الخميس، 8 مارس 2012

مواقف حياتية (24)

جريدة عمان - الخميس 8/3/2011

هذه مواقف حياتية نصادفها يومياً.. نعرضها ليس من باب النقد، ولكن من أجل أن تكون الرؤية أكثر جمالاً ووضوحاً.
(1)
في الوقت الذي يخصص فيه إعلامنا المرئي والمسموع والمقروء مساحات مختلفة للتعبير عن الشكاوى والملاحظات والمطالبات المجتمعية المختلفة، والتي يغالي (البعض) فيها لدرجة شعورك وأنت تطالع تلك الشكاوى والمطالبات بأن الصورة المرسومة عن واقع الخدمات والمنجزات هي صورة قاتمة يسودها القصور، فهل يمكن أن نرى برنامجاً معاكساً  يستعرض الجوانب الايجابية التي نلمسها كل يوم في حياتنا كالإشادة بخدمة حكومية معينة، أو استحسان تصرف مسئول ما، أو الحديث عن سلوك حياتي جميل قام به شخص أو مجموعة ما، أو تثمين إقامة مشروع مجتمعي أو حكومي من شأنه أن يخدم شريحة مهمة من المجتمع...ألخ.
بدون المناقشة الجدية والهادفة لمشاكلنا وقضايانا المختلفة فإننا لن نستطع التوصل إلى حلول ناجعة لها، ولكن علينا ألا نطيل النظر في النصف الفارغ من الكأس فقط.
 (2)
في الوقت الذي كان فيه مقدم البرنامج الإذاعي الصباحي (والذي أكن له كل التقدير) فرحاً بتفاعل البعض مع الحالة الإنسانية  لإحدى المتصلات التي تحدثت عن ظروفها الصعبة وعن عدم وجود مسكن مناسب لها ولعائلتها، فإن هذا الأمر أثار حزني وضيقي الشديد، فبالتأكيد لم تكن لهذه المرأة أن تتصل وتعرض لمشكلتها وحاجتها أمام مسمع من الكل لولا الحاجة الماسة، ولولا أنها سلكت كافة السبل الأخرى قبل أن تقدم على هذه الخطوة.
آلام الآخرين لا يمكن أن تكون مسرحاً نستعرض فيه تمسكنا بالقيم،ومدى حرصنا على التكافل الاجتماعي ، ولو كان هناك تكافل (حقيقي)،ومسئولية وظيفية من قبل الجهة التي يهمها الموضوع  لما رأينا هذه الحالة وأمثالها.
لماذا ننتظر وقوع المشكلة ثم نفكر في حلول عشوائية متسرعة لها؟
(3)
يتحفنا الصحفي النشط علي بن صالح  الحبسي بموضوعات صحفية جميلة كل أسبوع عن عدد من القرى والحارات والمنازل الأثرية، ينقلنا من خلالها إلى عوالم جميلة من  الإثارة مع تاريخ هذه الشواهد الذي عايش بعضنا متعة الحياة فيها في فترة زمنية سابقة، ومازال البعض يعيشها حتى الآن.
شخصياً أتمنى على زميلي العزيز أن يقوم بتجميع هذه المادة الصحفية  المهمة كي تكون تذكاراً في ظل الإهمال التي تلقاه كثير من هذه الشواهد، والخشية من فقدانها جميعاً ذات يوم، بحيث لا يجد الجيل القادم ما يتذكره عن بلده سوى أنه كان هنا في يوم ما شواهد تحكي عن تاريخ ضارب في العراقة والقدم، وأجيال ضحت كثيراً من أجل بناء هذا التاريخ.
آمل أن تصلني قريباً نسخة من موسوعة (الحارات العمانية القديمة) لمؤلفها علي بن صالح الحبسي، على أن تتولى وزارة التراث والثقافة أو وزارة الإعلام أو أية جهة أخرى يهمها تاريخ البلد، التكفل بكل ما يتعلق بعملية إخراج هذه الموسوعة إلى النور.
(4)
" إحباط محاولات تهريب 13 طناً من الأسماك  في المنافذ الحدودية  خلال شهري يناير وفبراير ".
عند قراءتي لهذا الخبر في عدد من الصحف المحلية تذكرت الكميات الكبيرة والمتنوعة من الأسماك التي كنت أراها في بعض مصانع شحن وتعليب الأسماك في بعض ولايات محافظة جنوب الشرقية التي تشتهر سواحلها بالإنتاج السمكي، والتي لم أكن أجد لها أ ثراً عند قيامي بالتوجه لأقرب سوق لبيع الأسماك في تلك الولايات.
