل في المراكز الصحّية ومعامل التحليل الخاصّة! إنني أتخيّل المواطن البسيط وهو حائر متنقّل بين هذا المركز وذلك المعمل، وهات يا أشعة وكشوف وتحاليل، وهات يا تخويف وتشكيك!
كلّي أمل وثقة أن حكومتنا لن تضعنا تحت رحمة هؤلاء مطلقاً مهما كلّفها الأمر.
(3)
بعد أن أعلنت إدارة معرض مسقط الدولي للكتاب الذي سيتم افتتاحه بعد أيام قليلة عن مواعيد زيارة المعرض، وفي ظل الإصرار الكبير منها على تخصيص الفترة الصباحيّة (عدا الجمعة والسبت) لطلبة المدارس، فإني أقترح على البعض خاصّة ممّن هو مرتبط بدوام مسائيّ أن يقوم بإعداد قائمة للكتب التي يحتاجها ويوصي أحد أقاربه من النساء أو طلبة وطالبات المدارس بشرائها!
حقيقة لم أستطع فهم سبب إصرار المسؤولين عن المعرض على تخصيص أغلب الفترات الصباحيّة (باستثناء السبت) لطلبة المدارس، على الرغم من كثرة الملاحظات والشكاوي الواردة من أصحاب دور النشر الذين يشتكون من قلّة حركة البيع والشراء صباحاً على اعتبار أن هؤلاء الطلبة لا يمثّلون قوّة شرائية كبيرة، فهذا ليس معرضاً خيريّاً أو تعريفيّاً أو توعويّاً بحتاً، بل هو معرض تجاريّ تدخل حسابات الربح والتجارة ضمن أهدافه الرئيسة، والمشاركون فيه يدفعون مبالغ كبيرة مقابل تنقّلاتهم وتذاكر سفرهم، ورسوم الإقامة والشحن واستئجار المكان! كما أنّ هناك من الباحثين والمهتمّين من تمنعه ظروفه العمليّة أو المكانيّة من الحضور مساءً فيسعى إلى استعاضتها صباحاً، أو هو بحاجة إلى فترة زمنية إضافيّة للتجوّل والانتقاء!
في كل المعارض الخارجيّة التي قمت بزيارتها لم أمنع مرة واحدة من دخول أيّ معرض بحجّة أنّه مخصص للنساء أو طلبة المدارس، وقضيت في آخر معرض قمت بزيارته قبل أسابيع قليلة ثلاثة أيام متوالية في زيارات تبدأ الساعة العاشرة صباحاً وتنتهي في السابعة مساءّ دون أن أجد لوحة تحدّد وقتاً لهذا أو تمنعها على ذاك، بل كنت أرى الجميع صغاراً وكباراً، إناثاً وذكورا، كل مشغول بانتقاءاته من الكتب المختلفة.
(4)
من منطلق (مكرهٌ أخاك لا بطل) قرّرت جلب عاملة منزل تساعد زوجتي في مهامّها المنزليّة بعد أن فاض الكيل واندلق، وعندما ذهبت لأقرب مركز سند للسؤال عن الشروط التي أنساها في كل مرة أقرر جلب عاملة كان من بينها تفعيل البطاقة الشخصية، وعندما عاودت سؤاله عن كيفيّة تفعيلها أخبرني أنه يمكنني ذلك إما بزيارة أقرب فرع للأحوال المدنيّة، أو بتفعيلها من خلال الأجهزة التي وفرتها هيئة تقنية المعلومات ضمن مبادرة "عمان الرقميّة"!
ارتحت للحل الأخير، وقررت الذهاب لأقرب مركز تجاريّ لتفعيل بطاقتي خاصة أن الخطوات كما تتبّعتها في شبكة البحث العالمي سهلة وبسيطة، فكانت الجولة على حوالي سبعة مراكز تجاريّة متفرّقة في أنحاء العاصمة مسقط، وفي كل مركز أدخله يكون الجواب من قبل مكتب الاستعلامات أنهم سحبوا الجهاز!
حاولت الاتصال بالرقم المجاني للهيئة فاكتشفت أنه لا يرد سوى في أوقات الدوام الرسمي! جرّبت توجيه سؤال لهم على (تويتر) فلم يأتيني ردٌ فوريّ! حرت واحتار دليلي معي. ماذا أفعل فأنا لا أعرف وشوشة الوَدَع، ولا أستطيع الذهاب إلى عرّاف من كهنة اليمن كي يدلّني على جهاز يعمل، ولم يكن أمامي سوى الاستعانة بالصبر والصلاة إلى أن انقضى اليوم وانتظرت الدوام الرسميّ بفارغ الصبر كي أعاود الاتصال بنفس الرقم المجّاني كي يجيبني أحدهم على سؤالي الملحّ: لماذا تم سحب الأجهزة، وأين ذهبت؟! وبعد محاولات عديدة كانت الإجابة أنّه تمّ سحبها لوجود أعطال عديدة بها، ولعدم تجاوب الشركة المشرفة على تشغيلها وصيانتها!!
وماذا عن شعارات الحكومة الإلكترونيّة؟! وماذا عن عمان الرقميّة؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.