تمت الإشارة  أكثر من مرة في مقالات سابقة لموضوع كهذا، وخطورته على الاقتصاد المحلي ، وعرض البعض في عدد من المنتديات الإلكترونية  لصور توضح عمليات بيع الأسماك العمانية في بعض الأسواق المجاورة.
المراقبة المستمرة، وعدم التهاون في تطبيق اللوائح المنظمة لعمليات حظر تصدير بعض أنواع الأسماك من شأنه أن يحد من هذه الظاهرة، علماً بأنها غير مقتصرة على قطاع الأسماك فقط، بل تتعداها لتشمل قطاعات أخرى كاللحوم العمانية التي يتم بيعها في الأسواق المجاورة لاستخدام عظامها كحساء لهجن السباق في الوقت التي لا يجد المواطن العماني هذه اللحوم، وإن وجدها فقد يقترض من أجل شرائها.
(5)
(أبو وردة ..والعالم في خطر). عبارة قرأتها على جانب إحدى السيارات الشبابية، وهي لا تختلف عن كثير من العبارات المشابهة التي يكتبها البعض على جدران البيوت، وجوانب السيارات، وواجهات بعض المباني.
ترى من هو الذي في خطر. هل هو "أبو وردة" الذي ربما لم يجد من يقول له إن لديه إمكانات وطاقات خلاقة يمكن أن يستغلها في جوانب أكثر أهمية ونفعاً وارتقاءً بشخصيته ، أم هو المجتمع الذي لم يستطع أن يقنع "أبو وردة" وأمثاله أن ما يقومون به من سلوك كهذا يتناقض مع مبادئ السلوك الذي ينبغي أن يتحلى بها الفرد، ويتعارض مع أساسيات المواطنة الحقة التي تحث على الحفاظ على نظافة البيئة المحلية وعدم تلويثها بعبارات كهذه.
يبقى  السؤال الذي مازال يشغلني ويرهق تفكيري وهو: ماذا يقصد أبو وردة بعبارته هذه؟ مجرد فضول لا أكثر.
(6)
في كل يوم أقرأ عن مبادرات ومشاريع تربوية واجتماعية واقتصادية مهمة تقوم بعض المدارس والمؤسسات المختلفة بتنفيذها، سواء كانت من بنات أفكار هذه المؤسسات والعاملين بها، أو استيحاءً من أفكار مشاريع  رائدة قامت جهات محلية أو خارجية بتنفيذها ولاقت نجاحاً كبيرا.
السؤال المهم هو لماذا لا تقوم إحدى الجهات بتجميع خلاصة هذه المشاريع وخطوات تنفيذها، ومن ثم يتم تعميمها كي يتم الاستفادة منها، خاصة وأن كثير من هذه المشاريع تسلط الضوء على قضايا مجتمعية مهمة وتعرض خطوات  قد يسهم تطبيقها في الحد من كثير من المشاكل التي يعاني منها المجتمع.
(7)
بعد معاناة قصيرة مع المرض، غيَب الموت الأديب والشاعر والتربوي  والراوية وجامع الفلكلور عبد القادر الجيلاني بعد رحلة عطاء قاربت الستين عاماً حفلت بكثير من الانجازات الجميلة على مختلف الأصعدة التربوية والكشفية والأدبية والمجتمعية.
عبد القادر بن محمد الجيلاني تَأبّطَ ذَاكِرتَهُ.. ورَحَل.
سقى الله قبرك رحمات وزخات من المطر والخشوع والطمأنينة أيها الرجل الكريم.
(8)
من أبيات للراحل عبد القادر بن محمد الجيلاني في قصيدته "وثيقة عهد":
زهر تضوع، فاح الطيب تاليــه 
                                   والطير غـرد لحن الورد يسجيه
ورد تـعطر بالأرجاء نفحتــه   
                                   شـدو البلابل معنى الحب يشجيه
والبحر يحكي من الأمواج ملحمةً  
                                   ذكـــر الربابنة الأفذاذ يطريه
كم أبحرت في شراع المجد مبحرة 
                                   سفائن الخير كل الخيـر تجبيـه
سل البحار عن الآباء وما صنعوا 
                                   قم حدِّث الابن عن موروث أهليه


د.محمد بن حمد العريمي
Mh.oraimi@hotmail.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.